خبر : فوق كل ريبة/يديعوت

الثلاثاء 23 أكتوبر 2012 01:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
فوق كل ريبة/يديعوت



عرضت في "ملحق السبت" الأخير أمر "الجريدة"، وهي صحيفة كويتية ضئيلة الشأن، تحولت الى قسم لتصفية الحسابات في داخل ديوان رئيس الوزراء. في اثناء ولاية نتنياهو الآفلة نشرت الصحيفة سلسلة أنباء جعلت مسؤولين كبارا مشتبها فيهم بالمس بأمن الدولة. وكانت الأنباء كاذبة لكن لوحظ عليها أنها جاءت من مصدر داخلي، وكان الضحايا هم رئيس الموساد مئير دغان، ورئيس "الشباك" يوفال ديسكن، ورئيس مجلس الامن القومي عوزي أراد، ورئيس جهاز الارشاد نير حيفتس، وأمين سر الحكومة سفيكا هاوزر، ووزير المالية يوفال شتاينيتس ورئيس الوزراء نفسه بصورة غير مباشرة.تم ايجاد الأكاذيب في اسرائيل ثم تم تبييضها في الكويت وعادت الى اسرائيل، بعناوين صحفية صارخة. وقد قلت ان دغان، الذي حقق وفحص، خلص الى استنتاج ان رئيس ديوان نتنياهو، نتان ايشل، كان هو مصدر الأنباء، وكان يوني بن مناحيم، وهو محلل للشؤون العربية وهو اليوم بفضل دعم ايشل المدير العام لسلطة الاذاعة، كان الوسيط. وأنكر ايشل ذلك. ولم يُصادق مناحيم ولم يُنكر.لهذه القضية جانب خطير وجانب سخيف. ويجب لفهم الجانب الخطير ان نعود الى السنة الاولى من الولاية، وهي سنة كان ديوان رئيس الحكومة يعمل فيها في تناسق – على قدر استطاعة هذه الدواوين العمل في تناسق. وضُغط نتنياهو بسبب تسريب أمني، وأمر "الشباك" سرا بالتحقيق مع كبار مسؤولي ديوانه – وهو أمر سريع ينتهي دائما تقريبا الى ورطة. وقد أُرسل المسؤولون الكبار واحدا واحدا الى جهاز الكشف عن الكذب، وأُهينوا وعرقوا وخرجوا أبرياء. وبعد بضعة أشهر نشرت الصحيفة الكويتية ان نير حيفتس وتسفي هاوزر فشلا في الفحص. وزعم الخبر ان حيفتس عُزل وان هاوزر سيُعزل قريبا.توجه هاوزر الى المستشار القانوني للحكومة وطلب توضيحا. ولم يسارع "الشباك" الى فعل ذلك، فقد كان التحقيق يتم سرا الى ان نُشر الخبر في الكويت. ونشر "الشباك" تحت الضغط اعلانا برأ كبار مسؤولي الديوان من الشُبهة. ولم يحقق "الشباك" في المؤامرة الكويتية ولم يتم التحقيق فيها الى اليوم.ان من غرس هذه القصة – والقصص التالية – في الصحيفة الكويتية قد خالف مخالفة جنائية، في ظاهر الامر. فهو مثل جميع كبار مسؤولي الديوان وقع على وثيقة السرية التي تحظر عليه ان يُخرج معلومات عن وجود التحقيق؛ وكانت المخالفة الثانية التي قام بها اخلاقية فقد قذف زملاءه باتهامات كاذبة، من غير سبب ظاهر للعيان؛ وكانت المخالفة الثالثة وهي الأكثر اثارة للدهشة انه أضر بسلطة نتنياهو وبالصورة المهمة جدا بالنسبة اليه (صاغ أحد كبار مسؤولي الديوان في تلك الفترة هذا الامر بكلمات أكثر فظاظة فقال "خرِي عندنا على البساط").تُذكرنا هذه القضية في جوانب ما بقضية هرباز حيث استقر رأي شخص ما على اصدار نبأ كاذب معتمدا على معلومات داخلية، وكان الهدف إساءة سمعة خصم وكانت الوسيلة هي الاعلام. وهذه المؤامرة صبيانية وقذرة. والفرق هو ان النبأ في قضية هرباز حُمل على ظهر القناة الثانية العريض في حين حُملت هذه القضية على الظهر الضيق لصحيفة مُريبة في طرف العالم العربي. وقد احتاج الضحايا كي يشعروا بالاهانة الى مترجم – نعم الى هذا الحد.ان غرس أنباء كاذبة في وسائل اعلام اجنبية عادة معيبة يُكثر الاسرائيليون ان يخطأوا بها. وليست موجودة من اجل الحرب الاستخبارية أو من اجل الالتفاف على الرقابة العسكرية في اسرائيل فقط، وكان المثال الأبرز على استعمال سياسي لوسائل اعلام اجنبية النبأ الذي تم نشره في البلاد عشية انتخابات 1965 لمقطع من مقابلة صحفية أجراها بن غوريون مع الصحيفة الاسبوعية الامريكية "لوك". وقد ترأس بن غوريون في تلك الانتخابات حزب رافي عدو المعراخ. وانبعث من الجملة التي تم اقتباسها رائحة عنصرية نفخها دعائيو المعراخ الى حجم هستيري. ودفع رافي عن ذلك اصواتا في صناديق الاقتراع وتبين بعد الانتخابات فقط ان الامر لم يكن صادقا بل كان هناك اعتذار اذا كنت ما أزال أتذكر بصورة صحيحة.كانت "لوك" صحيفة محترمة وكانت تلك الانتخابات مصيرية بالنسبة للمعراخ. وفي المقابل فان سلسلة التسريبات التي بُسطت تحت أنف نتنياهو اعتمدت على صحيفة غير محترمة ولم تنقذه من أي مصير. فلو كان مكيافيلي حيا لانفجر ضاحكا. وكان ربما سيغفر المس بدغان أو بديسكن لأنهما أغضبا نتنياهو في تلك الفترة. لكن لماذا التشهير بالآخرين جميعا (سبقت التسريبات على هاوزر وحيفتس قضية الموظفة ر. التي اضطر ايشل الى الاستقالة بسببها، سبقتها بكثير)؟.هذا مضحك مضحك، لكن على هذا النحو تمت ادارة الديوان الأهم في اسرائيل.