خبر : الحرازين : الاستقامة السياسية رؤيتنا والمقاومة بوصلتنا ..الجهاد الاسلامي تنهي استعداداتها الكبرى لانطلاقتها غدا الخميس

الأربعاء 03 أكتوبر 2012 02:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
الحرازين : الاستقامة السياسية رؤيتنا والمقاومة بوصلتنا ..الجهاد الاسلامي تنهي استعداداتها الكبرى لانطلاقتها غدا الخميس



غزة / سما / انهت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين الاستعدادات الكبرى لاقامة المهرجان المركزي بمدينة غزة في الذكرى الـ 25 لانطلاقتها والـ 31 لتاسيسها على يد الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي . وقال القيادي في الجهاد الاسلامي محمد الحرازين ان الاستعدادات والجهود لاقامة المهرجان الكبير شارفت على الانتهاء مؤكدا ان يوم غد الخميس سيكون يوما مشهود في تاريخ الجهاد الاسلامي والشعب الفلسطيني حيث يكرم الشعب الفلسطيني تلك الحركة الرائدة المضحية في ذكرى انطلاقتها ويكرم ايضا قائدها ومؤسسها الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي . واضاف"ان دعوات وجهت الى كافة القوى الوطنية والاسلامية لحضور ممثلين عنها المهرجان المركزي والذي سيجسد رؤية الجهاد الاسلامي الوحدوية واستقامتها السياسية التاريخية وعدم ولوغها في تحديات او صراعات فلسطينية دموية داخلية حيث ان بوصلتها المركزية هي المواجهة مع الاحتلال". ومن المتوقع ان يلقي الامين العام للجهاد الاسلامي د. شلح كلمة خلال المهرجان يؤكد فيها على رؤية الحركة للاوضاع ومشروعها الجهادي . ويذكر ان الدكتور الشقاقي قد اسس حركة الجهاد الاسلامي في مصر في نهاية السيعينات وبداية الثمانينات حيث رافقه في عملية التاسيس الامين العام الحالي للحركة الدكتور رمضان شلح والدكتور محمد الهندي ونافذ عزام والعديد من القادة الاخرين. وامتاز الشقاقي برؤية فكرية ناضجة جعلته هدفا للكثير من الانتقادات في حينه حين اكد ان فلسطين هي القضية المركزية للحركة الاسلامية فيما كانت معظم اذرع الحركة الاسلامية تعتبر ان الله هو القضية المركزية وليست فلسطين ما ادى الى خوض تلك الحركات حروبا في كشمير وافغانستان بدلا من فلسطين الى ان انحازت الحركة الاسلامية الى رؤية الشقاقي حول مركزية فلسطين واصبحت تتبناها الان.والشقاقي من مؤسسي المؤتمر القومي العربي في بيروت والذي ساهم الى حد كبير في التقريب بين وجهة النظر الاسلامية والقومية . وتمتاز حركة الجهاد الاسلامي بتركيز رؤيتها وجهدها في مقاومة الاحتلال معتبرة ان الصراع معه اكبر بكثير من مكاسب هنا او هناك ويحتاج الى رؤية واضحة بعيدا واستقامة سياسية معتبرة ان الانسان هو محور التحرير والمقاومة فيما ترفض الحركة المشاركة في الانتخابات التشريعية معتبرة انها احدى نتائج اتفاق اوسلو المشئوم وان مظلة اوسلو لها استحقاقات رهيبة وخطيرة على كل المستويات. وللحركة جناح عسكري باسم سرايا القدس والذي يضم في صفوفه الاف المقاتلين ويتمتع بقدرات مختلفة برزت خلال المواجهة الاخيرة مع الاحتلال في مارس