ذهول ألمّ بالجميع أمام الصعود في الاستطلاعات في صالح نفتالي بينيت. المحللون، الخبراء والسياسيون لا يفهمون من أين جاء هذا. ولا سيما ذهل كبار رجالات الليكود الذين لم يتصوروا ان يأتي الخطر الاكبر على كراسيهم بالذات من اليمين. غير أن احدا ما كان ينبغي له أن يتفاجأ. نحو ثلاثين سنة من حكم الليكود علمت معظم مصوتي اليمين بانه يجب ايجاد بديل مناسب لليكود، بديلا يقودهم فكريا، ولكن على أن يكون متماسكا ايديولوجيا ومستقيما. الليكود يوجد في الحكم، على نحو متواصل تقريبا، منذ العام 1977. يوجد في الحكم، ولكنه لا يحكم حقا. شباب اليمين يعرفون جيدا بان معظم رؤساء هذا الحزب يأخذون بشكل منهاجي أصواتهم – ويجسدون سياسة معاكسة. بيغن في سيناء، شارون في فك الارتباط ونتنياهو في تجميد البناء وفي الدولة الفلسطينية. هذا ناهيك عن المسؤولين الكبار الذين غيروا جلدتهم السياسية حتى وهم في صفوف الحزب، وبالطبع حين خرجوا منه: شارون، اولمرت، لفني، موفاز وغيرهم وغيرهم. كلهم نشأوا في حضن الليكود. في البداية سطوا على اصوات مصوتي الحزب، وبعد ذلك استخدموا الاسم الذي جمعوه كي يقيموا احزابا يسارية منافسة. ويعرف جمهور مصوتي اليمين نتنياهو جيدا. فهو يتذكر الشكل الذي عانق فيه عرفات بعد اضطرابات نفق المبكى، اتفاقات واي والخليل، بقاءه في حكومة فك الارتباط حتى اللحظة الاخيرة، بما في ذلك التصويت الى جانبه في الكنيست. وهو يتذكر الخطابات التي يتطاير منها الشرر في مركز الليكود ضد الدولة الفلسطينية، تعهداته في صالح الاستيطان عشية الانتخابات قبل أربع سنوات، وفي اليوم التالي – خطاب بار ايلان، تجميد الاستيطان، وقف البناء في القدس، الخضوع للنيابة العامة وتذويب تقرير ليفي. جمهور ناخبي اليمين يتسع وهو يفهم بان معظم قادة الليكود يخافون من الحكم. هم يخافون من تجسيد مذهبهم الفكري، ويعملون انطلاقا من الشعور العميق بالدون تجاه اليسار. اسحق رابين قاد اتفاقات اوسلو باصوات العرب، من داخل حكومة أقلية وفي ظل سرقة مقاعد فاسدة من "تسوميت". اما قيادة الليكود فلا يمكنها أن تفكر حتى بحكومة ضيقة مع "شركائها الطبيعيين". نواب ووزراء الليكود، الكثير منهم اناس طيبون ومثاليون، يتعاطون مع التسرب يسارا فور الانتخابات كقوة من الطبيعة. في الماضي كان مطوقون، قوة 17 وبعدهم من جعل صعبا على رؤساء الحزب اجتياز الخطوط. وفي الولايات الاخيرة ايضا صدت من الداخل مبادرات نتنياهو الهدامة. ولكن في كل ولاية الحقائق تشير الى اليمين – وقادة الليكود يسعون الى اليسار. والان ايضا، قبل اسبوعين من الانتخابات، اكثر من نصف اعضاء قائمة الليكود يعارضون الدولة الفلسطينية، ومع ذلك – فان نتنياهو يتوجه الى الصناديق مع رؤيا الدولتين على الشفتين. وحتى فايغلين، دانون، لفين وحوتوبيلي لا يوقفونه. حقيقة أنه حتى اليوم لم يصعد حزب يميني بديل ينبع فقط من اسباب شخصية وتسويقية، ببساطة لانه لم يكن هناك بديل. وفجأة جاء نفتالي بينيت، يعرض ايديولوجيا مشابهة وربما مماثلة في داخل اطار معقول ومحترم، وها هو كل الفارق. صحيح أن الارتفاع يرتبط ايضا بالموضة والجاذبية الجنسية، ولكن – هذه ليست حقا القصة. المجتمع الاسرائيلي يتغير. فقد أثبت الواقع لكل انسان يفكر بان اليمين محق على طول كل الطريق والمعسكر اتسع وتعزز – ديمغرافيا، فكريا وثقافيا. الكثيرون في هذا المعسكر لم يعودوا يوافقون على أن يقودوهم من الانف. وهم يبحثون عن حزب مصداق ومتماسك ايديولوجيا واذا لم ينجح الليكود في أن يقنع بانه هكذا، فان الاستطلاعات الحالية هي مجرد البداية.