كانت سنة 2012 أخف ايقاعا من 2011 المجنونة لكنها لم تكن أقل منها اثارة للاهتمام. فقد استمر العالم العربي في اعطاء عناوين صحفية رئيسة ولا سيما في مصر مرسي (العزل والدستور) وفي سوريا الاسد (الى الآن). وفي آسيا أثار الاعتزاز القومي والسيادة على خمس جُزر في شهر آب توترا قديما بين الصين واليابان جعل دول جنوب شرق آسيا تطلب الى امريكا اظهار حضورها وابراز عضلاتها كي تؤخر شيئا ما السيطرة الصينية على المنطقة.في 2012 عاد المراسلون الاجانب الموجودون في اسرائيل الى العمل، مع قصص عن المشروع الذري الايراني وقضية الهجوم والانتخابات القريبة وعملية "عمود السحاب" واستيقاظ أبو مازن الذي حسّن مكانة السلطة من طرف واحد وأفضى الى استقرار رأي حكومة اسرائيل على البناء في المنطقة E1. وعاد الصراع الاسرائيلي الفلسطيني الذي كان المجهور الأكبر في 2011 الى العناوين الصحفية.لكن 2012 كانت سنة شهدنا فيها في الأساس نتائج التغييرات السكانية في الغرب وتأثيرات ذلك في الجهاز السياسي. ففي أيار اتجهت فرنسا الى الانتخابات وفي شهر تشرين الثاني انتخبت الولايات المتحدة. وكان يمكن ان نرى في المعركتين الانتخابيتين كيف تحولت الأقلية من السكان الى أكثرية والأكثرية الى أقلية. ولم يكن الكثير من الأمل لنيكولا ساركوزي في فرنسا ولميت رومني في الولايات المتحدة ممثلي اليمين، مع ديمغرافية متغيرة. ما تزال الكتلتان اليمينيتان وهما حزب "يو.إم.بي" في فرنسا والجمهوريون في الولايات المتحدة تلعقان جراح الانتخابات ويصعب عليهما الاتحاد منذ ذلك الحين في الأساس، ولا يبدو المستقبل ورديا. ولا ينجح المعسكران في هاتين الدولتين بأن يلائما أنفسهما مع المجتمع المتغير: ففي الولايات المتحدة يصوت الناخبون ذوو الاصول الاسبانية والافارقة الامريكيون للديمقراطيين، وفي فرنسا يعطي المسلمون الاشتراكيين اصواتهم.خرجت الأقليات لتحتفل هذا العام في ميدان الباستيل في باريس ترفع أعلام الجزائر والمغرب وتونس وليبيا ومصر، أما في بوسطن فرأينا امريكيين جمهوريين يندبون نهاية عصر الولايات المتحدة كما عرفوه. وليس الحديث بالنسبة لاسرائيل عن أنباء طيبة بالضرورة. فالتأييد يأتيها من تلك الأكثرية التي أصبحت أقلية انتخابية.يوجد خط آخر يربط بين فرنسا والولايات المتحدة، فقد كانت 2012 سنة كان من الخطر فيها الذهاب الى المدارس هناك. ففي شهر آذار أراد إبن مهاجرين جزائري هو محمد مراح في فرنسا ان يُظهر انتماءه الى التيار الاصولي الاسلامي (الذي يُعرض اوروبا للخطر) بهجوم أعمى وحشي على طلاب من أبناء مدرسة "أوتسار هتوراة" في تولوز. وقُتل ثلاثة اولاد صغار يهود ومعلم بذلك الهجوم البغيض وأفضى الارهاب الى جنون.وفي كانون الاول قام آدم لانتسه، وهو شاب مختل العقل في العشرين من عمره، مسلح تسليحا كثيرا بمذبحة فظيعة في المدرسة الابتدائية ساندي هوك في نيوتاون في ولاية كونتيكت. ودفنت امريكا عشرين ولدا. وطلبت أجزاء من المجتمع في الغد ايضا ان يُدفن التعديل الثاني للدستور الذي يُمكّن كل مواطن من ان يملك سلاحا. ورد جزء آخر من امريكا بطريقة عكسية واتجه الى الحوانيت لشراء سلاح آخر. ففي امريكا وبخلاف فرنسا، أفضى الجنون الى ارهاب.كانت سنة 2012 ايضا هي السنة التي عادت فيها بريطانيا لتصبح امبراطورية في الأخبار، فكانت الالعاب الاولمبية المدهشة والاحتفالات بمرور ستين سنة على تولي الملكة اليزابيث العرش ونشر النبأ عن حمل الأميرة كيت الذي ذكّرنا بأنه ما يزال للعالم القديم ما يبيعه ولا سيما الثقافة والتراث.كانت 2012 ايضا هي السنة التي ودع فيها العالم أبطالا لهم نفس الاسم – آرمسترونغ. فكان الوداع الأول في شهر آب لرجل الفضاء الامريكي نيل آرمسترونغ أول شخص خطا على القمر في الواحد والعشرين من تموز 1969. وفي الثاني والعشرين من تشرين الاول ودعنا على نحو مختلف، لانس آرمسترونغ بعد أن أعلن الاتحاد الدولي للدراجات أنه يقبل استنتاجات تقرير السلطة الامريكية لمحاربة المنشطات في الرياضة ووافق على سلب آرمسترونغ كل ألقابه ومنها فوزه سبع مرات في سباق تور دي فرانس.لم تغير 2012 صورة العالم لكنها أبرزت الاتجاهات القائمة. إننا نحيا في نهاية عصر ويقف عالم جديد على الباب. ستزيد الصين قوتها، مثل الأقليات في المجتمعات الغربية. وستستمر امريكا في فقد قوتها، وتستمر اسرائيل في مواجهة ضغط دولي حول كل قرار تتخذه تقريبا.يجوز ان نكون متفائلين. لأن نبوءة شعب المايا لم تتحقق. ويجب ان نملأ سنة 2013 فهبوا الى العمل.