الماضي حيث استخدمت صواريخ بعيدة المدى وحذرت اسرائيل في حينها الحركة من قصف تل ابيب وتجاوز الخطوط الحمراء بعدما رصدت الاجهزة الامنية الاسرائيلية ما اسمته في حينه اوامر لقصف تل ابيب وغيرها من المدن في وسط اسرائيل ما استدعى في حينه تدخلا مصريا لوقف الحرب بين الجهاد والدولة العبرية. ويراس الحركة حاليا رمضان عبد الله شلح وهو حصال على الدكتوراة في الاقتصاد من مصر ولندن وعمل قبل توليه منصب الامين العام للجهاج استاذا للعلوم السياسية في جامعة تامبا بامريكا .ويعتبر شلح كاتبا ومؤلفا وشاعرا ويجيد اللغة الانجليزية والعبرية .                                  من هو الدكتور رمضان عبد الله شلح " رمضان عبد الله شلح خلف قيادة حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي الذي اغتالته إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 1995 في مالطا خلال رحلة عودته من ليبيا، الى مقر إقامته في دمشق. - ولد رمضان شلح في عام 1958 في منطقة الشجاعية بقطاع غزة .- يعتبر من مؤسسي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.- حصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة الزقازيق المصرية عام 1981.- عمل أستاذاً للاقتصاد في الجامعة الإسلامية بغزة من 1981ــ 1986، وحاصل على درجة الدكتوراة في الاقتصاد من جامعات بريطانيا. عايش الاحتلال الإسرائيلي للقطاع عام 1967 وحتى خروجه للدراسة في مصر عام 1977، للدراسة الجامعية في مصر. امتاز بالتدين منذ نعومة أظفاره، وساعدته عذوبة صوته على الأذان وهو في العاشرة من العمر. التحق عام 1977 بجامعة الزقازيق في محافظة الشرقية بمصر، مثله مثل غالبية شباب قطاع غزة. في سبتمبر (ايلول) من نفس العام تعرف على فتحي الشقاقي الذي كان قد سبقه الى الزقاقيق بعامين وكذلك الى عضوية حركة الإخوان المسلمين، رغم اختلاف دراستهما، فالشقاقي كان يدرس الطب بينما شلح التحق بالجامعة لدراسة التجارة والاقتصاد. بدأ إسلامه السياسي، على يدي الشقاقي الذي قدم اليه كتب سيد قطب والمودودي وحسن البنا وغيرهم من رموز الحركة الإسلامية. عام 1978 اقترح شلح على الشقاقي، تشكيل تنظيم، ليكتشف ان الشقاقي عضو في الإخوان ويترأس مجموعة صغيرة باسم الطلائع الإسلامي، التي تطورت بعد 7 سنوات لتصبح حركة الجهاد الإسلامي. وبايع شلح رفيقه بيعة الجهاد. وتوسع التنظيم ليضم العشرات من الطلبة الفلسطينيين في جامعات الزقازيق والمنصورة والاسكندرية والقاهرة. وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد عام 1981، عاد بعدها الى قطاع غزة ليحاضر في الجامعة الإسلامية حتى عام 1986. سافر الى بريطانيا لمتابعه دراساته العليا، حيث حصل على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة دارام عام 1990 في شمال شرق بريطانيا، وخلال وجوده هناك واصل نشاطه الديني. ومن دارام انتقل الى لندن حيث عمل باحثا في مراكز اسلامية، كمحطة للسفر الى الكويت، التي وصل اليها قبل الغزو العراقي لها بأيام، وتزوج هناك، قبل ان يعود الى لندن