رام الله / سما / شدد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن شعبنا الفلسطيني بحاجة إلى التغيير الذي يُعزز الأمل والثقة في القدرة على الإنجاز ومراكمته، والتسلح دوماً بالأمل في تحقيق الكرامة والمشاركة في صنع الحياة الأفضل التي يستحقها، وبما يوفر المزيد من عناصر القوة والصمود، ويعزز التماسك في مجتمعنا ويحمي نسيجه الوطني، ويساهم في إفشال مخططات الاحتلال وهجمته الاستيطانية، وصون أهداف مشروعنا الوطني في الحرية والكرامة والاستقلال الوطني الناجز، وقال: " نحن بحاجة إلى هذا التغيير بغض النظر عمن يبقى ومن يرحل، فالمهم أن يبقى الوطن، وأن تنتصر قضية الشعب". واعتبر فياض أن مسؤولية التغيير تقع على الشباب في فلسطين، مُشدداً على أن مسؤولية السلطة الوطنية هي وضعهم على مسار يجعلهم قادرين على تحقيقه، وكذلك تسليحهم دوماً بالأمل وبعناصر القوة التي تمكن من التغلب على التحديات التي تواجه شعبنا، ومن هزيمة اليأس والإحباط ومنع تسللهما إلى نفوسنا. جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء في حفل تكريم أوائل الطلبة المتفوقين في مؤسسات التعليم العالي، الذي إقامته وزارة التعليم العالي صباح اليوم. حيث أشاد فياض بجهود الطلبة والطالبات المتفوقين الذين ميّزا أنفسهم على درب التحصيل العلمي المُتميز الذي يضعهم على طريق المعرفة، ويُمكنهم من الإسهام في بناء مجتمعنا الفلسطيني، وشدد على أن هذا التميز يحمل الأمل في إسهامهم الفاعل بتغيير الواقع نحو الأفضل ومجابهة التحديات التي يُمر بها شعبنا وقضيته الوطنية، وقال: "نحتفل اليوم بكوكبة من الطلبة والطالبات المتفوقين والمتميزين، والذين يدخلون معترك الحياة بكل ما فيه من صعوبات وتحديات إلا أنه في الوقت نفسه تحمل الأمل في إسهامكم الفاعل بتغيير الواقع نحو الأفضل، والمشاركة في تذليل الصعوبات والإجابة على التحديات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها شعبنا وقضيته الوطنية". وأشار فياض إلى جذور اهتمام الشعب الفلسطيني بالتعليم والتعلم كرد على النكبة، واعتبر أن هذا الاهتمام شكّل مصدراً من مصادر قوة شعبنا وقدرته على الصمود، وقال:" شكل الاهتمام بالتعليم ركيزة رئيسية للنهوض الوطني وحماية وصون الهوية الوطنية، والانخراط في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا والحامي لحقوقه الوطنية المشروعة". وشدد فياض خلال كلمته على أن أولوية السلطة الوطنية الأساسية للنهوض بقطاع التعليم تتمثل في صب كل الجهود لتطوير جودته وتحفيز مؤسسات التعليم العالي لتطوير مخرجاته القادرة على تلبية احتياجات المجتمع، وما يتطلبه ذلك من ضرورة اهتمام هذه المؤسسات بالتميز والتخصص في مجالات محددة، وبما يتوافق مع الأجندة الوطنية ومتطلبات التنمية الاقتصادية، وربط هذه المخرجات باحتياجات السوق، مؤكداً على أن معيار التميز والتفوق في دور مؤسسات التعليم العالي يتمثل بالقدر الذي تسهم فيه هذه المؤسسات من خلال برامجها وتخصصاتها، في تحقيق ذلك. وأشار رئيس الوزراء إلى مسؤولية الحكومة في الإشراف والرقابة وبما يساهم في تحقيق هذا الأمر، وما يتطلبه ذلك من ضرورة إعادة بناء وتحديد دور ومهام مجلس التعليم العالي للإشراف على متابعة هذه العملية وضمان التخطيط الكفيل برفع كفاءة مؤسسات التعليم العالي وربط مخرجات التعليم بالحاجة المجتمعية. واعتبر فياض أن الاستخلاص الأبرز من الاحتجاجات التي شهدتها محافظات الضفة الغربية مؤخراً يتمثلُ في الحاجة إلى إعادة فتح قنوات المشاركة الشعبية الفاعلة، وبشكل رسمي ّعلى أسسٍ ديمقراطية في صنع القرار، واستنهاض الطاقات في المواجهة الجماعية للتحديات الماثلة أمامنا، وقال:"ليس هناك من طريق لتحقيق ذلك سوى تعزيز المشاركة الديمقراطية واستنهاض الطاقة الإيجابية لدى المواطنين من خلال أوسع مشاركة في الانتخابات المحلية، والتقدم بخطى ثابتة وغير مُترددة نحو إجراء