خبر : العصر الأهيف- حافظ البرغوثي

الخميس 11 أكتوبر 2012 10:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
العصر الأهيف- حافظ البرغوثي



غريب أمرنا كعرب سائدة وبائدة وماجدة وقاعدة وراقدة، فنحن نمر بمرحلة العجب العجاب والقفز من البعير إلى ما فوق السحاب دون مركبة فضائية. نموت نيابة عن الآخرين في اقتتال دام لا يخلو منه أي قطر عربي.. نجندل رؤوسنا يومياً تحت سمعنا وبصرنا.. ندمر مدنا كحلب وحمص ونقول إننا سنحرر الجولان؟ نعاقب بعضنا في فلسطين من أجل تحريرها مع أن الاحتلال فقط هو من يستريح.. إسرائيل تهدد السلطة بقطع العلاقات.. مثلما تهدد إيران دولة الامارات بقطع العلاقات إذا واصلت مطالبتها بالجزر المحتلة.. والسيد خالد مشعل بعد انطفائه في حماس اعترف بأخطائها في غزة. وليبيا تقتتل داخليا.. والرئيس مرسي أنجز تخفيض المانغا في المائة يوم الأولى من حكمه وابتسم في وجه أحد المصلين ونسبت جماعته حرب أكتوبر إليها، بينما ارتفع كيلو الطماطم إلى سبعة جنيهات وكأن شجرة المانغا تزرع مع صلاة الفجر وتثمر مع صلاة المغرب. والتيارات الإسلامية من الاخوان الأميركيين والسلفيين الجدد على غرار المحافظين الجدد في أميركا يجاهدون في سوريا بالزواج الجهادي من حرائر الشام واصطيادهن من المخيمات بعد فرارهن من براثن الشبيحة إلى أحضان المشايخ. ولم يجاهدوا لنصرة الصومال بالزواج من صوماليات مثلاً. ربما لأنهم يفضلون اللحم الأبيض المتوسط وليس الأفريقي المتجلد.عجيب أمرنا فكأننا في عصر المغول عندما فتح العلقمي أبواب بغداد لهولاكو.. وكان الهلاك من نصيب الجميع.. فالمغول الجدد الداعمون للثورات يفتحون العواصم تباعاً بالأحزاب والتيارات العلقمية والأبورغالية من ابرهة الأشرم إلى أوباما الأبكم. والغريب أنه بينما تهدر المظاهرات احتجاجاً على فيلم مسيء للرسول صلى الله عليه وسلم لا يحرك أحد ساكناً أمام الهجمة اليومية المبرمجة للمستوطنين في المسجد الأقصى مسرى النبي ومعراجه إلى السماء.. فالفيلم الخيالي أهم من الواقعي على أرض الرباط.إنه الرياء والنفاق عنوان المرحلة العربية.. فلو جاهر أحد ممن يشاركون في الثورات بعروبته لوجدنا أن الداعمين توقفوا عن دعمه لأن الهدف طمس العروبة واستنبات مذهب إسلامي جديد يقوم على السمع والطاعة للغرب واختراع عصبيات قبلية وعرقية ومذهبية جديدة لاعادة تمزيق الأرض العربية إلى دويلات صغيرة.. فقد ظل الحراك الأردني حتى الآن دون سفك دماء إلى أن قررت جماعة الاخوان الزج ببعض الفلسطينيين فيه في مسيرة الجمعة طلباً لسفك الدماء في مواجهة جماعة الليكود الأردني وكأنهم هنا يريدون جر الحراك إلى الدم مع أن الليكود الأردني حاول مراراً الزج بالفلسطيني في الحراك دون جدوى.. وحتى نرى الخازوق جيداً رأينا كيف تنطع زعيم اخواني أردني للرد على الشيخ عبد الله بن زايد عندما انتقد جماعة الاخوان في الامارات وكأن اخواني الأردن وصي على الامارات إذ ان جماعة الاخوان كما يبدو اتفقت على تدمير الدول العربية وليس الأنظمة فقط وتقوم بدور العلقمي.ولعل نبأ هيفاء بنت ماء السماء على يخت في مياه الخليج وانتقالها إلى يخت آخر ونقلها بمروحية قطرية أخذ اهتماماً أكثر مما يحدث من مذابح وقبائح وفضائح في العالم العربي وكأن ما يحدث قضاء وقطر سواء كان خبر اليخوت صحيحاً أم لا. يختي علينا بلا بخت أو يخت أو تخت.عن أنس أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال «لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تقوم الساعة» والله من وراء القصد. حافظ البرغوثي-كاتب وشاعر فلسطيني