ليبدأ منها رحلته الى الولايات المتحدة وتحديدا الى مدينة تامبا في ولاية فلوريدا، حيث عمل مديرا لمركز ابحاث «الإسلام والعالم» ورئيسا مشاركا لتحرير دورية «قراءة اسلامية». في عام 1995 كان شلح في زيارة الى دمشق، وكان قد اتخذ قرار العودة الى فلسطين حيث ارسل زوجته وأولاده الثلاثة. وجاء اغتيال الشقاقي في مالطا أثناء عودته من مؤتمر في ليبيا، في 25 أكتوبر (تشرين الأول) ليكون نقطة التحول الحاسمة في حياته. انتخب أمينا عام للجهاد الإسلامي خلفا للشقاقي، من قبل أعضاء مجلس الشوري للحركة في الداخل والخارج. وفي 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، سمت واشنطن شلح «ارهابيا من فئة خاصة». وفي 24 فبراير (شباط) 2006 وضع اسمه على قائمة «اخطر المطلوبين» التي أعدها مكتب التحقيق الفيدرالي الأميركي «إف بي آي»، وأدانته محمكة في تامبا بـ53 تهمة، منها القتل والتفجير الى آخره. ولم يحصل التغير نحو الاعتدال بتسلم شلح قيادة الحركة، حيث كان يتوقع المراقبون أن يكون شلح أكثر اعتدالا من سلفه، بسبب السنين التي قضاها في الغرب سواء في بريطانيا أو أميركا. وظل مخلصا وفيا لزميله ورفيقه وصديق عمره، فسار على دربه وواصلت سرايا القدس ـ الجناح العسكري للجهاد عملياتها التفجيرية، وتصدر شلح قائمة الاغتيالات الإسرائيلية. ترجمة الشخصية - يؤكد شلح علي تمسكه بخيار المقاومة المسلحة لتحرير الأراضي الفلسطينية، ووجه انتقادات شديدة لقمة شرم الشيخ التي عقدت في فبراير الماضي والتي أعلن خلالها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الصهيوني ارييل شارون عن تهدئة لوقف أعمال العنف وإطلاق سراح بعض الأسري الفلسطينيين، وقال "نحن نعارض ما جرى في تلك القمة لأننا نعتقد أن ما جرى هو كارثة". - أكد شلح أن الانتفاضة أثبتت للصهاينة أن اتفاقية أوسلو ليست إلا حبراً على ورق، قائلاً "فوجئ الصهاينة بأن الفلسطيني الذي يُفجر نفسه ويستشهد، ليس هو فقط من الفصائل المعارضة لأوسلو بل هو من الحركة التي وقعت على أوسلو، أما التسوية الأخيرة التي يقودها أبو مازن، فهي تريدنا أن نسلم بالرواية الصهيونية وأن نعترف بالوجود الصهيوني في أرضنا".                   فتحي الشقاقي ..حارس الذاكرة بعد سبعة عشر عاماً على استشهاده  الزمان: أواخر ربيع العام 1948.. من بين تلك العائلات كانت عائلة إبراهيم الشقاقي، الابن الوحيد لإمام مسجد زرنوقة.. ستتوقف العائلة في رفح..وفي المخيم، وبعد ثلاث سنوات على النكبة سيولد أكبر أبنائها فتحي إبراهيم الشقاقي.   أكبر من النكبة بثلاثة أعوام، لكنها تترك في ذاكرة الفتى أوتاد خيامها وبردها الصحراوي وآلام وجوه المهاجرين ونظراتهم المتعلقة بالأسيجة البعيدة الفاصلة وبالفناء البحري حيث صيادو بحر غزة بلا أشرعة للفرح ولا أغنيات إلا للريح الذاهبة نحو دماء لا تجف على امتداد الساحل المحتل عام 1948..   وفي ليلة مبكرة من العمر، قبل أن ينمو البصر والذاكرة والبصيرة إلى الأبعد، سكبت أحد عشر كوكباً في روحه ماء الوضوء، فيما كان والده الكهل يسكب فيها اسم فلسطين وشكل القرية المسلوبة ودروبها وينابيعها وأشجارها وأطيارها كل صباح ومساء…   ـ متى سنعود يا أبي؟ يقول الشهيد الشقاقي: "لم أكن أعلم مدى قسوة هذا السؤال على الكبار…وفي خاطري كان هناك إحساس لم يفارقني بعد أن كبرت، بأن العودة قريبة.. يكفي أن نجتاز المسافة الضبابية الفاصلة كي نكون هناك…".   وقد تكون المسافة اتسعت أبعد مما تصور الطفل، لكنها تبددت أكثر مما تصور المحتل في مخيلة أبي إبراهيم ورؤياه وسيرته.. ففي المخيم الصغير مخيم رفح المحاط بالجنود والزوابع ومعالم الهجرة، راح فتحي الشقاقي يحث العمر على إدراك عاجل للأشياء.. فكانت الفكرة هاجسه، وبجانب تعلقه بالصلاة والقرآن والسيرة، كان مأخوذاً بالقراءة، فوقوعه على كتاب جديد أو جريدة أو قصاصة هنا وهناك كان سبباً في غبطة كبيرة، فضلاً عن أن يكون في الكتاب أو الجريدة ما يمت إلى الإسلام وفلسطين. ويذكر أخوه الأصغر تلك الرحلات المفاجئة التي كان يرسله فتحي بها كي يعود له بصحيفة أو كتاب وصل عبر الحدود من مصر.   اللحظة الفارقة في عمر فتحي الشقاقي، كما كان يؤكد بنفسه، هي زيارته وصلاته في المسجد الأقصى لأول مرة.. ولعل المفارقة أنه، مثل كثير من الفلسطينين، لم يستطع الوصول إلى الأقصى إلا بعد العام 1967. وسنسمعه يقول بعد سنوات إن احتلال الضفة والقطاع، وإن بدا نصراً للكيان الصهيوني، إلا أنه أسقط الكثير من المفاهيم ومهد الطريق أمام ظهور وعي أصيل لأبعاد قضية فلسطين وموقعها في وجود الأمة ورسالتها.   في تلك اللحظة وربما قبلها بقليل ، بدأت أولى خيوط العلاقة بين فلسطين والمشروع الإسلامي تتكون في عقل الشاب فتحي الشقاقي.. كان آنذاك قد تسجل حديثاً كطالب في جامعة بير زيت حيث درس العلوم والرياضيات لأربعة أعوام وانتقل ليمارس مهنة التدريس في القدس، ثم ليحصل مجدداً على الشهادة الثانوية ويسافر إلى مصر لدراسة الطب في جامعة الزقازيق.   وهنا كانت اللحظة الفارقة الأخرى والأهم في حياة الشقاقي، حيث التقى عشرات من الطلبة الفلسطينيين وخاضوا معاً حواراً فكرياً امتد لسنوات في سبيل التأسيس لبواكير رؤيا إسلامية مجاهدة بدت آنذاك خارج سرب الطروحات الأخرى.    كانوا يلتقون في غرفة فتحي الشقاقي التي يصفها الدكتور رمضان عبدالله شلح، أقرب رفاق درب الشقاقي إليه متذكراً "كانت غرفة فتحي الشقاقي، طالب الطب في جامعة الزقازيق، قبلة للحواريين، وورشة تعيد صياغة كل شيء من حولنا، وتعيد تكوين العالم في عقولنا ووجداننا".   تلك الكلمات جاءت شديدة الدقة في توصيف ما كان يفعله أولئك الشبان إلى جانب الشقاقي والذين راحوا يكتبون أفكارهم في جريدة أصدروها بعنوان "المختار الإسلامي" كتب فيها الشقاقي باسم عز الدين الفارس. ولعلهم بتواضع المؤمنين لم يدركوا تماماً أنهم كانوا يعبرون نقطة تاريخية في المفاهيم.. نقطة وتحولاً يضعان فلسطين وقضيتها كأولوية في قلب مشروع الأمة الإسلامي.   