خبر : الانتخابات الإسرائيلية المبكرة: فاسدون ومرتشون يتصدرون المشهد!..هاني حبيب

الأحد 14 أكتوبر 2012 08:18 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الانتخابات الإسرائيلية المبكرة: فاسدون ومرتشون يتصدرون المشهد!..هاني حبيب



أرادها نتنياهو أن تجري في أقصر وقت ممكن، حتى لا تتمكن المعارضة من لم شمل صفوفها، أما المعارضة فحاولت أن تؤخر موعد إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة، كي تتمكن من توحيد صفوفها والتغلب على مشاكلها، وكان الحلّ الوسط بين موعد اختاره نتنياهو في 15/1/2013، والموعد الآخر الذي اختارته زعيمة حزب العمل شيلي ياحيموفيتش 29/1/2013، وتوصل الطرفان إلى الموعد الذي بات قراراً مقرراً في الثاني والعشرين من كانون الثاني القادم. من المعروف أن تبكير موعد إجراء هذه الانتخابات جاء لأسباب تتعلق بفشل نتنياهو في إقناع شركائه في الائتلاف الحكومي بالموافقة على إقرار ميزانية الدولة العبرية، ويقال بهذا الصدد إن نتنياهو تسرع في إعلان هذا الفشل واتخاذ قرار تبكير الانتخابات خشية من أن تحاول الأحزاب الدينية خاصة حركة "شاس" الانسحاب من الحكومة، قبل قرار تبكير الانتخابات على قاعدة أنها رفضت هذه الميزانية في ظل عدم عدالتها تجاه الفقراء والمتدينين، ويقال هنا، إن نتنياهو تسرع قبل أن تستقيل هذه الأحزاب، وتخرج من الحكومة، كبطل مدافع عن حقوق الفقراء وطلاب المدارس الدينية، وقبل أن يتم ذلك، سارع نتنياهو إلى اتخاذ قرار التبكير في وقت مبكر على انسحاب واستقالة وزراء اليمين الديني، وكان هذا الأمر، شكلاً من أشكال الاحتيال، خاصة وأن نتنياهو لم يُجر مباحثات كافية مستفيضة لإقناع الأحزاب بإقرار ميزانية الدولة كما جرت العادة، بل انه اعتمد على مؤشرات استطلاعات الرأي التي شجعته على اتخاذ قرار التبكير بما فيه مصلحته الشخصية ومصالح حزب الليكود الذي يقوده. يحب نتنياهو اللقب الذي منحته إيّاه وسائل الإعلام "ملك إسرائيل" وهو يريد أن يجعل من هذا اللقب أكثر واقعية بالبقاء ملكاً من خلال صناديق الاقتراع، إلاّ أن هذه المرة، هذه الانتخابات، لن يكون فيها المخادع الوحيد أو المحتال المتفرد، إذ إن هذه الانتخابات تتميز بكثرة المحتالين الذين تصدروا المشهد الانتخابي الإسرائيلي وما يميز معظم هؤلاء أنهم باتوا معروفين بفسادهم وتلقيهم الرشاوى، وهذه ليست إشاعات عبر الحملات الانتخابية، ولكن عبر أحكام صدرت عن محاكم.. يعود هؤلاء إلى المشهد بذريعة أنهم أوفوا الدولة والشعب الدين من خلال تنفيذ الأحكام، إلاّ أن ذلك بنظر البعض لا يعني تصدرهم المشهد السياسي، وكأن شيئاً لم يكن، فكيف لفاسد أو مرتش أن يمثل الشعب في البرلمان، إلاّ إذا كان هذا الشعب من الطينة نفسها!. ولنبدأ بالوزير الإسرائيلي الأسبق أرييه درعي، الذي قضى في السجن عاماً ونصف العام قبل تسعة أعوام بعد إدانته بتهم فساد كبيرة من اختلاس وتزوير وغيرها من التهم المشابهة، فقد أعلن أنه سيعود للحياة السياسية، الأمر الذي وجد رفضاً من معظم منتسبي حركة "شاس" التي قادها في أيام مجدها، إذ انتعشت "شاس"، وحازت مقاعد أكثر إبّان قيادته لها، بينما خسرت بعد دخوله السجن عدداً من مقاعدها، الأهم من ذلك، أن لدرعي شعبية واسعة داخل قواعد "شاس"، باعتباره يهودياً شرقياً، في حين يرى البعض أن عودة درعي إلى قيادة "شاس"، ستشكل ضرورة لتحالف تيارات