خبر : مشعل إلى ما وراء الكواليس ...بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة 28 سبتمبر 2012 09:57 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مشعل إلى ما وراء الكواليس ...بقلم: رجب أبو سرية



قبل نحو ستة أشهر وبعد أن أحرجت حركة حماس في غزة رئيس مكتبها السياسي السيد خالد مشعل، بعدم تنفيذ إعلان الدوحة، تذكر الرجل أن لوائح "حماس" لا تسمح له بأن يبقى رئيساً للحركة بعد مؤتمرات الحركة "الشورية" التي تجري منذ وقت، وتذكر ضرورة أن يعيد الاعتبار لرئيس المكتب السياسي السابق للحركة موسى أبو مرزوق، وبعد أن طلبت منه قيادات الحركة، بما في ذلك قيادات غزة، العودة عن قراره بعدم الترشح وبدا أن الرجل قد خضع، على طريقة عبد الناصر، بعد قرار التنحي المشهور عام 67، بدا كأن الرجل قد عدل عن قراره. العودة الآن بما يشبه الأمر المؤكد إلى ذلك الأمر تعني أن تغييراً حقيقياً يحدث داخل حركة حماس، ليست له أبعاد تنظيمية وحسب، بل له أبعاد سياسية بالغة الأهمية سيتضح مداها بتقديرنا، ارتباطاً بما ستسفر عنه معركة خلافة مشعل على رأس الحركة! من المعروف أن الصراع على قيادة الحركة التي تأسست على يد الشيخ احمد ياسين أعقاب الانتفاضة الأولى عام 1988، قد بدأت عقب أبعاد قيادتها وكوادرها الى مرج الزهور مطلع العقد التاسع من القرن الماضي واعتقال الشيخ نفسه من قبل الإسرائيليين، والتي ترافقت مع حرب الخليج، وانتقال مشعل من الكويت الى عمان، حيث تم تشكيل مكتب اتصال خارجي، مع مرور الوقت تزايدت أهميته ودوره بالنظر الى أبعاد قيادة غزة واعتقال الشيخ ياسين في الوقت ذاته كما أسلفنا. ثم بعد اغتيال الشيخ ياسين وسلفه عبد العزيز الرنتيسي، تفرد المكتب السياسي في الخارج بقيادة الحركة، التي وجدت مشعل قائداً لها، بعد محاولة اغتياله في عمان ثم انتقاله لقطر ومن ثم لدمشق، بعد أن تولى قيادة الحركة بسبب اعتقال أبو مرزوق، صدفة، وكان في زيارة للولايات المتحدة! المهم، صحيح انه خلال ستة عشر عاماً من تولي مشعل قيادة الحركة تطورت الحركة وتضاعف دورها ونفوذها وحتى مكانتها في الساحة الفلسطينية، ولكن ذلك مر عبر عدد من المسارات وارتبط بمواقف وسياسات عامة، أولاً كان تزايد دور الحركة مرتبطاً بمعارضتها اوسلو والسلطة عبر اختيار المقاومة المسلحة وتنفيذ العمليات الاستشهادية في عمق دولة اسرائيل، وكان عبء القيام بهذا يقع على كاهل الداخل وحيث دفعت قيادات غزة الثمن شهداء بالمئات ومعتقلين بالآلاف، منهم القادة: ياسين والرنتيسي وأبو شنب والمقادمة وشحادة وغيرهم كثيرون وفيما ما زال يقبع في السجون قادة "حماس" ثمناً لهذه السياسة. ثانياً: تم ذلك من خلال تحالف حماس مع ما يسمى بمحور الممانعة (ايران، سوريا، حزب الله) وهو تحالف شيعي في طابعه الغالب، حيث بدا أن "حماس" تشق طريقاً سياسياً مختلفاً عن الطريق التاريخي للإخوان المسلمين، وتولج في خيار التشدد السياسي المعارض للغرب على عكس تاريخها السياسي كله، وبدا أن "حماس" جزء إخواني له وضع خاص، وفي مناسبات عديدة، وحيث كانت "حماس" تعتبر درة التاج الإخواني، طالب مشعل باختيار مرشد عام غير مصري للإخوان، وربما كان يتطلع هو شخصياً او يشغل هذه المكانة! ثالثاً: كانت قدرة مشعل ومكتبه السياسي في الخارج على جلب الأموال للحركة التي توفر لها القدرة على ممارسة سياسية معارضة للسلطة على الأرض، خاصة فيما يتعلق بالجهد والإعداد العسكري، من إيران هو مصدر قوته في الحركة. وقد كانت "حماس" قبل هذه المرحلة تعتمد على معونات الخليج وعلى أهل الخير في تحقيق مكانتها في غزة والضفة عبر الجمعيات الخيرية التي كانت تديرها، وقد اختفى هذا المظهر مع تزايد تحول الحركة الى قوة عسكرية بالدرجة الأولى. لكن فوز "حماس" في انتخابات عام 2006، أظهر مركزاً قيادياً جديداً تزايد دوره وتعززت مكانته مع استمرار الانقسام، ونقصد به المركز المحيط بإسماعيل هنية ورئيس حكومة "حماس"، الذي طالما قدم نفسه على انه وريث الشيخ ياسين وخطه الإخواني المعتدل سياسياً ودينياً، مقابل خط مشعل الممانع والعسكري! قدرة مركز غزة المحيط بهنية بالتحديد، ذلك أن مشعل حاول أن يواجه هنية بالزهار ثم بالحية، لاحتواء غزة اكثر من مرة، على الصمود وبالبقاء والأهم على التمرد على مشعل في المحطات المحددة، خاصة في مناسبتين لهما علاقة بالمصالحة، الأولى حين وقع أبو مرزوق الورقة المصرية والثانية حين وقع مشعل إعلان الدوحة، أبقته منافساً للمركز القيادي في الخارج. وكان هذا المركز يسعى من خلال محاولات كسر الحصار عن غزة بالاعتماد على تركيا أن يخلق منافساً إقليمياً يدعمه في مواجهة حليف مشعل (إيران وسوريا)، ثم تعزز دوره مع الوقت من خلال خلق قاعدة دعم مالي من اقتصاد الأنفاق، فوجد قاعدة قوية لدعمه، وصولاً الى هذه اللحظة. ولا شك أن فوز إخوان مصر، وهي الدولة التي تجاور غزة جغرافياً قد فتح الأبواب واسعة حتى يعتقد مركز غزة بأن مراهنته السياسية على الاعتدال وعلى بديل للمانعة قد نجحت، وانه هو الأقوى الآن، لذا فان السؤال المهم الآن هو من الذي سيخلف مشعل؟ هنية أم أبو مرزوق، طبعاً يحاول عبر أبو مرزوق المحنك سياسياً والغزاوي في المكتب السياسي أن يبقي على مكانته ودوره بعد المتغيرات الإقليمية وداخل غزة التي كانت في غير صالحه، لكن مصر ربما كانت تفضل هينة ويظهر ذلك جلياً من خلال استقبال القاهرة للرجل مقابل ما تظهره من عدم اهتمام بوجود أبو مرزوق في القاهرة أو مقابل زيارات مشعل لها. اختيار أيهما لن يكون أمراً قليل الأهمية بل له أبعاد سياسية غاية في الأهمية، ذلك أن فوز هنية بالمنصب سيعني حل "حماس" وعودة كتلها الى الأصول الإخوانية، "حماس" الضفة لإخوان الأردن و"حماس" غزة لإخوان مصر، بما يسهل عملياً من الذهاب للحل الإقليمي الذي تحدثنا عنه في مقال سابق. Rajab22@hotmail.com