القدس المحتلة / سما / رأى المحلل للشؤون الإستراتيجيّة في موقع (WALLA) الإسرائيليّ، يوسي ميلمان، أنّ نتائج الانتخابات العامّة في الدولة العبريّة أكدت بشكل غير قابل للتأويل بأنّ محاولات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لإخافة الإسرائيليين من التهديد النوويّ الإيراني لم تنطل على السواد الأعظم من الجمهور، لافتًا إلى أنّ أيّ تشكيلة للحكومة القادمة يؤلفها نتنياهو لن تكون قادرة على اتخاذ قرار بتوجيه ضربة عسكريّة لإيران، وبالتالي، أضاف ميلمان، فإنّ القرار النهائيّ في هذه القضية: الهجوم العسكريّ أوْ عدمه انتقلت بشكل رسميّ ونهائيّ إلى الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما. وأشار إلى أنّ تصريحات نتنياهو، يجب أن تؤدي إلى استنتاج واحد واضح: إسرائيل ستفعل كل ما في وسعها بما في ذلك استخدام القوى العسكرية كي تمنع إيران من تحقيق قنبلة نووية أولى. سطحيًا، أضاف المحلل، هذه هي السياسة الإسرائيلية المعلنة، ولكن فحصًا للحقائق يبيّن صورة مغايرة جوهريًا، ذلك أنّ الدولة العبريّة ستجد صعوبة شديدة في تدمير البرنامج النووي الإيرانيّ أوْ حتى إبطائه. صحيح، لمن ينصت إلى تصريحات نتنياهو والى التداعيات التاريخية التي يستخدمها، لا يبقى شك: السلاح النووي بيد إيران سيكون تهديدًا وجوديًا وإسرائيل لن تحتمله، مذّكرًا بتصريحه في نيسان (أبريل) الماضي: لن نسمح لناكري الكارثة بتنفيذ كارثة ثانية للشعب اليهوديّ، وكرر ذلك في صيغة مشابهة في مناسبات أخرى. ولفت إلى أن لهذه الفرضية سوابق تاريخية، لمرتين دمر طيارو سلاح الجو منشآت نووية في دول عربية معادية، لمنعها من التسلح بسلاح نووي. في المرة الأولى عام 1981 عندما دمّروا المفاعل النوويّ العراقيّ، حيث كان هذا هجومًا وقائيًا كلاسيكيًا، يرمي إلى منع صدام حسين الطموح من إنتاج سلاح نووي. كما كانت هذه هي المرة الأولى التي تدمر فيها دولة منشأة نووية لدولة أخرى. وتابع أنّ الزعيم الذي في صالحه ينبغي أنْ يعزى القرار الجريء بالهجوم كان رئيس الوزراء في حينه، مناحيم بيغن، الذي عمل ضد كل الاحتمالات: كان عليه أنْ يتغلب على معارضة الفكرة من جانب الوزراء، الجنرالات في هيئة الأركان وكبار المسؤولين في الاستخبارات ممن خشوا من رد فعل العالم العربيّ ومن التنديدات الدوليّة. ولكنّ بيغن لم يخف من أصوات المعارضين وأقرّ بحزم القرار في الحكومة. وكمن جسّد تجربته الكارثة، لا مرة ولا مرتين استخدم تعبير: ليس مرة أخرى أبدً، أبدًا لن يقف مرة أخرى الشعب اليهودي أمام تهديد وجوديّ، وقال ميلمان أيضًا إنّ تصريحات نتنياهو هي كالصدى لصيغ بيغن، ففي نظرة إلى الوراء، بعد الهجوم في العراق. وصف محللون قرار رئيس وزراء إسرائيل وإيمانه المتشدد بأنّه (عقيدة بيغن)، وأعطوه معنى استراتيجيّ، وشرح المحللون بأنّه من حيث الجوهر يقضي هذا المفهوم بأنّ إسرائيل الذي يعتقد كل العالم بأنّ لديها