انتبهوا الى اليسار التقليدي الذي كانت علة وجوده "السلام" الذي أصبح "مسيرة سياسية". ان الواقع يلطمه على وجهه ويضربه التاريخ في جبهات شتى، ويضحك شركاؤه في السلام الوهمي من جيراننا من تفكيره ويعلنون على رؤوس الأشهاد انهم لن يتخلوا عن طلب العودة ولن يعترفوا بدولة الشعب اليهودي؛ ويقول شركاؤه المحتملون (محادثة حماس...) في وضوح انهم لن يتخلوا عن سنتيمتر واحد من "ارض فلسطين"، وانهم سيستمرون في هوايتهم الرئيسة وهي قتل اليهود وارسال الشهداء الى دار الحريم الحور في الجحيم. لكن اليسار مستمر في غيّه يضرب برجليه ويطلب دميته. والامر الفظيع هو انه مع عدم وجود بديل واقعي من فانتازياه الخلاصية تتمسك أجزاء فيه بـ "اختيار شمشون": لتمت أنفسنا مع الدولة اليهودية. ان زعران الهيكل الثاني قد بُعثوا أحياء. اليكم منتخبات جزئية من مقالة لـ آري شبيط في صحيفة "هآرتس" في الاسبوع الماضي: "دولة احتلال"، و"فصل عنصري"، و"مستوطنات"، و"تطرف قومي"، و"بناء أهوج"، و"جريمة حرب"، و"لاهاي"، و"دولة تسلب"، و"تدوس"، و"تعرض للخطر"، و"حكومة غير عقلانية"، و"غير شرعية"، و"تحكمها القومية بيتنا"، وغير ذلك. وانتظروا فهو لم ينته، بل قال ايضا: "نتنياهو"، و"ليبرمان"، و"إلكين"، و"ياريف لفين" و"فايغلين". وتستمر العطفة: "الحكومة التي قيمها قيم ياريف لفين سيراها المجتمع الدولي حكومة افارقة". هل تفهمون، ان قيم لفين وهو رجل حرية هي قيم العنصريين البيض في جنوب افريقية زمن حكم الفصل العنصري. فلا تحتاج فتح وحماس الى كُتاب لأن عندهما آري شبيط. لندع الكذب ولندع تشويه الحقائق ولندع العمى، ولندع الاستكبار، ولندع الشكوى من العار الوهمي للمجتمع الاسرائيلي – لكن ماذا عن الحياء؟ انه ليس شبيط وحده بل هو سبط ابيض كامل يفكر هذا التفكير وهم يرون أننا جميعا افارقة. ان عمرام متسناع في مقابلة صحفية مع رازي باركائي يقترح على اليسار "الاتجاه في منظومة مشتركة بعد الانتخابات الى قطف رأس نتنياهو لأن الهدف المشترك بيننا جميعا هو رأس بيبي نتنياهو". هذه هي الحقيقة: لا توجد "مسيرة" في الأفق ولا توجد حيلة لم يجربها اليسار من اجل جعل جيراننا يُسلمون لكن عبثا – فبقي شيء واحد فقط هو رأس نتنياهو. ويتابع متسناع قائلا: "أقترح على اصدقائي في كتلة المركز – اليسار، التوجه الى نقل حكومة الشر والاثم الخطيرة هذه عن عملها". وهذا تطور فهي ليست "حكومة سيئة" بل هي حكومة "الشر". انه الشر بألف ولام العهد. ان اليسار أصبح مثل طائفة دينية. ولنعد الى شبيط: "ان نتنياهو الملون بالوان لفين لن يتمتع بنفس مظلة المشايعة والغفران التي تمتع بها شمعون بيرس اوسلو واريئيل شارون خريطة الطريق واهود اولمرت انابوليس". هل هو يأتي بالدليل من هناك؟ ان هؤلاء الثلاثة نقضوا عرانا ودهوروا اسرائيل الى الوضع الحالي الذي يجهد نتنياهو وحكومته لتخليصنا منه. فهل هذا هو الفهم الذي تستخلصه هذه الجماعة من التاريخ بعد سنوات اوسلو العشرين؟. ونعود الى متسناع مرة اخرى الذي زل لسانه في المقابلة بقول قاسٍ يدل على مرض المجموعة التي يؤول اليها: "اذا نجحنا في اقناع (الجمهور) بشيء واحد – ان هناك فرصة لاستبدال نتنياهو... وان نبين بالمناسبة وربما لآخر مرة ان الديمغرافيا تقتلنا". ان الديمغرافية هي نحن، أعني أكثر الجمهور، أفارقة شبيط. "الديمغرافيا تقتلنا" – و"نا" متسناع هي الطائفة التي كانت ذات مرة "نحن" الجمعي ولا تعترف بحقيقة ان الواقع تغير وان مجموعات اخرى انضمت الى قيادة السفينة الصهيونية. ولهذا فانها غير مستعدة للمشاركة في اللعبة لكن تريد ان تقلب المائدة وان تخيفنا من ان الامر سيكون سيئا ومريرا اذا لم نستجب لنصائحهم. يجدر الحذر والعمل بحكمة ومسؤولية، لكن لا يجب ان نخشى نبوءات غضب الانبياء الكذبة، فتاريخ شعبنا في تقدم. والعودة الى صهيون مستمرة برغم المحاولات من الخارج والداخل لوقفها. وسنرتب امورنا من غير السلام اذا لم يوجد وقد نجحنا نجاحا لا بأس به. لكن شبيط يقترح علينا ما يلي: "قللوا ملف الاسهم... فاسرائيل الليكود بيتنا توشك ان تصدم الجدار". اجل انه الجدار الذي بناه شبيط ورفاقه في العقدين الاخيرين – وهو جدار الارهاب واليأس، جدار أكثر خضرة من حماس وأكثر حمرة من منظمات اليسار التي تتلاعب بنا وهو في الاساس جدار أوهام يمنع كل نظر شجاع في وجه الواقع المتغير. نحن مضطرون الى مصادمة جدار الوعي الكاذب هذا للابقاء على حياتنا.