خبر : التصويت في الجمعية العامة.. ونصائح موراتينوس !! ..هاني حبيب

الأحد 21 أكتوبر 2012 10:12 ص / بتوقيت القدس +2GMT
التصويت في الجمعية العامة.. ونصائح موراتينوس !! ..هاني حبيب



تحت الضغط المالي والسياسي الأميركي، أجّل الجانب الفلسطيني التصويت على طلبه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لقبول فلسطين من عضو مراقب إلى دولة غير عضو في المنظمة الدولية، وساندت هذا الضغط، نصائح من دول عربية شقيقة ودول أجنبية صديقة، بأن الوقت غير مناسب لمواجهة مع أميركا في ظل انتخابات رئاسية تجري فيها، يتعرض خلالها المرشحون لضغوط تجبرهم ـ على حد قول الناصحين ـ على اتخاذ مواقف متصلّبة من الفلسطينيين، وأن أميركا لن تضغط فقط على الجانب الفلسطيني، بل إن هذا الأمر موجّه، أيضاً، إلى عدة دول تعتمد اعتماداً كبيراً على المعونات الأميركية كي لا تصوت إلى جانب الطلب الفلسطيني، وأن الجانب الفلسطيني بإمكانه تأجيل التصويت إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث الأمور ستكون أكثر وضوحاً، وهذا ما تم فعلاً. وبينما شهدت الأيام الأخيرة، اجتماع الدورة 90 لمنظمة اليونسكو، بعد قرابة عام من انضمام دولة فلسطين، بعضوية كاملة إليها، وتقرير مدير المنظمة إيرينا بوكوفا حول عجز المنظمة عن تنفيذ برامجها بعد تجميد أميركا دعمها السنوي للمنظمة، في هذا الوقت بالذات، ترتفع بعض الأصوات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، معربة عن قلقها من اتخاذ أميركا موقفاً مشابهاً مع الجمعية العامة التي تتلقى 22 بالمئة من تمويلها من الولايات المتحدة، بحيث تقوم واشنطن بتنفيذ تهديداتها المبطّنة حيناً والمعلنة حيناً آخر، بأنها قد تلجأ إلى وقف المساهمة في تمويل الجمعية العامة، وفقاً لقانون تم صدوره عام 1990، يحظر على الإدارة الأميركية تمويل منظمات الأمم المتحدة التي تمنح عضويتها الكاملة لأي "جماعة" لا تتمتع بسمات معترف بها دولياً للدولة، وكان من الواضح أن هذا القانون يستهدف الفلسطينيين تحديداً، وهو ما استندت إليه إدارة أوباما عندما جمّدت أو أوقفت دعمها لمنظمة اليونسكو. وكان هناك تصريح مقلق لرئيس الجمعية العامة فوك جيريميتش مؤخراً، فبعد أن أشار إلى أن الفلسطينيين سينجحون ـ على الأرجح ـ في رفع مستوى تمثيلهم من عضو مراقب، إلى دولة غير عضو، أعرب عن تخوّفه من أن تقطع الولايات المتحدة تمويلها للمنظمة الدولية، بسبب هذا النجاح، وقال جيريميتش في تصريحه المشار إليه: إنه لا يرغب في إلقاء محاضرة على واشنطن، لكنه عبر عن قلقه بشأن احتمال تعليق تمويل الأمم المتحدة بسبب القضية الفلسطينية، مضيفاً إن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على الأمم المتحدة.. لكنه ـ يضيف ـ لا أعتقد أن خفض المساهمة المالية سيكون في صالح الولايات المتحدة، لكن لي أن أقول للولايات المتحدة ما ينبغي فعله، فهم يعلمون الأفضل بالنسبة لهم وهذا ما سيفعلونه. إلاّ أن رئيس الجمعية العامة أشار إلى نقطة مهمة، ومفادها أن الفلسطينيين لا يسعون لعضوية الأمم المتحدة، وإنما للاعتراف بهم كدولة غير عضو، في محاولة منه للإشارة إلى أن ذلك لا ينطبق مع نص القانون الأميركي المتعلق "بالعضوية الكاملة"! ويبدو أن هذا التفسير، لم يلق الاستجابة المطلوبة من قبل واشنطن، إذ ردت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند على هذا التفسير بالقول: لدينا قوانين