خبر : حروب الغاز ـ حروب السواحل ..بقلم: رجب أبو سرية

الأربعاء 17 أكتوبر 2012 08:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حروب الغاز ـ حروب السواحل ..بقلم: رجب أبو سرية



بعض مما يفسر إصرار إسرائيل , على الإبقاء على قطاع غزة تحت مرمى نيرانها، وفي دائرة مراقبتها الأمنية ليس أمن مستوطناتها الجنوبية وحسب، ولكن الحفاظ على حقول النفط والغاز قبالة سواحل غزة واسدود , التي تنفق أسرائيل نحو 3 مليارات دولار، اي ما يعادل تقريبا ميزانية السلطة الفلسطينية كلها , للحفاظ على هذة الحقول , آمنة ! وصول طائرة الأستطلاع المعادية لا تكمن خطورته , كما قال حسن نصر الله , في وصولها الى ديمونة , وهو مفاعل نووي , انتهت منذ سنوات صلاحيته , وعلى الأغلب فأن اسرائيل , لا تحتفظ في محيطة بمخزونها من القنابل الذرية , ولكن في أمكانية تهديد هذة الحقول , التي تعتبر بالنسبة لإسرائيل ذخرها الأستراتيجي , والتي ستجعل منها دولة ثرية ومهمة جدا في عالم الغد الذي يبدو أنه في طريقه الى استبدال اعتماده على النفط بالغاز . من يراقب ويتتبع ظهور قوى إقليمية مثل قطر وهي دولة نفطية، لكنها ليست منتجة كبيرة للنفط، وليس لديها احتياطي كبير، كما هو حال السعودية والعراق وحتى الكويت مثلا , يدرك ان مصدر الثروة والقوة , قد تغير _ ونحن في غزة _ ندرك حجم هذا التغير بالملموس , فبعد عام الحرب على غزة , آواخر عام 2008 أوائل عام 2009 , وبعد أن فرضت أسرائيل حصارها الاقتصادي على القطاع , وفي لحظة النقص الحاد للوقود , بما فيه وقود السيارات , تحول كثير من السائقين لأستخدام جهاز , كان يكلف نحو 500 $ , يتم تركيبه في محرك السيارة , ويوفر لها القدرة على التشغيل أعتمادا على الغاز , وليس على الوقود النفطي فقط . اي أن اهمية الغاز لا تكمن فقط في استخدامه كغاز طهي في البيوت والمنازل , بل يمكن ان يتم تحويل معظم , الأجهزة وربما مصانع الدنيا , لتعتمد أعتمادا مزدوجا على كل من مشتقات النفط والغاز , أو حتى على الغاز , فقط , أو ايهما أرخص . ومعروف ان العالم ومنذ عقود يبحث عن طاقة بديلة , تحرره من سطوة " اوبك " ومن أعتماده الكلي على النفط , وفي هذا السياق كانت هناك محاولات كثيرة , لتوفير الطاقة الشمسية , حتى في تشغيل السيارات . المهم أن الأهتمام بالغاز متزايد , وتزداد محاولات اكتشافه والبحث عنه , ويمكن تفسير القوة القطرية المتزايدة , بالنظر الى أن قطر وهي الدولة الصغيرة جدا , ولكن التي ظهر خلال الأعوام الماضية تزايد دورها الأقليمي , انما هي ثاني أهم دولة _ بعد روسيا _ في العالم في أنتاج الغاز . كما يلاحظ أنه, ومقابل أكتشاف النفط قبل نحو خمسة أو ستة عقود , في الصحاري : السعودية , ليبيا , الكويت ,,, فأن الغاز انما يظهر على السواحل وفي المياة الأقليمية _ قطر , مصر , الجزائر , قبرص _ . لم يتوقف الكثيرون عند أكتشاف حقلي الغاز مقابل شاطيء غزة , حيث ربما كان واحدا من دوافع أسرائيل , لتخريب الوحدة الداخلية الفلسطينية , أضافة للهدف السياسي , هو منع غزة من أنتاج الغاز , في الوقت الذي كانت فيه أسرائيل تعتمد على الغاز المصري , وتقوم بعمل دؤوب للبحث عنه في سواحلها وفي المياة الأقليمية بينها وبين قبرص , وما أن اكتشفته بكميات ضخمة , حتى بدأت في عقد الاتفاقيات مع قبرص , وحتى أن دخلت في احتكاك مع تركيا , التي تشاركها في تلك المياة الأقليمية والتي تعتقد بأحقيتها في العلاقة مع قبرص , ولم تكن مناسبة تسيير سفن كسر الحصار الا مجسا أستكشافيا , لما يمكن ان يحدث من " صراع " بين الدولتين على هذا المصدر للطاقة ! وربما كان اصرار أسرائيل على ملاحقة صيادي غزة , واطلاق النار على كل من يقترب من المياة الأقليمية , كذلك أغلاق ملف كسر الحصار , بأعتباره , يقع على كاهل الأسرائيليين , وحشره , في معبر رفح , دليل على أن الاقتراب من حقول الغاز الغزية , هو خط أحمر , وأن غزة وشاطئها ربما يشكلان ممرا مهما للغاز القطري وحتى المصري , في طريق وصوله لاحقا الى الغرب الأوروبي , وان حماس تعلم هذا جيدا , لذا فهي تندفع نحو النقطة الأضعف , أي نحو رفح , ولا تطالب بفتح المياة الأقليمية لتحرير غزة من الحصار ! هل يعني هذا بأن حروب الغاز قد بدأت , وان اعادة ترتيب المنطقة , ضمن عملية " الربيع العربي " الذي تقوده قطر , ستحدث سايكس / بيكو جديد في المنطقة , هدفه تأمين خطوط الغاز , من مناطق انتاجه على السواحل الجنوبية والشرقية للمتوسط , وصولا لأوروبا المستهلكة , الأمر يستحق البحث والتفكير جيدا , وحتى يمكن فهم ما يحدث من صراعات سياسية , تفجرت في هذا الوقت بالذات , لابد من الإحاطة بالدوافع الاقتصادية لتلك الصراعات , ومدى مصالح الدول الأطراف فيها , وطبيعة الخارطة السياسية , التي ستكون عليها المنطقة , ودور الدول فيها أرتباطا بهذا المتغير , حيث ان منطقتنا _ الشرق الأوسط _ ما زالت تكمن اهميتها في كونها منطقة ثروات طبيعية , ومنطقة أستهلاك للمنتجات الأستهلاكية , التي تأتي أليها من الشرق والغرب , على نحو مزدوج . Rajab22@hotmail.com