خبر : البوعزيزي وواقع غزة ...... بقلم : خليل ابو شمالة

الإثنين 08 أكتوبر 2012 01:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
البوعزيزي وواقع غزة ...... بقلم : خليل ابو شمالة



عندما أحرق بوعزيزي نفسه لم يكن في ذهنه قلب نظام حكم زين العابدين بن علي، ولم يكن مـتأكدا أن الشعب التونسي سينتفض انتصاراً لكل الفقراء والمعذيين، ولم يكن على يقين أن النظام سينتهي وأن المبعدين سيعودون ويصبحون قادة الشعب التونسي، ولم يكن بوعزيزي يعرف ما هي السياسة.بوعزيزي كان رجلا بسيطا يسعى من أجل قوت أسرته ونفسه، ولا يرجو من الدنيا سوى حياة كريمة تجنبه التسول ، وتحمي أسرته من الضياع. هذه اللمحة السريعة استحضرها للمقاربة، وبعيداً عن السياسة، لكي أتحدث عن واقع غزة وبناء على حقائق ومعايشة، وليس مزاودة  على أحد، ولا تحميل أحد فوق طاقته ولكن من باب مواجهة الواقع والحقيقة، ولمن يحاول أن يحجب الحقيقة، ويتعامل مع وهم وتزييف للواقع أقول: التقارير الدولية لدى  وكالة غوث وتشغيل اللاجئين والجامعات ومركز الإحصاء المركزي تتحدث عن نسب مرتفعة من البطالة والفقر، وتذكر أن في غزة يوجد مائة وسبع آلاف حالة معدمة مسجلة لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، لا يستطيعون توفير طعام وحليب لأطفالهم دون مساعدة الوكالة والمؤسسات الإغاثية الأخرى، وفي غزة أكثر من ستين ألف خريج يشكلون جيشاً من العاطلين عن العمل. في غزة ثلاث من بين كل خمس مواطنين يتعاطون الترامادول حسب تقارير منظمة الصحة العالمية، صحيح أن هناك مكافحة لانتشار الترامادول في غزة، ولكن ماذا عن مكافحة الأسباب التي تدفع هذه النسبة للتعاطي؟. في غزة معلوم أعداد الموظفين المستنكفين عن العمل بقرار سياسي، ما تسبب في انتشار المشاكل الزوجية التي رفعت نسبة الطلاق إلى أضعاف مقارنة بالمعدلات الطبيعية، ولمن يريد أن يعرف أكثر، بإمكانه زيارة المحاكم الشرعية.في غزة تزداد نسبة عمالة الاطفال ، ونرى باعة متجولين من الأطفال يستمرون لساعات طويلة على شواطئ غزة، وفي شوارعها.في غزة يوجد آلاف الآباء الذين يقفون صباح كل يومٍ عاجزين أمام سؤال أطفالهم عن ثمن قلم رصاص، أو دفتر أو وسيلة تعليمية. غي غزة يوجد 22% من أطفال اللاجئين يعانون من مرض فقر الدم نتيجة لسوء النغدية وعدم تناول وجبة الإفطار قبل التوجه لمدارسهم، بسبب فقر أسرهم. جامعات غزة تحتفل كل عام بتخريج أفواج من الطلبة ولا أحد يرى أي احتفالات لتشغيل هذه الأفواج.. في غزة الكثير مما يمكن أن يقال، ولكن هناك قضايا نعلمها جميعاً، ونحرص ايضاً على عدم الحديث فيها لأسباب اجتماعية وأخلاقية، ولكننا نقصر في مواجهتها بشكل حقيقي ونتجنب الحديث عن أسبابها. في غزة تناضل الطبقة المتوسطة لكي تبقى متوسطة، في وقت تناضل البرجوازية الكبيرة على حساب الغالبية الساحقة من المجتمع، ليزداد الغني غنى، ويزداد الفقير فقراً. هؤلاء ربما لا يعرفون السياسة، وأجزم أنهم غير مهتمين بمن يحكم ومن يسيطر، ولا يهمهم من يتحدث في المؤتمرات الصحفية ومن يمثلهم، ولا يعرفون مفهوم الصمود الحقيقي لأنهم متهمون بالصمود رغماً عنهم.هؤلاء يا سادة هم المجتمع ، أعمدته وأركانه ، حاضره ومستقبله، هدمه وبناءه، لديهم أحلامهم وآمالهم، ولا يواجهون إلا آلامهم. هذه غزة وواقعها، وربما هناك من يرى أوجه أخرى ويكون محق وصائب، ولكن هل يستطيع أن يتجاهل هذه الحقيقة وهذا الواقع؟.