داخلية، بدلاً من سيادة تيار واحد عليها. قد لا يمكن تصور درعي كسياسي محنّك، إلاّ أن ذلك تبسيط للأمور، وإذا ما عدنا إلى فترة قيادته لحركة "شاس"، فقد كان درعي الأكثر تعبيراً عن براغماتيتها وانتهازيتها، فقد نجح في إقناع الزعيم الروحي للحركة عوفاديا يوسيف بضرورة استصدار فتوى تجيز "التنازل عن الأرض من أجل منع سفك الدماء" الأمر الذي مهد لنواب الحركة تأييد اتفاقيات أوسلو في التسعينيات.. وهو ـ درعي ـ الذي تلاعب بالحكومات وجعل من حركة "شاس" البيدق الضروري لكل حكومة، حتى لو كانت الخلافات أيديولوجية، فقد انضم بحركته إلى الليكود قبل خمسة عشر عاماً، وبعد ذلك بثلاث سنوات، لم يجد مانعاً من الانضمام إلى حكومة حزب العمل بزعامة باراك في ذلك الوقت.. عندما كان الحزب يوصف "باليسار"!. معظم قادة "شاس" لا يريدون لدرعي العودة إلى الحركة، بعدما انتقلت بعد قيادة ايلي يشاي إلى اليمين الأكثر تطرفاً بالتأثير الذي عبّر عنه معظم حاخامات الحركة، ومسايرة للتطرف المتزايد للحزب الحاكم، "الليكود"!. أما المحتال المدان الثاني، ايهود اولمرت، فلم يقرر بعد العودة إلى المسرح السياسي، على الأقل هذا ما يبدو عليه الأمر، لكن مؤشرات عديدة تشير إلى أنه يتطلع بكل قوة إلى العودة، لكنه يرغب في أن تتزايد الضغوط عليه "لإجباره" على هذه العودة التي من شأنها برأي البعض انتشال "كاديما" من السقوط، وأن يشكل ندّاً لنتنياهو يمكن الرهان عليه لمنافسة قوية.. لقد أدين وحوكم بالسجن مدة عام "مع وقف التنفيذ" والقانون الإسرائيلي لا يمانع في عودته في هذه الحال، كون الحكم بالسجن كان مع وقف التنفيذ، على أن المسألة هنا لا تتعلق فقط بالأحكام القضائية، بل بالمسار الأخلاقي، فكيف يمكن لمرتش أو فاسد، أن يكون حاكماً لدولة تصف نفسها بكل المعاني الأخلاقية والإنسانية!. ربما يجد أولمرت في عودته إلى الميدان السياسي إعادة اعتبار شخصية له، إلاّ أن الآخرين يرون فيه منقذاً، ومشاوراته التي أجراها مع ليبرمان زعيم "إسرائيل بيتنا"، وموفاز الزعيم الحالي لـ "كاديما"، ومع شريكته السابقة تسيبي ليفني، هي مؤشرات لا تقبل التأويل عن مسعى أولمرت للعودة.. إلاّ أن العامل الحاسم في هذا السباق، قد يكون في النتائج الصادرة عن استطلاعات الرأي التي ستتعدد وتتكرر يوماً كجزء من النشاط للإعداد للانتخابات والتحالفات. ومحتال آخر، أكثر حظاً، إذ إنه مازال يتزعّم حزبه، ووزيراً في حكومة نتنياهو، ونجح إبّان الانتخابات السابقة في عدم توجيه لائحة اتهام ضده، إنه أفيغدور ليبرمان الذي مازال ينتظر أن توجه له لائحة اتهام للاشتباه بارتكابه جملة من المخالفات: نصب واحتيال ومضايقة شاهد في قضيته ونقل معلومات حساسة وأسرار تحقيقات الشرطة. عقد الانتخابات لن يكون سبباً في عدم اتخاذ قرار بتقديم لائحة اتهام ضده يتم إعدادها منذ عامين.. لكن في حال اتخذ مثل هذا القرار، وحتى قبل محاكمته، فإنه سيحرم من أن يكون وزيراً في الحكومة القادمة. والقائمة قد تطول، لكنها لن تقصر، فالبعض أكثر احتيالاً وذكاءً من أن تطاله يد العدالة، إلاّ أن تصدُّر هؤلاء للمشهد الانتخابي يجب ألا يكون مستغرباً في دولة تقوم أساساً على الاحتيال والخداع، باعتبارهما شأناً توراتياً خالصاً، .. إلاّ أن هؤلاء، رغم كل شيء ليس بمقدورهم منازلة المخادع الأكبر والمحتال الأوّل.. ملك إسرائيل!. Hanihabib272@hotmail.com www.hanihabib.net