خبر : أضرار يحيموفيتش / بقلم: أبيرما غولان / هآرتس 19/12/2012

الأربعاء 19 ديسمبر 2012 12:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
أضرار يحيموفيتش / بقلم: أبيرما غولان / هآرتس 19/12/2012



 كلما اقترب موعد الانتخابات تبين ان رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش تتفوق على اهود باراك. فهي بمساعدة مجموعة مغلقة مصممة من النشطاء ووهم نجاح يُدير الرؤوس في صناديق الاقتراع، تجر الحزب الى زقاق لا مخرج له. ان حديثها أول أمس في مقابلة مع "واي نت" حينما قالت "يجب على الحكومة ما لم توجد تسوية أن تهتم بالاولاد في المستوطنات" لأنه "لا يمكن محو بشر"، وهذا الحديث يكشف عن مبلغ خطر هذا الزقاق لا على الحزب فقط بل على المجتمع كله.             ليست حقيقة تكرارها لشعار "حزب العمل ليس يسارا" هي المهمة. حسن، لنفترض ان حزب العمل ليس يسارا بل مركزا. بل قد يكون يمين مركز. أو قد يكون يمين مركز اشتراكيا ديمقراطيا، أو اشتراكيا ديمقراطيا مركزيا يمينيا. ان المهم هو الخطابة الكاذبة التي تتلاعب يحيموفيتش بها. فطريقة يحيموفيتش بسيطة الى حد المهانة. وهي تنشيء صورة للواقع أحادية البعد وتهاجمها بنفس السطحية. وتُقسم السياسة الاسرائيلية في زعمها بصورة متكلفة الى يمين ويسار وتجادل فقط في الاحتلال والفلسطينيين، وتحطم هي هذا التقسيم لمصلحة "ما يهمنا جميعا"، أي وضعنا الاقتصادي الاجتماعي.             هذا وصف مضلل. صحيح ان الصراع والأمن موضوعان رئيسان. لكن ليس صحيحا ان الساسة الرواد تجاهلوا شؤون المجتمع والاقتصاد. تغلب اسحق رابين في 1992 على اسحق شمير بفضل وعده بتغيير ترتيب الأفضليات، وحصل بنيامين نتنياهو على المجد باعتباره "سيد الاقتصاد". يمكن ويجب ان نجادله لكن يصعب ان نتهمه بالاشتغال بالأمن وحده. بالعكس، انه هو الأشبه بيحيموفيتش من بين الجميع. فهو على يقين ايضا من انه لا توجد أية صلة بين الاقتصاد والوضع السياسي.             تزعم يحيموفيتش ان اليسار خان لأنه اشتغل فقط بالاحتلال وأظهر بلادة حس نحو المجتمع. وتوجد قاعدة بالطبع لهذا الكلام مثل شعارات اخرى تطلقها. ان البلبلة القيمية العميقة التي تستمد من مزيج الصراع – الاحتلال – الليبرالية الجديدة – مجتمع مهاجرين والخلط بين الدين والدولة، تُعرف في اسرائيل كل ليبرالي يؤيد حقوق الانسان بأنه "يسار"، وترى كل "اجتماعي" و"شعبي" ليكوديا، أي يمينا.             كلما انحل المجتمع الى فئات ازدادت هذه الصور المتعادية حدة: فاليساريون هم اشكنازيون تل ابيبيون يحبون الفلسطينيين ويكرهون إخوتهم اليهود، والحريديون متهربون من الخدمة العسكرية ومستغلون، والعرب عبء اقتصادي من الواجب عليهم ان يبرهنوا على الولاء، والمستوطنون طلائعيون صهاينة أو كارثة وطنية.             تحت غطاء كسر هذا التقسيم تعززه يحيموفيتش أكثر من كل سياسي آخر. فقولها ان المستوطنين بشر لا يمكن محوهم يتهم معارضي الاحتلال اتهاما شديدا ويُعرفهم بصورة آلية بأنهم كارهون للمستوطنين جدا، كما ان الوصف الهاذي الذي يقول ان حزب العمل هو الذي انشأ المستوطنات يصبغ اليسار بصبغة النفاق. ويعتمد هذان الوصفان على عالم أوصاف ضحل يُثبت الكراهية والانتماء الاجتماعي – الاقتصادي والثقافي.             ان يحيموفيتش التي قالت في 2005 "في الوقت الذي مُحيت فيه هنا دولة الرفاه، وأوقفت فيه الاستثمارات في مدن التطوير، نشأت دولة رفاه بديلة وراء الخط الاخضر"، و"أضر مشروع الاحتلال الضخم بالاقتصاد وشبكة الدولة الاجتماعية"، تعلم جيدا ان ليس الحديث عن حقوق الولد بل عن الواقع الذي يعرض للخطر منعة المجتمع وترتيب الأفضليات القومي. وتفضل برغم ذلك ان تتطرق الى واقع "لا تسوية" وكأنه ظاهرة طبيعية لا مسألة يحتاج زعيم سياسي الى علاجها، والتنديد بالاخلاقية الاجتماعية والوطنية الواضحة المجسدة في معارضة الاحتلال والاستثمار في المستوطنات. ولما كان التنديد موجها أولا الى مصوتي العمل التقليديين فانه يبدو أنهم بدأوا يفهمون ان انتخاب يحيموفيتش تشويه سياسي. ان رئيسة العمل لكثرة اجتهادها من اجل "التوحيد" تحطم المعسكر الذي ترأسه وتُثبت مكانته باعتباره فئة مستبعدة.