تتطلب منا قطع التمويل الأميركي عن منظمات الأمم المتحدة إذا تم رفع مكانة الفلسطينيين. وبعد تجربة آثار وقف الدعم الأميركي عن منظمة اليونسكو، وإعاقة العديد من البرامج عن التنفيذ، وعدم وفاء بعض الدول بأن تسهم في سدّ العجز الناجم عن وقف هذا الدعم، خاصة من الدول العربية الغنية، فإن لهذا القلق ما يبرّره من الناحية الموضوعية، فالعديد من الدول ستخشى من أن التصويت لصالح فلسطين قد يؤدي إلى قطع المعونات الأميركية المباشرة عنها، غير أن الأهم في هذا السياق هو أن الجمعية العامة هي ملعب معظم دول العالم للعلاقات السياسية على مستوى العالم، كونها محرومة من التمثيل الكامل والشراكة الأساسية في صناعة القرار الدولي، والذي تتمتع به كاملاً خمس دول فقط هي الأعضاء في مجلس الأمن، بينما تصطفّ الدول الأخرى، لتجد نفسها بعد فترات طويلة من الانتظار، كأعضاء مؤقتين في مجلس الأمن من دون التمتع بحق النقض "الفيتو" الذي يمنح صاحبه إقرار أو نقض أي قرار، لذلك، فإن معظم دول العالم، تجد في الجمعية العامة، مكانها الذي تمارس من خلاله صناعة القرارات على الصعيد الدولي، حتى وإن كانت هذه القرارات لا تتمتع بالتنفيذ، لذلك فإن بعض هذه الدول، ستضع في الاعتبار أن وقف المساهمة المالية الأميركية عن الجمعية العامة، قد يطيح بدورها المحدود في الإسهام في صناعة القرار الدولي، وربما تجد أنه من الأفضل عدم التضحية بهذا الأمر مقابل التصويت لصالح فلسطين كدولة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة. أحد أصدقاء الشعب الفلسطيني، وزير الخارجية الإسباني السابق، والموفد الأوروبي الخاص سابقاً إلى عملية السلام في الشرق الأوسط ميغيل أنخيل موراتينوس، ذهب بعيداً قبل أيام عندما أشار في العاصمة القطرية الدوحة إلى أن "إقامة الدولة الفلسطينية هي الاستحقاق الأهم الذي ينبغي أن يتصدر أولويات الأسرة الدولية في هذه المرحلة، محذراً من أنه إذا أخفقت الجهود في تحقيق هذا الهدف خلال عامين "ستكون أمام أفدح فشل سياسي في العقود الأخيرة". موراتينوس، أكثر من ذلك، رأى أن السلطة الفلسطينية مترددة ومتعثرة في خطواتها الأخيرة وأنها تخطئ إذ تكتفي بطلب صفة مراقب كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، ودعاها ـ السلطة ـ إلى التقدم بطلب العضوية الكاملة أمام الجمعية العامة بعد أن رفض طلبها في مجلس الأمن. قد يكون موقف موراتينوس صحيحاً، لكنه بالتأكيد لا يأخذ بالاعتبار حقائق التوازنات الدولية رغم خبرته وتجربته في ميدان السياسة الدولية، ولعل معرفته الواسعة من خلال تجربته في قضايا الشرق الأوسط، تجعله أكثر تشككاً في حديثه، إذا علم أن دولاً عربية، كان يجب أن تدعم التوجه الفلسطيني، يحيط بموقفها الشكوك إزاء هذا الدعم، وهذا أحد أسباب تردد وتعثُّر السلطة الوطنية الفلسطينية بهذا الشأن، مع العلم أن مجرد الحصول على عضوية دولة غير عضو، يشكل إنجازاً مهماً في ظل هذه الظروف بالغة الصعوبة، خاصة أن موراتينوس استلهم في موقفه المشار إليه نتائج ثورات الربيع العربي، من دون أن يدرك تماماً، أن هذه الثورات لا تزال تتخبط وفي مراحلها الانتقالية، إضافة إلى أن اهتماماتها تنحصر كلية في أوضاع بلادها الداخلية. ولو كان لدينا أصدقاء كثر، في موقع القرار، مثل الصديق موراتينوس، بالتأكيد لم نكن بحاجة إلى أي موقف متردد ومتعثر.. لكن ليس لنا إلاّ موراتينوس!!. Hanihabib272@hotmail.com www.hanihabib.net