خبر : في انتظار حكومة نتنياهو لبيد ومبادرة أوروبية .. أم في انتظار المصالحة ؟! ..مركز اطلس للدراسات العبرية

الإثنين 28 يناير 2013 01:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
في انتظار حكومة نتنياهو لبيد ومبادرة أوروبية .. أم في انتظار المصالحة ؟! ..مركز اطلس للدراسات العبرية



غزة / سما / هدأ الغبار السياسي في اسرائيل الذى أحدثته جلبة الانتخابات العامة، وأصبح المشهد الإسرائيلي أكثر وضوحاً، على الرغم من بعض الغموض الذى لازال يكتنفه على المستوى السياسي بحكم رغبة اللاعب الجديد لبيد في أن يبقى نفسه محاطاً ببعض الغموض، ففي الغموض سحر وجاذبية، وفيه يكمن بعض سر القوة التفاوضية، ويمنحه القدرة على اجراء مفاوضات ائتلافية غير محسومة نتائجها وخطوطها الحمراء سلفاً، غير أن الاتجاه العام لحكومة نتنياهو لبيد القادمة على المستوى السياسي  أضحى معروفاً ويمكن توقع خطوطه العريضة.  وقال مركز أطلس للدرسات الاسرائيلية إن الحكومة القادمة ستستند في برنامجها السياسي إلى محاولة علاج أزمة العلاقة مع أوروبا وأمريكا الناتجة عن رفض الحكومة السابقة اعطاء أفق سياسي حقيقي لعملية السلام، وستستند أيضاً إلى أن الوصول إلى حل سياسي أمر غير قابل للتحقق في السنوات القادمة، فالمهم هو إدارة الصراع ومحاولة تبريد الاحتكاك والتوتر مع الفلسطينيين، بحيث لا تتحمل اسرائيل مسئولية تدهور الحالة المأزومة وانفجارها، علاوة على التصدي لنزع الشرعية ونبذ اسرائيل، ومحاولة تحميل السلطة مسؤولية جمود عملية السلام واظهارها أنها غير جادة فيما تقول من التزامها بالمفاوضات كسبيل وحيد لحل الصراع، أي أن برنامج حكومة نتنياهو لبيد السياسي هو مجرد علاقات عامة ربما ستتسم ببعض الجرأة هدفها الأساسي عرض اسرائيل كباحث جدى عن حل واظهار رفضية السلطة، بهدف أن تحظى اسرائيل مجدداً بمظلة التعاطف الدولي، وهذا ربما سيجعل القيادة الرسمية الفلسطينية تقف أمام اختبار عسير، لاسيما اذا ما انطلى أمر هذا التوجه الإسرائيلي على الدول الغربية، وهذا يبدو سيحظى باحتمالية كبيرة، وهو يشبه ما حدث من احتضان دولي لشارون بعد اعلانه الانسحاب أحادي الجانب.  إن الحكومة الإسرائيلية وهي في طور التشكل الآن، والتي سيكون لبيد الشريك الرئيسي فيها الى جانب نتنياهو ستركز على أجندة إسرائيلية مدنية تشمل المساواة في العبء الأمني والاسكان وعجز الموازنة، أي التركيز على أجندة لبيد الانتخابية الذى يقول انه جاء للتغيير ولترسيخ نمط سياسي جديد في الحياه الحزبية يقوم على الالتزام بالشعارات الانتخابية، وهو يدرك أنه ان لم يلتزم بها فإن ناخبيه سيتركونه وسيفقد رصيده بشكل سريع، لأن الجمهور الذى ترك أحزابه التاريخية العريقة  ومنحه الثقة انما اعتمدوا على ما بثه فيهم من قيم النزاهة والصدق وغير ذلك، كما انه أي لبيد وهو يميني ليبرالي يدرك أن جزءاً كبيراً من مصوتيه جاءوا من اليمين، وان قاعدته الانتخابية ليس من أولوياتها الصراع وخيارات التسوية، كما أن لبيد نفسه يؤكد في برنامجه السياسي على وحدة القدس كعاصمة موحدة وضم الكتل الاستيطانية، أي ان برنامجه السياسي لا يختلف عن رؤية نتنياهو السياسية الا بطريقة العرض والتسويق.  