وُجد مرشحون كثيرون وجيدون لمنصب وزير الدفاع الامريكي وقد كان تشاك هيغل الاختيار الطبيعي عند الرئيس اوباما. فهو جمهوري وانفصالي سافر، ويؤيد ايضا تقليصا مفرطا لميزانية الدفاع ويعارض ايضا مغامرات وراء البحر (ومنها ايران). وقد كدنا ننسى انه ايضا ذو "أفكار أصيلة" كما وصفه اوباما ويعبر عن أصالته انتقاده السافر لاسرائيل وجماعة الضغط اليهودية. واذا لم يكن هذا كافيا (وهو كاف للادارة الحالية)، فان تعيين السناتور السابق من نبراسكا يشبه اصبعا في عيون خصوم اوباما من المعسكر الثاني ممن يتمسكون بمواقف صقرية سافرة. فلهيغل باختصار جميع المعايير المطلوبة للرئيس اوباما في ولايته الثانية، فلو لم يكن هيغل موجودا لأوجده اوباما. سيجب على هيغل ان يمر بمساءلة في مجلس الشيوخ قبل ان يدخل مكتبه في وزارة الدفاع الامريكية، ولن يكون ذلك سهلا. واوباما يعلم ان هذا ليس تعيينا سريعا. وبسبب هذا ايضا اختاره. يتوقع السناتور الجمهوري من كارولاينا الشمالية، ليندزي غراهام ان يكون هيغل أكثر وزراء الدفاع معارضة لاسرائيل في تاريخ الولايات المتحدة. إن لاسرائيل اصدقاء كثيرين في مجلس النواب وسيهتمون ببيان ما يعتقدونه في التعيين قبل ان يمنحوه شهادة الحِلّ. ويعتقد السناتور من تكساس، جون كورنين (وهو جمهوري)، ان تعيين اوباما لوزير الدفاع هو "اسوأ رسالة يمكن ان ينقلها الى اسرائيل وحليفاتها في الشرق الاوسط". ويمكن ان نضيف ايضا كما يزعم السناتور غراهام ان هذه "رسالة ينقلها البيت الابيض الى ايران في اسوأ وقت". فلماذا اختار اوباما للمنصب تشاك هيغل خاصة من بين جميع الناس؟ يغرينا اعتقاد ان اوباما فعل ذلك ليثير عصبية اسرائيل، لكن لا يجوز لنا مثل هذا الاعتماد الكبير. إن التعيين هو بالضبط من اجل تلك الاسباب التي ذكرناها في المقدمة. فقد عرض اوباما أمس هيغل وفصل الاسباب التي أفضت به الى اختياره. وتحدث الرئيس في خطبته عن المقاتل الذي شعر بالوحل وعاش فيه. فقد جاء هيغل من هناك. وعارض هيغل ايضا مثل اوباما الحرب في العراق. وصاحب هيغل اوباما ايضا في جولات في العراق وافغانستان. ان اوباما لا يؤمن بالحرب وايمان هيغل بها أقل فـ "الحرب هي الملاذ الاخير"، هذا ما يؤمن به وزير الدفاع الامريكي الجديد. في عالم مثالي لا يشتمل سوى على الخير يوجد مكان لوزير دفاع مثل هيغل. وفي عالم تدور فيه آلات الطرد المركزي بلا توقف في اماكن خطيرة كايران، فان الحديث عن اختيار مثالي أصبح واقعيا لأسفنا في عهد اوباما. اعتادوا في وزارة الخارجية الفرنسية طوال سنين ان يقولوا انه لا ينبغي القلق حتى لو تولى منصب وزير الخارجية بالخطأ شخص موالٍ لاسرائيل لأن الموظفين فيها سيعيدون الوزير "الى النهج القويم". فكل ما بقي لاسرائيل تأمله هو ان يهتم اصدقاؤها الكثيرون في وزارة الدفاع الامريكية باستمرار الشراكة الطيبة.
