فوجئت بحجم ردود الفعل على مقالتي التي كتبتها الجمعة بعنوان "نصيحة الى محمود السرسك"، سواء على شبكات التواصل الاجتماعي، وبالذات على حسابي وحسابات عدد من الأصدقاء، الذين أعادوا، مشكورين، نشرها، أو على وسائل الاعلام المحلية، التي عدت وأدليت بدلوي معها داعماً حضور السرسك مباراة "كلاسيكو" البرشا وريال مدريد. وأتاحت لي اذاعة الأسرى فرصتين اليوم السبت، الأولى أن أشارك في حوار مع الزميل مصطفى الصواف على الهواء مباشرة، والثانية أن ألتقي السرسك في الاستوديو نفسه ليكون خامسنا مع المذيعين نسمة الحلبي ووائل عويضة، لمناقشة القضية. الزميل الصواف طبعاً تمسك بموقفه الرافض قطعياً حضور السرسك المباراة لأن ذلك من وجهة نظره تطبيعاً من الاحتلال، ولم تثنه عن رأيه كل الحقائق التي سقتها له وللمستمعين لمسادة السرسك على اتخاذ القرار المناسب. السرسك، الذي عانى كثيراً على مدى 96 يوماً أضرب خلالها عن الطعام، لا يزال يعاني حتى الان، فلا وظيفة له حتى الان ولا يمارس هوايته المفضلة بمداعبة المستديرة الساحرة، ولم يتمكن من الحصول على فرصة أداء فريضة الحج للعام الجاري، وهو ما يجب أن يُساءل عنه المسؤولون. اللافت في الأمر أن كل المتصلين على البرنامج الاذاعي وجميع الرسائل القصيرة المرسلة للزميلين المذيعين بلا استثناء أيدت ما ذهبت اليه من أن الفوائد التي سيجنيها الفلسطينيون، وليس السرسك الفرد، ستكون كثيرة جداً. ولن أعيد ما كتبته أمس في نصيحتي الى السرسك، لكن وجدت من الضرورة بمكان التذكير ببعض نقاط القوة لعل فيها ما ينفع ويُقنع. إن وجود شاليت على مدرجات ملعب البرشا "كامب نو" وغياب السرسك يعني تلقائياً أن الرواية الاسرائيلية الكاذبة ستطغى وستكسب اسرائيل بنسبة 100 في المئة. أما وجود السرسك فيعني أنه سيستحوذ على 50 في المئة على الأقل من التغطية الاعلامية في أهم حدث رياضي على الاطلاق يشاهده عبر العالم أكثر من 400 مليون مشاهد. وأنا أعتقد أن السرسك قد يستحوذ على 80 في المئة من التغطية الاعلامية لو أحسن مخاطبة الملايين في العالم من جنسيات وديانات ومشارب مختلفة والتركيز على رسالة السلام والعدل التي يحملها الشعب الفلسطيني ورسالة القتل والدمار والشرور التي تنشرها دولة الجدران والاستيطان والأبرتهايد العنصرية اسرائيل. كما أن على السفارة الفلسطينية أن تستعد لهذا الحدث التاريخي ايّما استعداد، من قبيل تحضير الاف الاعلام الفلسطينية وصور شهداء وجرحى وأسرى فلسطينيين وتوزيعها على مشجعين عرب وأسبان مناصرين لنا، فاليسار الأسباني مثلاً يدعنا بكل السبل تاريخياً وهنا يمكن أن تلعب فصائل اليسار الفلسطيني دوراً مهماً في حض رفاقهم على "قطع الماء والهواء" عن شاليت على رأي اخواننا المصريين. واضافة الى ذلك، يمكن للمعلقين الرياضيين في قناة "الجزيرة" الفضائية ومصوريها التركيز على السرسك وجمهور المدرجات المؤيد لنا واهمال شاليت ومن لف لفه، خصوصاً وأن اثنين منهم سبق وأن علقا على اعتقال السرسك ابان اضرابه عن الطعام وهما حفيظ دراجي وعصام الشوالي. وعلاوة على ذلك سيحظى السرسك بتغطية اعلامية من وسائل الاعلام في اقليم كاتالونيا واسبانيا التي نزل الى شوارع مدنها نحو 30 الف متظاهر للتضامن مع السرسك ورفاقه الأسرى. أما فيما لو غاب السرسك فسيكون كل هذا الاعلام والزخم الاعلامي المرافق للقاء القمة بين أكبر فريقين في العالم من نصيب شاليت واسرائيل، أي ترويج الرواية الكاذبة وتلميع صورة الجلاد واظهاره وكأنه الضحية، في وقت نحن الفلسطينيين ضحية أخر احتلال عسكري احلالي في العالم. لكن هناك من يدعي، زوراً، أن مجرد وجود السرسك في مدرجات المعلب الذي يتواجد فيه شاليت، يعتبر ذلك تطبيعاً، فهل يُعقل أن مجرد وجود أي فلسطيني في أي مكان في العالم يتواجد فيه اسرائيلي يكون ذلك تطبيعاً. والسؤال: هل تتخيلون أنه لا يوجد أي اسرائيلي في أي ملعب أو دار سينما أو حتى محل سوبرماركت أو أي مكان في مختلف أرجاء المعمورة في وقت يتواجد فيه فلسطينيون أيضاً؟ والسؤوال الاخر: هل يُعقل أن نرفض التواجد في أي مكان يتواجد فيه اسرائيليون؟ هذا يعني انسحابنا من كل أرجاء المعمورة واخلائها لاسرائيل. هذا جنون وعدمية سياسية. مرة اخرى أنصح محمود السرسك أن لا ينتظر رأي السياسيين أو الفصائل الفلسطينية فهم أعجز عن انهاء الانقسام أو عمل أي شيء للقضية أو تحرير فلسطين، وعليه أن يستثمر "كلاسيكو" البرشا والريال لصالح قضية شعبه وقضية الأسرى وليكن خير سفير لفلسطين لنهزم اسرائيل في معركة لا تقل أهمية عن بقية المعارك التي نخوضها منذ أكثر من 60 عاماً هي عمر نكبتنا.