قبل أكثر من اسبوعين بقليل أُبلغ عن امرأة يهودية في ايران عانت طوال سنين من مضايقات من جيرانها المسلمين فقد طلبوا اليها ان تُخلي بيتها لبناء مسجد في مكانه. وقُتلت المرأة طعنا وقُطع جسمها إربا إربا. وقبل نحو من شهر عُذب حتى الموت نشيط حقوق انسان ايراني من أصل عربي في سجن الأهواز السيء الذكر. ويمكن ان نضيف الى ذلك شهادة ضابط رفيع المستوى في الحرس الثوري فر الى الولايات المتحدة يصف فيها كيف تُغتصب كل امرأة يُحكم عليها بالموت كي لا تصل الجنة وهي عذراء، والعياذ بالله. هذه بضعة أمثلة فقط من آلاف حالات العدوان على حقوق الانسان في ايران والتي تثير سؤالا مقلقا وهو أين منظمات حقوق الانسان؟ وأين الحملات الدعائية الكثيرة التنديد والدعوات الى القطيعة؟ وماذا عن التهديدات بشأن دعاوى تُرفع على مسؤولين ايرانيين كبار؟ وأين الميزانيات الضخمة وجماعات الضغط في دهاليز الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة؟. ان مصطلح "حقوق الانسان" الذي يقوم على مباديء كونية فقد معناه الاخلاقي وأصبح وسيلة تستغلها منظمات غير حكومية لأغراض سياسية. ان هذا الاستغلال مع تجاهل حقائق لا تلائم تصور النشطاء، يشجع دولا كايران على الاستمرار في عملها. ان منظمات حقوق الانسان قد احتلها قليلون من النشطاء المتطرفين غرضهم الدفع الى الأمام بأيديولوجية سياسية لا الدفاع عن حقوق مواطني الدول – ايرانيين أو سوريين، أو فلسطينيين أو اسرائيليين. تُذكر ايران كثيرا في الشأن الامني وتُذكر المنظمات في ايران حينما يتعلق ذلك باسرائيل فقط. ولا تكاد توجد حملات دعائية من اجل حقوق الانسان في ايران، أما الحملات الموجودة فيمكن ان نعدها على أصابع يد واحدة. وهكذا تستمر ايران – التي ليس فيها مثليون ومثليات، كما قال رئيسها، وحينما يوجدون يُشنقون في الميادين العامة – وحيث تُصب الأحماض على المتظاهرين فيها ويُغتصب النساء والرجال حتى الموت في السجون وحيث فروع الرياضة الوطنية فيها هي كرة القدم ورجم المواطنين – في غيِّها. وتستمر المنظمات في غيِّها – متعللة بأنها لا تملك الموارد للعمل في مجتمع مغلق لأنه لماذا يُعرضون أنفسهم للخطر في طهران حينما يمكن التظاهر في بلعين في الصباح وشرب الجعة في تل ابيب في المساء؟. فشلت هذه المنظمات في فهم ان حقوق الانسان متصلة بقوة المجتمع حتى حينما تكون موجودة في نظام استبداد سادي. ومما يفاجيء الكثيرين انه يوجد في ايران مجتمع مدني قوي راسخ ذو تاريخ تنظيمي غني – من تمرد التبغ والنضالات عن الدستور والنفط مرورا بالثورة الاسلامية ثم الى الهبة الشعبية في سنة 2009. فهذه دولة ذات تاريخ اجتماعي غني وثقافة ولغة آسرتين، لكن مواطنيها المتعطشين الى الحرية قد تخلى عنهم "فرسان حقوق الانسان" وهم اولئك "الفرسان" الذين يحتشدون في منظمات ذات ميزانيات ضخمة تبلغ مئات الملايين والبنى التحتية في نطاق العالم كله ونشطاء مشحونين بالايديولوجية يخصصون جزءا كبيرا من مواردهم ليكونوا فريق تشجيع من طرف واحد في الصراع العربي الاسرائيلي دون تناسب في النظر الى اخلالات اخرى بالحقوق في أنحاء العالم. على سبيل المثال انتقد روبرت برينستاين، مؤسس منظمة "هيومن رايتس ووتش"، بشدة المنظمة في صحيفة "نيويورك تايمز" بسبب تجاهلها اخلالات شديدة بحقوق الانسان في مجتمعات مغلقة بسبب انحياز المنظمة على اسرائيل وبسبب "نشر تقارير تساعد اولئك الذين يريدون ان يجعلوا اسرائيل دولة مُقصاة". وذلك بعد ان أقامت المنظمة في سنة 2009 أمسية تبرع في السعودية مستعملة خطابة معادية لاسرائيل لتجنيد اموال. وفي تلك السنة زارت مديرة رفيعة المستوى في المنظمة ليبيا وامتدحت إبن القذافي ونعتته بأنه اصلاحي يقود "الربيع الليبي". اليوم، وهو يوم حقوق الانسان الدولي، يجب على المنظمات ان تحاسب نفسها وان تفحص هل تقسيم مواردها يناسب الواقع وهل تعبر عن اعلان الامم المتحدة بشأن حقوق الانسان (1948). وهل حشد الجهود للتنديد باسرائيل وتجاهل دول اخرى يُسهم في حقوق الانسان لمجموعة ما أم يجعل الجمهور مغتربا ويُحقِّر مفهوم حقوق الانسان ويشجع عدوانا على الحقوق في اماكن كايران؟ اذا كانت حقوق الانسان تهمنا فعلينا ان نحررها من اولئك الذين استولوا لأنفسهم على هذا المفهوم.