يصعب منافسة حركة حماس في احتفالاتها في غزة في نهاية الاسبوع الماضي ولا سيما حينما يكون المجرورون للمنافسة موظفين رماديين ذوي أربطة عنق من بقايا قيادة م.ت.ف المتعبة. في هذه المنافسة تضطرب دول اوروبا بين دور المراقبة المتنحية ودور الهامسة للموظف الرمادي، وتكون نتيجة ذلك أنها تؤيد حماس ورسالاتها بمراوحتها مكانها. أوحت احتفالات حركة المقاومة الاسلامية رسالة "قلنا لكم". في 1994 حذر رجال حماس المحتفلين باوسلو وزعموا ان اسرائيل لن تفي بالتزاماتها اذا كانت الوسيلة هي التفاوض. فاسرائيل لن تُمكّن من انشاء دولة فلسطينية مستقلة، ولن تنسحب ولن تنقض المستوطنات ولن تُسرح الأسرى ("الثقال")، وسيتنحى العالم جانبا. ولهذا فما أُخذ بالقوة لا يحرر بغير القوة وغزة الحرة هي البرهان. هذا الصوت أقوى وأكثر اقناعا من صوت رجال حماس الذين يقترحون سبلا اخرى لمنع الدم والدمار المتوقعين حتى الانتصار غير المرئي. والصوت القوي يعد بالدم والعرق ومجد الأبطال وبدم آخر ودموع اخرى حتى الجنة أو النصر النهائي مع البرهان على ذلك من القرآن. ويتبين ان الصواريخ وبخاصة مع آيات من الكتب المقدسة تجلب رضى فوريا لا للشعب في اسرائيل فقط. ان شعبا يقع تحت سلطة اجنبية وعنيفة يبحث دائما عن سبل للتحرر. وسواء كانت م.ت.ف أم حماس فان المشترك بين الفلسطينيين هو أنهم لا يتعودون على طغيان السلطة الاسرائيلية حتى وإن خُيل احيانا للاسرائيليين أنهم يتعودون. وسواء كانت م.ت.ف أم حماس، فان الجميع على ثقة بأنه لا تهم الطريقة التي يختارها الفلسطينيون – التفاوض أو الكفاح المسلح أو الربيع الشعبي – مهما يكن ذلك فان اسرائيل ستظل على حالها وستظل سلطة استبداد. ان الكفاح المسلح الذي دعا اليه خالد مشعل يعرض من جهة ارضاءات فورية ومن جهة اخرى وعودا لأبناء الأحفاد. وبرهنوا على ان وعود اليوم لن يتم الوفاء بها بعد ثمانين سنة. وعلى كل حال فان شعبية حماس في منافسة اليوم تزداد. عرض التوجه الى الامم المتحدة ايضا نوعا من الارضاء الفوري وهو عدد المؤيدات الكبير. لكن بريقه يخفت أسرع من بريق أنواع الصواريخ. ان الدول الاوروبية التي صوتت مؤيدة أو امتنعت عن التصويت فسرت خطوتها بالرغبة في تعزيز مكانة محمود عباس. وبهذا اخطأت خطأ شديدا لأن واحدة من الريب هي ان التوجه الى الامم المتحدة كان حيلة بقاء لحفظ مكانة قيادة م.ت.ف والمُتع التي تجبيها هي والمتفرعات عنها. اذا كانت اوروبا لا تريد ان يثبت ان طريق حماس هي الحق فعليها ان تتجاوز مكانة عباس وان تُبين انه توجد ثمار فورية واعدة للكفاح غير المسلح ايضا الموجود برغم أنه ليس جماعيا لأن الناس تعبوا من كونهم سيزيف. هذه دعوة شبه أخيرة لاوروبا لتحمل المسؤولية. فهي تستطيع ان تفرض ضرائب مضاعفة ثلاثة أضعاف على انتاج اسرائيلي بسبب منتوجات المستوطنات؛ وتستطيع ان تنفق على بناء مدارس وعيادات ونظم طاقة شمسية في أنحاء المنطقة (ج)؛ وان تخفض مع كل تدمير منزلة سفير اسرائيلي آخر وان يُعاد سفير آخر الى عاصمته. وتستطيع اوروبا ان يستقر رأيها على انه يجب على الاسرائيليين منذ الآن ان يطلبوا إذنا بدخول اراضيها وان تكف عن لقاء ممثلي الحكومة الاسرائيلية ما بقيت تنقض القانون الدولي. اذا كان هذا يبدو خياليا فهي علامة على ان تخيل دورات دم آخر ودمار أكبر أسهل.