يعمل قادة حركات الارهاب الاسلامية بحسب شيفرة تشغيلية مؤلفة من تفسيرهم لسيرة محمد. ويتم تحقيق الشيفرة على مراحل طريقا الى اقامة خلافة اسلامية عالمية. أما تحقيق حلم عودة اليهود الذي ورد في القرآن ايضا فيعبر عندهم عن تناقض في رؤيتهم للاسلام دينا حديثا وحيدا يفترض ان يسيطر على العالم. نجم ناس حماس من عالم المضمون هذا وأسموا عملية "عمود السحاب" في غزة باسم "حجارة السجيل". ويظهر هذا التعبير في ثلاث آيات مختلفة في القرآن في سياق الابادة الجماعية لكفار وأشرار. وتصف حادثتان من هذه الثلاث الهلاك الذي قضى به الله على مدينة سدوم حينما أمطر سكانها بحجارة من سجيل من السماء. لا يجب ان تكون خريج "الأزهر" كي تفهم ان كبار قادة حماس شبهوا اطلاق الصواريخ وصواريخ القسام على مواطني اسرائيل بتلك الحجارة التي أرسلها الله لاهلاك كفار الماضي في عملية "حجارة السجيل". وكان التحقيق جزئيا، فبدل مطر الحجارة السماوي أطلقت المنظمات الارهابية من غزة بمباركة "الله" صواريخ على مواطني اسرائيل، لكن بعكس قصة "الفيل" في القرآن استعمل مخربو حماس استعمالا جبانا السكان الذين جاءوا بهم الى الحكم في الانتخابات استعملوهم درعا بشرية في وجه قوة الجيش الاسرائيلي. الى الآن دعا قادة الارهاب الى القضاء على "اليهود" كما قتلهم محمد في "خيبر". لكن خالد مشعل في خطبته الاخيرة في غزة تبنى التلاعب المعادي للسامية السائد في الغرب الذي يُظهر "تسامحا" مع اليهود، لكنه يعيب الصهاينة. وقد زعم مشعل في صيغته الجديدة انه ليس عند الاسلام شيء على اليهود لكن "الصهاينة" الذين ليس لهم أي حق في البلاد (نحو من 6 ملايين يهودي يعيشون في اسرائيل)، سيُقضى عليهم. وتوجه مشعل بسخائه الى الدول الغربية كي تُجلي اليهود وتنقذهم من الفناء. وغمز اوروبا متملقا باعلانه انه سيسكن في الدولة الاسلامية التي ستنشأ في فلسطين المسلمون والمسيحيون الى جانبهم. ونسي مشعل ان يذكر اضطهاد المسيحيين ("الكفار والصليبيين" الذين سيُسلمون في المستقبل بالتهديد بالسيف)، وحالات الاغتصاب والسطو وحرق الكنائس التي أفضت الى هجرة المسيحيين من المنطقة. ولم يذكر وضع "الذميين" المخصص للمسيحيين في الاسلام باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية. ان اعتراف الغرب بفلسطين مراقبة في الامم المتحدة بخلاف ارادة اسرائيل كان عملا متسرعا. فقد منح هذا الاعتراف الارهابيين الاسلاميين من العالم كله قاعدة على هيئة القاعدة في غزة والضفة، لأن شروط مشعل للوحدة مع فتح تقوم على العودة الى الكفاح المسلح. ان مظاهرات الصواريخ وأعلام حماس في الضفة تنذر بمجيء انتفاضة ثالثة تشتمل بالطبع على انهيار أبو مازن واطلاق حماس الصواريخ على مركز البلاد كما كانت الحال في "حجارة السجيل". تقوم دروس حماس على ان اسرائيل ستظل موجودة مع خنق غربي قضائي يقيدها في "رد متناسب" على أيدي دول أبادت هي نفسها مدنا كاملة مع سكانها في الحرب العالمية الثانية. وهذه الدروس تقيد اسرائيل في تصور دفاعي هو تمهيد للهزيمة المعروفة منذ ايام قلاع الصليبيين. تقوم دروس العملية على الشرك الاخلاقي الذي أوقعت اسرائيل نفسها فيه والذي يُعرض مواطنيها لصواريخ من فوق رأس جيشها ويمنعها من ان تؤلم العدو وتردعه. ولما كان عقاب يردع قادة حماس وناخبيها ضرورة وجودية، فلا نوصي حماس بأن تعتمد على دروسها هذه زمنا طويلا.