وسط عالم متلاطم من التيارات السياسية والأفكار الملقاة هنا وهناك في القاهرة وكفلسطيني لا تغادره فلسطين إن ابتعد بل تكبر في روحه وتمد جذورها في الخاطرة والفكرة والرؤيا، بحث الشقاقي وإخوانه عن موقع فلسطين في المشروع الإسلامي ومفاهيمه السياسية المطروحة. ووضعوا علامة تساؤل كبيرة أمام غيابها عن الصدارة. بيد أنهم لم يقدموا هذه الرؤيا في حدود الطرح السياسي وحسب، فالجوهري أن الشقاقي وإخوانه بينوا أن المشروع الإسلامي وفلسطين هما كل متكامل لا ينفصلان.. ففلسطين هي آية في الكتاب، بما هي وما كانت عليه في اختيارها الإلهي أرضاً للإسراء والمعراج لتكون نقطة تحول في الدعوة الإسلامية وما لذلك من دلالة، وهي الوعد الإلهي في كلماته ومركز الصراع وفرقانه بين الحق والباطل كخاتمة تنهمر فيها كلمات الكتاب. حقق الشقاقي وإخوانه عبر هذا الفكر تحولات هامة على الساحة العربية والفلسطينية، فهم قدموا للحركة الإسلامية بوجه عام الحلقة المفقودة في صياغاتها المفهومية والسياسية، وقدموا لمسيرة المقاومة الفلسطينية الروح والعقيدة التي تحتاجها لتصويب المفاهيم عن حقيقة وأبعاد استهداف الغرب الاستعماري لفلسطين وطبيعة الصراع مع العدو الصهيوني.. فالصراع ليس سياسياً وعسكرياً وحسب، وليس صراعاً طبقياً كما حلا للبعض أن يصوره وليس مجرد تناقض مع الصهيونية، وهو إلى ذلك ليس صراعاً في حدود المنطقة وعلى الحدود والأرض وما إلى ذلك، ولكن فلسطين مركز استقطاب لصراع كوني على وجه العالم ووجهته، ووعد انتصار المؤمنين في هذا الصراع أمر يجلوه الخطاب القرآني.   يقول المفكر الإسلامي فهمي هويدي: "سيظل يحسب للشقاقي ورفاقه أنهم أعادوا للجهاد اعتباره في فلسطين. فقد تملكوا تلك البصيرة التي هدتهم إلى أن مسرح النضال الحقيقي للتحرير هو أرض فلسطين، وتملكوا الشجاعة التي مكَّنتهم من تمزيق الهالة التي أحاط بها العدو جيشه ورجاله وقدراته التي "لا تقهر"، حتى أصبح الجميع يتندرون بقصف الجنود الإسرائيليين الذين دبَّ فيهم الرعب، وأصبحوا يفرون في مواجهة المجاهدين الفلسطينيين".   والاختصار المفيد لكل ما سبق هو أن أبا إبراهيم مع إخوانه، كان أول من يضع منهجاً ويقدم بياناً فكرياً إسلامياً ينادي بالجهاد المسلح لتحرير فلسطين في استكمال أشمل لمحاولات الشيخ القسام وعبد القادر الحسيني قبيل النكبة. فتلك الأحداث والمفاهيم وأولئك الطلبة كانوا نواة حركة ستقض مضاجع الكيان الصهيوني بعد مرور وقت قليل على إعلان تأسيسها في نهاية السبعينات، وهي حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.. ……… وتمضي التجربة إلى مرحلة أخرى أشد وعورةً.. في عام 1981، يعود الشقاقي إلى فلسطين متسللاً.. إلى مهوى روحه ، إلى القدس توجه فتحي الشقاقي إثر ذلك ليعمل طبياً في مستشفى فيكتوريا في القدس لمدة عامين، سجن بعدها أحد عشر شهراً في 1983 وأربع سنوات في عام 1986م  مع خمس سنوات أخرى بتهم متعددة منها التحريض على الاحتلال ونقل أسلحة للقطاع والانتماء إلى الجهاد الإسلامي.   