الانتخابات العامة". وأكد رئيس الوزراء على أن ما افتقدته ورشة البناء التي شهدها الوطن خلال السنوات الماضية، تمثل أساساً في غياب الرقابة والمساءلة الرسمية من قبل المجلس التشريعي"، وقال: "لقد افتقدت كثيراً خلال السنوات الخمس الماضية وجود مجلس تشريعي فاعل وقادر على المراقبة والمساءلة وتصويب المسار وتطويره، وبما يمكننا جميعاً من مواصلة التقدم لتعميق جاهزيتنا لإقامة الدولة وانتزاع جدارتنا في الحرية والاستقلال". وشدد فياض على أهمية إجراء الانتخابات، وقال: "الإنتخابات ليست فقط حقاً للمواطن واستحقاقاً على النظام السياسي برمته، بل هي أيضاً رسالة مهمة لشعبنا أولاً، وللمجتمع الدولي كذلك، بأن روح الديموقراطية وحرية الاختيار والتعددية هما الخيار السياسي والاجتماعي للنظام السياسي الفلسطيني والوسيلة لإعادة تسليط الضوء على قضيتنا الوطنية، وإعادة وضعها في صدارة الاهتمام الدوليّ. وهي كذلك الرافعة الأساسية لضمان إشراك شعبنا وجميع قواه وفئاته واتجاهاته وانخراطها في تعميق الجاهزية لإقامة الدولة، بكل ما يتطلبه ذلك من استنهاض طاقات شعبنا في معركة الخلاص من الاحتلال". وأشار رئيس الوزراء إلى أن تقرير البنك الدولي الأخير حسم الجدل حول جاهزية السلطة الوطنية وقدرة مؤسساتها على إدارة مؤسسات دولة، وحسم أيضاً محاولات التشكيك والخلط بين هذه الجاهزية، من ناحية، وبين صعوبة الأوضاع الاقتصادية الناجمة بشكل رئيسي عن ممارسات الاحتلال وسيطرته على مواردنا، من ناحية ثانية، وأشار إلى أن التقرير عزى صعوبات الوضع الاقتصادي بشكل رئيسي إلى نظام التحكم والسيطرة التعسفي الإسرائيلي، وما يتضمنه من قيود مكبلة للاقتصاد الوطني، وإعاقة للتنمية في القدس وفي المناطق المُسماة (ج)، بالإضافة إلى الحصار المفروض على قطاع غزة. واعتبر فياض أن هذا التقرير وغيره من تقارير المؤسسات الدولية المختصة كصندوق النقد الدولي والأمم المتحدة، إنما أكد بما لا يدع مجالاً للشك أو الالتباس أن العقبة الوحيدة أمام قدرة مؤسسات السلطة الوطنية للعمل في إطار دولة مستقلة تتمثل في استمرار الاحتلال. وشدد فياض على أهمية استنهاض كامل طاقات شعبنا على مسارين متلازمين معركة البناء الديموقراطيّ ومعركة التحرر الوطني. وقال: "هذان بالفعل مساران متلازمان، إذ بالقدر الذي نتمكنُ فيه من تجديد وإعادة بناء نظامنا السياسيّ على أسسٍ ديموقراطية، فإننا نُطلق الطاقة الايجابية الهائلة الكامنة لدى أبناء شعبنا وخاصة الشباب، في معركة التحرر الوطني". وجدد رئيس الوزراء تأكيده على أنه ورغم إقرار المجتمع الدولي بجاهزيتنا لإقامة الدولة، فإن هذه الجاهزية بالنسبة لنا لن تكتمل إلا بإنهاء الانقسام وإعادة الوحدة للوطن ومؤسساته، وتابع: "كما لا دولة دون القدس، فإنه لا دولة دون قطاع غزة. وشعبنا مصمم عل إنهاء الانقسام لأنه مصمم على انتزاع حقه في الاستقلال والسيادة على أرضه". وفي ختام كلمته، خاطب فياض كل الخريجين وعموم شباب فلسطين، وقال: "سنواصل تسخير كل ما لدينا من إمكانيات للنهوض بالتعليم ومخرجاته وكافة مجالات الحياة الأخرى، وأضاف: "هذا عهدنا الذي نجدده أمامكم، بأن نكون دوماً مع أبناء شعبنا، ونسعى من أجل أن نحقق لهم مستقبلاً يتناسب مع التضحيات التي قدموها. وسنستمر في بذل كل جهد ممكن لاستنهاض كل طاقات شعبنا وتمكينه من تحقيق أهدافه الوطنية، وفي مقدمتها الخلاص من الاحتلال، وبناء دولة فلسطين المستقلة والمزدهرة التي يفخر بها جميع أبنائها، دولة كاملة السيادة في قطاع غزة، والضفة الغربية، وفي القلب منها القدس الشريف، العاصمة الأبدية لدولتنا". كما ثمّن رئيس الوزراء عالياً الجهود الهامة التي تقوم بها أسرة التربية والتعليم العالي، وكافة مؤسسات التعليم العالي، في سعيها للنهوض بالتعليم العالي وتطوير مخرجاته في بلادنا، وبما يمكن من إعداد الكفاءات الفلسطينية لتكون قادرة على خدمة شعبنا ومجتمعنا بتميز وكفاءة.