قد تكون نهاية الاسبوع هذا الخط الفاصل في هذه الانتخابات. فهو الزمن الذي حُسمت فيه الامور كلها وأدركوا في معسكر المركز – اليسار ما كان يلوح في الأفق منذ بضعة اسابيع، وهو ان الحكومة القادمة ستكون حكومة يمينية متطرفة حريدية كما لم توجد هنا قط. واذا أرادوا ان ينقذوا هذه الدولة من نفسها فيجب ان يفعلوا كل شيء، كل شيء ويشمل ذلك الارتفاع فوق تمجيد الذات والكرامة وان يتحللوا من كل اعتبار أو مصلحة شخصية قبل ان يصبح ذلك متأخرا جدا. لايهم ما هو الزر الذي أضاء كل الاضواء الحمراء في نفس الوقت. أهو المراوحة في المكان لهذه الاحزاب في استطلاعات الرأي التي جعلت يحيموفيتش تعلن أنها لن تنضم الى ائتلاف نتنياهو أم ربما يكون انخفاض عدد نواب الليكود بيتنا الذي بث الأمل وأشار الى رؤساء معسكر المركز بأن ليس كل شيء ضائعا. يُخيل إلي ان الشيء الحاسم الذي جعل لفني تعلن في مساء يوم الجمعة في القناة الثانية أنها تنوي التوجه الى يحيموفيتش ولبيد للقاء ومحاولة تشكيل جبهة مشتركة تعمل على اسقاط حكم نتنياهو هو اللقاء الصحفي مع رئيس "الشباك" السابق ديسكن في "يديعوت احرونوت"، وهو لقاء صحفي قلب أحشاء كل من قرأه، ولا يهم في أي معسكر هو أو لأي حزب ينوي ان يصوت. وقد يكون ذلك اللقاء الصحفي هو الذي جعل يحيموفيتش، بسرعة وحكمة ترسل رسالة نصية الى لفني تقول انها مستعدة جاهزة، وجعل لبيد ايضا بعد أقل من يوم يوافق على لقاء مشترك، ما يزال غامضا في نواياه ومتحفظا في تعريفاته لكنه متنبه الى ان المبادرة قد انطلقت في طريقها. لأن وصف نتنياهو وباراك وليبرمان الذين يدخنون السيجارات في حضرة ضباط الجيش الاسرائيلي وناس الجماعة الاستخبارية، ووزير الدفاع الذي يصب لنفسه من آن لآخر كأس ويسكي في حين يقف في حديقة فيلا الموساد طُهاة ذوو قبعات بيضاء ويُعدون وجبة فاخرة، وكل ذلك في خلال مباحثة حساسة في شأن ايران – كان كافيا لاثبات ما الذي يدور الحديث عنه هنا. وكان ذلك كافيا لتفسير الاشمئزاز الذي شعر به ديسكن من هذه القيادة والزعزعة التي تركها هذا اللقاء ولقاءات اخرى مشابهة في نفسه. ويمكن ان نفهم ايضا حاجته الى إشراك مواطني اسرائيل عشية الانتخابات في الاشياء التي رآها بفضل عمله وسمعها وشعر بها في أكثر المنتديات فخامة وأكثرها سرية في الدولة، في الاماكن التي تتخذ فيها القرارات الأكثر تقريرا وتأثيرا في حياتنا. من السخيف انتقاد ديسكن بسبب التوقيت وأن يُزعم ان ذلك قد تم بسبب خيبة أمل شخصية. وحتى لو كان هذا صحيحا فهو غير ذي موضوع في الحقيقة. إن الشيء الوحيد ذا الموضوع هو هل ذلك صحيح. وهل تُدار المباحثات الأكثر أهمية على هذا النحو. وهل هذا هو وجه متخذي القرارات كما يراه ضباط الجيش الاسرائيلي ورجال جهاز الامن. وأنه اذا كان صحيحا – ولم نسمع أي إنكار صريح – فان هذه الامور مزعزعة، لا أقل من ذلك وتثير الغضب والخوف الكبير في الأساس، مثل انطباعات وتشخيصات اخرى يبسطها أمامنا رئيس "الشباك" السابق ايضا. لنأخذ مثلا شعور ديسكن وكثيرين من زملائه جلسوا في مباحثات مصيرية بأن ما بت الأمر احيانا عند وزير الدفاع في الخروج لعمليات عسكرية ما هو مسألة السمعة، أي من الذي يحظى بمجدها. أو الشعور الذي لا يمكن ان نجادله بأن قادتنا ما عادوا أمثلة تُحتذى وأنه تحركهم مصالح شخصية وأنهم لا يجعلون المصلحة القومية قبل كل شيء آخر. أو انطباعه بأن نتنياهو يُكثر التعوج فيمضي الى الأمام ويرتد الى الخلف ويمتنع عن بت الامر ويتأثر آخر الامر كما يقول ديسكن بمصلحة ما لحظية وآنية وانتهازية. أو ضياع ثقة كبار مسؤولي جهاز الامن بقيادة الدولة. ان عدم ثقتهم بقدرة نتنياهو وباراك على قيادة اسرائيل للهجوم على ايران ولا سيما – مسألة قدرتهما على اخراجنا من هناك مع النتائج المرغوب فيها. إن المقابلة الصحفية مع ديسكن وثيقة نادرة تثير القشعريرة تلقي ضوءا على ما يجري في أهم حلقات الاجتماع في الدولة، وهذا الضوء هو ضوء مخيف. فالخوف هو الشعور الذي يثور مع الانتهاء من القراءة، أهؤلاء هم الاشخاص الذين نُسلم مصيرنا اليهم؟ أهم الذين سيبتون في السنين القريبة ايضا مسألة الى أين تتجه الدولة؟ وهل يمكن الاعتماد عليهم ليقرروا القرارات الصحيحة ولا يورطونا في قرارات خطأ عن تقديرات غير موضوعية أو بطرق لا تجوز؟ وهل الشخص الذي يمسك باحدى يديه سيجارا وبالثانية كأس ويسكي هو الشخص الذي نريده متخذا للقرارات؟ وهل ذاك الذي يحجم ويمتنع عن الحسم ويتأثر بالمصالح اللحظية سيصبح رئيس وزرائنا مرة اخرى؟. ان شهادة كهذه على ما يجري في الغرف المغلقة لمتخذي القرارات كما عرفها الجمهور على لسان من كان هناك وجلس في المباحثات ورأى بأم عينه كيف تدبر القيادة العليا الامور، وشعر ببلادة الحس والغرور والتهكم والشعور بالعظمة – ان شهادة مزعزعة كهذه لم يوجد لها مثيل من قبل هنا. ويجب ان تكون هذه المقابلة الصحفية مادة تفكير لكل مواطن قبل ان يدخل الى صندوق الاقتراع ويدس ورقة الانتخاب، ولكل من يقرر انه لن يتجه للتصويت، في الأساس، فنحن لا نملك في هذه المرة هذا الامتياز، بل يجب على كل مواطن ان يعلم بالضبط ما هو الشيء الموضوع في كفة الميزان قبل ان يقوم باختياره. لا يجوز لنا ان نتجاهل ذلك وان ننتقل الى برنامج العمل العادي. ان ديسكن هو شخص آخر من طائفة اشخاص كانوا في المفترقات المهمة لاتخاذ القرارات وخرجوا مع الانطباع نفسه. وهذا سبب كاف يجعلنا نمضي الى صناديق الاقتراع. وهو سبب كاف يجعل أيدينا ترتجف حينما نضع أوراق الانتخاب. لأننا نستحق أكثر كما يقول ديسكن.