لم يكن يبدو أي طيف للألم على وجه فتحي الشقاقي حين كان يتحدث عن سنوات السجن.. قال مرة: "كنت في السجن أتحدى المحتل بالقراءة والجهد.. في السجن يريد المحتل أن يكسر عزيمتك ويعيدك إلى الوراء. وأنا كنت أقول لنفسي لا بد من أن أهزم ذلك الهدف.. كان حارس السجن يراني كل ليلة أجلس إلى طاولة صغيرة صنعتها بنفسي منكباً على كتاب.. ورغم أنه عدو فقد كنت ألمح نظرات الإعجاب في عينيه".   ولم يحتمل العدو بقاء فتحي الشقاقي حتى وهو داخل السجن، فقامت سلطات الاحتلال بإبعاده إلى لبنان قبل انقضاء فترة الحكم"… جاؤوا ليلاً، وعصبوا عيون عدد من السجناء كان أبو إبراهيم بينهم ووضعوهم في شاحنات مقيدي الأيدي والأرجل وألقوا بهم على الحدود.   ومن لبنان إلى دمشق، حمل فتحي الشقاقي الوطن والمشروع الجهادي في الوجدان والعمل والقلب وتبينه في وجوه إخوانه المجاهدين المبعدين من حوله.. ولعل الصهاينة بعد ذلك ندموا أنهم لم يتخلصوا من رجل أينما ذهب كان قادراً على تجاوز المنفى وتوطيد قوة الحركة في الداخل والخارج وإيلام العدو بضربات أشد وأقسى بلغت أوجها في ضربات الاستشهاديين.   ليسوا بالقلة الذين يعرفون اليوم أن الشهيد فتحي الشقاقي كان من أوائل من دعوا إلى القيام بالعمليات الاستشهادية.. في العام 1988 قال الشقاقي إن علينا اتباع أسلوب التفجير في عمق تواجد العدو في عمليات لن يمكنه ردعها ومن شأنها أن توقع أكبر الخسائر وتشل روحه المعنوية. وجاء المثال في عملية بيت ليد الاستشهادية المزدوجة التي قام بها استشهاديان من الجهاد الإسلامي في يناير 1995 وقضت على أكثر من عشرين جندياً صهيونياً فضلا عن عشرات الجرحى الآخرين ثم تتابعت السلسلة، ويومها أعلن رابين تهديدات صريحة تتوعد بقائمة اغتيالات على رأسها مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي: فتحي الشقاقي.   لكن حارس العمر الأجل، كما كان فتحي الشقاقي يقول لكل من يطلبون منه أن يحتاط ولو قليلاً.. كان يقول عشت أكثر مما تصورت، وإذا استشهدت ففي الأمة مجاهدون سيكملون الطريق… وفي السادس والعشرين من أكتوبر في شهر خريفي كهذه الأيام، كان الدكتور  فتحي الشقاقي عائداً من ليبيا وحده حيث حاول أن يثني القيادة الليبية عن عزمها إبعاد اللاجئين الفلسطينيين إلى المجهول..وكان عليه أن يتوقف في مالطا قبل أن يكمل الرحلة إلى دمشق، فغدرت به يد الموساد الصهيوني فيما كان يشتري ألعاباً لخولة وأسامة وإبراهيم..   سبعة عشر عاماً مرت على استشهاد فتحي الشقاقي، ومن المؤكد أنه سيبقى حاضراً كما عرفه شعبه حارساً لذاكرة العودة الفلسطينية صاعداً وسط الحراب في إبداع المقولة وإرادة الجبال "أصلب من الفولاذ، وأمضى من السيف، وأرقّ من النسمة. بسيطًا إلى حد الذهول، مركبًا إلى حد المعجزة! ممتلئًا إيمانًا، ووعيًا، وعشقًا، وثورة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه".. وتلك كلمات وصفه بها عقب استشهاده رفيق دربه الدكتور رمضان عبدالله شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.   المكان: تلال وهضاب فلسطينية تترنح هابطة من قرية زرنوقة القريبة من الرملة، وعلى الامتداد مئات العائلات الفلسطينية من نساء وشيوخ وأطفال  تسير بأحمالها نحو غزة مثخنة بجراح النكبة.