سلاحًا نوويًا لن تسمح أبدًا لدولة أخرى في الشرق الأوسط بأنْ تملك مثل هذا السلاح، الذي سيهدد أمنها. وكشف ميلمان النقاب عن أنّه في المحادثات خلف الكواليس تختلف لهجة أصحاب القرار في القيادة العسكريّة والسياسية اختلافًا تامًا، ذلك أنّهم يفهمون المصاعب الإستراتيجيّة العسكريّة، السياسيّة والاقتصاديّة التي سيجلبها معه القرار بمهاجمة إيران. وساق المحلل قائلاً إنّ أحد أوائل من عبّروا عن هذا النهج الواعي هو الجنرال احتياط يسرائيل شابير، الذي تبوأ قبل بضع سنوات المنصب الثالث في أهميته في سلاح الجو وشارك في الهجوم على المفاعل في العراق، حيث قال للمحلل إنّ سلاح الجو الإسرائيليّ سيجد صعوبةً في أنْ يعيد تمثيل نجاحه في العراق بنجاح في إيران. وأضاف شابير أنّ الإيرانيين استخلصوا الدروس من الهجوم على المفاعل النووي في العراق. في العراق كل البرنامج النووي تركز في المفاعل. ولكن بالمقابل نثر الإيرانيون المنشآت النووية في أرجاء الدولة. بعضها توجد في القسم الشرقيّ، وقد حصّنوا منشآتهم بحيث أنهم بنوها تحت الأرض أو أقاموها في الخنادق المحصنة، وبكل الاستقامة والصدق، ليس لسلاح الجو قدرة إستراتيجيّة حقيقيّة على قصف أهداف بعيدة لفترة زمنية طويلة في ظل استخدام قدرة التسلح اللازمة لذلك، على حد تعبيره. وخلص الجنرال إلى القول إنّه بات واضحًا بأنّ قوة عظمى ذات قدرة إستراتيجيّة كالولايات المتحدة فقط يمكنها إن تهاجم النوويّ الإيراني، علاوة على ذلك، لفت المحلل إلى أنّ قائد سلاح الجو ورئيس الأركان الأسبق، دان حالوتس، كتب مؤخرًا في كتابه (بمستوى العيون) إنّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ هو مشكلة عالميّة، ووقوف إسرائيل في الجبهة لا يجدي في معالجة الموضوع. وحسب أقواله بسبب تعقيد المشكلة الإيرانيّة، سيكون من الصحيح أن تعالجها دول أخرى. وقال ميلمان أيضًا إنّه ليس فقط رجال سلاح الجو في السابق وفي الحاضر يدّعون بأنّ الواقع صعب من ناحية إسرائيل، فالتعرف على طبيعة وسلوك معظم أعضاء القيادة السياسيّة والعسكريّة في إسرائيل يؤدي أيضًا إلى الاستنتاج بأنّهم يعرفون قيود القوة الإسرائيلية. وخلص ميلمان إلى القول إنّه بناءً على ما تقدّم فإنّ القرار بالنسبة لإيران لن يتم اتخاذه في تل أبيب، بل في واشنطن، والرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، وليس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، هو الزعيم الذي سيُقرر ماذا بالنسبة للبرنامج النوويّ الإيرانيّ، وإذا قرر تصعيد المقاطعة على إيران بما في ذلك حظر التجارة معها، فإنّ من شأن ذلك أنْ يدفع طهران إلى التنازل، وإذا رفضت التنازل، فإنّ الرئيس الأمريكيّ سيقف أمام السؤال المفصليّ: أنْ يُهاجم أمْ لا؟ هل سيسمح لها بمواصلة برنامجها والعيش في كنف المظلة النوويّة الإيرانيّة، أمْ شنّ الهجوم العسكريّ ضدّها لتدمير برنامجها النوويّ، على حد قوله.