في صباح يوم الجمعة، قبل الانتخابات بشهر استيقظ رئيس الوزراء واستقر رأيه على اجراء مقابلة صحفية مع ثلاث من قنوات التلفاز. حينما يريد رئيس وزراء مقابلة صحفية فلا يوجد من يرفض الامر برغم ان بواعث نتنياهو على هذه المقابلة أكثر شفافية من المواقف اليمينية لرئيس البيت اليهودي. يبدو ان السبب المباشر للمقابلة كان رغبة نتنياهو في الرد على الكلام الشديد الذي صدر عن نفتالي بينيت الذي أصبح يتجول في الاسابيع الاخيرة في المدارس والمراقص ويلتقي طلابا ثانويين علمانيين ويزور ألعاب كرة القدم ويحشد وراءه كعازف الناي المشهور عشرات الآلاف من الشباب من العلمانيين والمتدينين، الذين يتساقطون كأوراق الشجر في الخريف من احزاب اخرى وبخاصة الليكود، وينضمون اليه. ان بينيت الشاب ذا الحضور القوي وهو رائد في دورية هيئة القيادة العامة وعامل في الهاي تيك كان ذا مشروع ناجح مع قيمه العائلية ودعوته الى العودة الى ارض اسرائيل القديمة الطيبة، يعرض على الشباب اختيارا جذابا يقول انه لا شيء سيء في اشعال شموع السبت والذهاب بعد ذلك الى فيلم، ويقع غير قليل من الشباب العلمانيين في شرك العسل هذا. فهم لا يرون سوى وجه بينيت المعتدل الذي ينجح في اخفاء مواقفه السياسية بموهبة لا تقل عن موهبة يحيموفيتش. بيد انه حدث شيء في يوم الخميس حينما أعلن بينيت في مقابلة صحفية مع نسيم مشعل أنه سيصعب عليه جدا ان يُجلي يهودا عن بيوتهم الى حد أنه سيكون مستعدا لأن يُطرح في السجن بسبب ذلك. كان ذلك خطأ شديدا من بينيت لا بسبب الموقف الذي عرضه فقط والذي قد يجعل مصوتين يعتبر رفض الأمر العسكري عندهم خطا فاصلا، يهربون بل لأنه وقع مثل هاوٍ في أيدي أعدائه من اليمين واليسار. تعالوا نرتب الامور: ان بينيت لم يدعُ الى رفض الامر العسكري. هناك فرق بين دعوة الجنود الى رفض الامر العسكري وبين ان يقول انه سيصعب عليه هو نفسه ان ينفذ أمرا كهذا. وقد وقعت أمور مشابهة قبل ذلك وفي الانفصال كان جنود وضباط تم اعفاءهم من المهمة لاسباب عقائدية. لكن كل هذا لا يهم لأن بينيت بهذا الكلام عرض موقفا لم يكن معلوما لمؤيديه جميعا حتى إن غير قليل منهم احتاروا بين لبيد وبينيت. ومن الآن فصاعدا لن يستطيع بينيت ان يتجول في نقاء وخلوص لأن البقعة السوداء أصبحت تصمه. ما العجب اذا في ان احزاب المركز واليسار سارعت الى زعم ان بينيت كشف عن وجهه الحقيقي وان شريك نتنياهو القادم في الحكومة يميني متطرف يدعو الى رفض الأوامر العسكرية؟ لكن رئيس الوزراء هو الذي استعمل كلام بينيت ونقله بضع خطوات الى الأمام احتيالا اعلاميا. وقد وعد نتنياهو في مقابلات صحفية معه بأنه لن يوجد في حكومته ناس يدعون الى رفض الأمر العسكري. وسنرى هذا بعد. لكن قنوات التلفاز لم تجتمع في نهاية الاسبوع بسبب رفض الأوامر العسكرية. ان ما يقلق رئيس الوزراء حقا حقيقة ان الليكود يخسر في كل اسبوع نائبا يمضي مباشرة الى البيت اليهودي. وقد كشف نتنياهو بأجلى صورة وعلى نحو لا لبس فيه في المقابلات الصحفية معه عن الخط المركزي في الحملة الانتخابية لليكود: لا تصدروا عن افتراض ان نتنياهو هو رئيس الوزراء القادم ولذلك صوتوا لاحزاب تعد بتأييد نتنياهو. صوتوا لنتنياهو مباشرة. والسبب هو ان أحمدي نجاد والاسد وكل أعدائنا الذين تعلمون أنهم كثيرون وأقوياء سيجلسون في يوم الانتخابات وينتظرون ليروا مبلغ قوة نتنياهو. فاذا لم تكونوا تريدون ان تُرى اسرائيل ضعيفة في نظر أعدائنا فانكم تحتاجون الى رئيس وزراء قوي. وسيكون رئيس الوزراء قويا فقط اذا أصبحت له كتلة حزبية كبيرة قوية تستطيع ان تختار شركاءها في الحكومة القادمة. ان ما يقوله نتنياهو لنا بكلمات اخرى ليس: إما تسيبي وإما بيبي ولا إما شيلي وإما بيبي بل إما بيبي وإما أحمدي نجاد.