لا اعرف ان كانت هي رغبة في الغناء التراجيدي فقط ام تجرأ على بنيوية النص الشعري الذى تركه لنا محمود درويش بوصفه نصا حيا قادرا على الحياة رغم اختلاف الازمنة والمناخات الاجتماعية والسياسية او ربما تكون هي محاولة لإطفاء احتراق الجسد المفجوع بالحياة والموت في غزة. أيا كان الدافع فبين ريتا وتالا زمن انقضي لكن تالا هذه المرة ليست مجازا بل هي حقيقة احترقت في ليلة انقطاع عن الصبح بعدما تحول الظلام هنا الى مشروع سياسي وليس أزمة انسانية كما يروج لها الكهنوتيين نتيجة للحصار المفروض على مدينة الله. ماتت تالا ابنة العام ومن قبلها شقيقها فتحي البغدادي بعدما اشعلت الام في نفسها شمعة لم تنير ظلام واقعها في هذا اليوم الذى حاولت ان تؤمن فيه جزء من النور على قدر الامكانات حتي لا يفزع اطفالها من كابوس الظلام المقيم وحتي تنقشع حصتها من جدول الانقطاع فاذا هي تفجع بالاحتراق الذى أتى على كل شيء الاحلام والضحكات والمستقبل . لم تمت تالا من الحصار ولا من المؤامرة على غزة لأجل إفشال الحكم الرباني أو بسبب اغلاق الانفاق او معبر رفح هذا النص المقزز حاول من خلاله البعض سرقة الضحية من احضان امها مجددا ودفنها بمراسيم خاصة عبر عملية حرق وثني ومن ثم توظيف الحدث اعلاميا وسياسيا لخدمة مشروع البقاء دون تالا وفتحي و المستقبل. لا غرابة في ذلك هي ذات الايديولوجيا التي يمكن ان يذهب كل ابنائها قرابين على خشبة المذبح المقدس، بمنطق الجبر عبر منحهم صكوك الشهادة على طريقة الموت المعاصرة لاستدرار النعم وقوافل الخير، هي ذات الايديولوجيا التي لا تري الحياة الا من خلال الموت ومن ثم عبر الانبعاث الميتافيزيقي لحياة تالا وفتحي التي ستبقي شاهدة على قسوة هذا العالم وصمته امام جريمة الحصار على الطائفة او المدينة او الحزب ستبقي في جيوبهم يستحضرونها كما الارواح كلما ضاقت الامور. لن يستدرجني أحد في هذا النص للغضب على الشمعة او على من اشتراها ومن اشعلها ولا على موظف الكهرباء الذى أنزل سكين الحياة في ذاك اليوم او من اعتقد ان احد لم يخطئ بحقهم، ولا على من تلقف الحدث دون ان يشعر بالنار وهي تلتهم الجسد الغض لكني غاضب على من يحاول ان يظهر مظلومية وقهر شعب او قضية عبر قتل الحياة فيه.