أي أن ما كان سياساً على المستوى الإسرائيلي في الجوهر هو ما سيكون في الحكومة القادمة مع اختلاف في درجة التسخين، والكثير ربما من الكلام المعسول عن نوايا السلام، ولن يكون لبيد اكثر من ورقة توت أخرى أو المبيض الدولي لحكومة نتنياهو السوداء. أوروبا وأمريكا لا تغيير في المواقف  سمعنا وقرأنا الكثير عن الرغبة الأوروبية في الاستعداد لتقديم مبادرة، وعن تدهور العلاقة بين نتنياهو وأوباما، والكثير من التسريبات التي سبقت الانتخابات، ومعظمها كانت الصحافة الإسرائيلية مصدرها، ونحن لأننا نستهلك الاعلام الإسرائيلي بدون فلترة قد روجنا لذلك وكتب الكثير من الكتاب عما ينتظر حكومة نتنياهو من تحديات قد تصل لفرض عقوبات أو فرض مبادرات، لكن هذا شيء من الأماني لا يعكس الحقيقة، فأن هدف التسريبات كان للتأثير على نتائج الانتخابات، عبر المبالغة في مسؤولية نتنياهو عن عمق تدهور علاقات اسرائيل الدولية وعما ينتظرها في حال فوزه.  اننا لا ننكر أن العالم كان يفضل أي شخص آخر على نتنياهو لأن سياساته الفظة تظهر عجزهم وتهدد مشروعهم للتسوية، لكن القاعدة هي الانحياز لكل ما هو إسرائيلي، أمريكياً وأوروبياً، فأوروبا التي تظهر على أنها نصيرة للحقوق الفلسطينية امتنعت معظم دولها عن التصويت لصالح الحق الفلسطيني، وتعاطفت مع العدوان الإسرائيلي على غزة، وأوروبا التي تقول ان الاستيطان عقبه أمام عملية السلام نراها تدعم الاستيطان من خلال أنها تستورد من بضائع المستوطنات خمسة عشر ضعفاً مما تستورده من الأراضي الفلسطينية، فكيف يستوى هذا مع منطق ادانة الاستيطان.  والحقيقة الأهم أن الموقف الأوروبي لازال على يمين مواقف بعض الاحزاب والشخصيات الإسرائيلية، وهو عادة يلتقط كل ما تلقيه لهم الحكومات الإسرائيلية من باراك حتى شارون وأولمرت، فالمهم لأوروبا كما لقوى المركز الإسرائيلية هو استمرار عملية السلام كعمليه بعيداً عن السلام كجوهر ونتيجة.  أما الموقف الأمريكي فهو غنى عن التعريف بمدى انحيازه للموقف الإسرائيلي، بغض النظر عمن يكون على رأس الحكومة الإسرائيلية، وبغض النظر عمن يجلس في البيت الابيض، وعن طبيعة العلاقة الشخصية بينهما، فلإسرائيل لوبي وأغلبيه كبيرة في مجلسي الشيوخ والنواب تضمن مصالحها وتضمن تمتعها بحصانة كبيرة، يلخص ذلك د. وليد الخالدي يتحدث عن مبدأ ينظم العلاقة بين واشنطن وتل ابيب مبدأ "لا بصيص من نور النهار بين موقفي تل أبيب وواشنطن" أي عدم جواز وجود أي ثغره بينهما ووجوب تطابق سياساتهما تطابقاً تاماً، ويستبعد معه أي نزاع بينهما يمكن أن ينتج عن قيام واشنطن بدور الحكم او الوسيط النزيه.  وهذا ما أكده جون كيري وزير الخارجية الجديد، حيث قال في استجواب التعيين "ربما سنتمكن من استئناف الجهود لجلب الطرفين الى المفاوضات المباشرة، نحن نؤمن بأن ما ينبغي أن يحصل هو مفاوضات مباشرة بين الطرفين، يكون فيه تناول للتسوية الدائمة بينهما في محاوله للوصول الى حل الدولتين" أي لازالت واشنطن تشترط أن تكون المفاوضات مباشرة بدون مرجعيات، ما يعنى العودة لتجربة ما تم تجريبه.  بين خيار المصالحة أو انتظار المبادرات  من الواضح أن كل ما يروج له من مبادرات جادة ليس الا مجرد سراب وأوهام، لا يجب أن ننخدع بها أو تنطلي علينا، فلم يعد لدينا ترف الوقت للانتظار والبناء على أوهام, فلا أوروبا المغيبة والمسبية بإرادتها يمكن أن نشد ظهرنا إليها، كما أن أمريكا لن تتحول إلى صديق، فالمبادرات وتغيير الموقف الأمريكي لن يأت اذا لم نفعل ما يضطرهم إلى ذلك.  المصالحة أهم من المراهنة، فهي تقدم إنجاز مضمون وورقه قوةـ وتعجل ما يمكن أن يأتي، بل وتعظمه، فالمصالحة وإنهاء الانقسام هي صاحبة الأولوية الاولى، فترتيب البيت الفلسطيني يجب أن يكون اولاً وقبل كل شيء، فلا بد من أن تدرك اسرائيل قبل غيرها ان للفلسطينيين عنوان واحد يستند إلى إجماع شعبي قوى وإلى إرادة حقيقية في النضال من أجل الدولة التي تشكل ثابت الكل الفلسطيني. والمصالحة هي الكفيلة بتعظيم الانجاز الفلسطيني ورفده بالطاقات والحيوية والابداع، وهى الكفيلة أيضاً بقطع الطريق على أي مشاريع تريد النيل من مشروعنا الوطني.