خبر : هجوم امريكي مضاد../ يديعوت

الخميس 16 أغسطس 2012 04:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
هجوم امريكي مضاد../ يديعوت



              الجنرال مارتين دامبسي، رئيس الاركان الامريكي، ليس رجل زلات لسان. ففي السنة الماضية، منذ عينه الرئيس براك اوباما في المنصب، لم يُمسك به متلبسا بقول كلمة واحدة زائدة، والمؤتمر الصحفي الذي عقده أول أمس مع وزير الدفاع ليون بانيتا لم يكن حالة مختلفة. دون ذرة حماسة، بصوت هاديء، وبيدين متكاتفتين، اختار بعناية كلماته – وعندها ضرب على رأس القيادة الاسرائيلية بمطرقة بوزن عشرة أطنان.             "اسرائيل لا يمكنها ان توقف النووي الايراني، يمكنها فقط ان تؤخره"، قال دامبسي، وأخرج دفعة واحدة كل الهواء من الصدر المنتفخ لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع اهود باراك. فقد أوضح للعالم بأنه قد يرغب الرجلان في الهجوم، ولكنهما ببساطة لا يستطيعان. ليس وحدهما، ليس بدون المظلة الامريكية والضوء الاخضر من واشنطن. الجندي رقم واحد في امريكا، الحليف الأهم لاسرائيل والذي يمنحها المساعدة الامنية السخية والعالم جدا بقدراتها العسكرية، أوضح أمس للزعيمين بأن عليهما ان يكفا عن استعراض العضلات وقرع طبول الحرب. كانت هذه نهاية مسيرة طويلة في خلالها دحرت اسرائيل الولايات المتحدة الى الزاوية رويدا رويدا، الى ان لم يعد للامريكيين مفرا غير احراجها هكذا.             "هذا يمس باسرائيل فقط"             منذ اشهر طويلة واسرائيل تحتفل بالثرثرة في الموضوع الايراني. وسمع الامريكيون، غضبوا، ولكنهم صمتوا. في البيت الابيض وفي البنتاغون سجلوا كل كلمة قالها الزعماء الاسرائيليون، تابعوا عن كثب تهديداتهم بتصفية البرنامج النووي الايراني واسقاط نظام آيات الله، وبالأساس أنصتوا الى التصريحات من القدس عن ان "اسرائيل يمكنها ان تفعل كل شيء وحدها"، "لا تعتمد إلا على نفسها" و"لا تحتاج الى الجميل من أي أحد".             سجلوا، حللوا، استوضحوا – ولكنهم لم ينجحوا في ان يفهموا اذا كان هذا استعراضا مخططا جيدا من الجنون، أعده الاسرائيليون كي يوقفوهم ويدفعوا مقابل ذلك ثمنا معقولا، أم ربما قد تنطلق القاذفات والغواصات حقا الى الدرب.             "ليس واضحا لماذا تتحدث اسرائيل هكذا، إذ انه لا يمس إلا بردعها"، شرح مستشار السياسة الخارجية لدى اوباما والمسؤول السابق في البنتاغون، د. كولين كول، ما بدا في عيونهم كسياسة "ذئب، ذئب" اسرائيلية. "الآن في ايران ايضا لا يتعاطون بجدية مع التهديدات الاسرائيلية، والتي بموجبها تسقط السماء كل الوقت، رغم أنه في السطر الأخير لا يحتمل ان يكون نتنياهو وباراك يخدعان، ويجب ان يؤخذا على محمل الجد". ولكن اوباما واظب على صمته، حث العقوبات الى الأمام ووعد اسرائيل بمساعدة أمنية.             "دامبسي قال الحقيقة"             كان هذا باراك هو الذي نجح في ان يُخرج الامريكيين عن طورهم. فقد اقتبس وزير الدفاع بزعمه معلومات استخبارية امريكية جديدة تقول ان ايران اقتربت أكثر من تحقيق سلاح نووي. من ناحية الامريكيين كان هذا خطا احمر: فباراك بزعمهم ليس فقط لم يقل الحقيقة بل وحطم ايضا المسلمات واستخدم اعلاميا معلومات استخبارية تناقلت بين الدولتين. وسارعت مصادر في البنتاغون وفي البيت الابيض لنفي ادعاءات باراك، وبعدها فعل ذلك بشكل علني الناطق بلسان البيت الابيض جي كارني والناطق بلسان مجلس الامن القومي تومي فيتور. لنا عيون على البرنامج النووي الايراني، قالا، عندما يكون هناك اختراق فاننا سنعرف.             ولكن الرد الحقيقي أُبقي لدامبسي. "تصريح باراك كان القشة الاخيرة"، قال مصدر في الادارة. "القواعد واضحة، لا يتم استخدام مادة استخبارية، وبالتأكيد ليس لأجل التلاعب. باراك قال علنا ما كان ينبغي ان يكون سرا". فقرر الامريكيون صفع اسرائيل، قبل ان يؤدي هذا الى ارتفاع هائل في اسعار النفط ويثير أعصاب العالم عموما. هجوم في ايران ليس مناسبا الآن لواشنطن، وأُرسل رئيس الاركان الامريكي كي يقول لاسرائيل في وجهها ما لا ترغب في ان تفكر فيه عن نفسها: في أنها غير قادرة. "ما كان دامبسي ليتجرأ على قول مثل هذه الامور لولا الثرثرة التي لا تطاق من جانب نتنياهو وباراك"، قال مصدر سياسي امريكي في واشنطن، ضالع في المسألة الايرانية. "منذ عدة اسابيع وفي واشنطن غضب شديد. تصريحاتهم تلحق ضررا باسرائيل، ولكن ايضا بالادارة الامريكية التي تحاول قلب الجبال كي توقف ايران. لقد دفعوا دامبسي نحو الزاوية، وقد قال الحقيقة. اسرائيل تتكلم ولكن ليس لديها قدرات".             من سيصلح الأمر             وهكذا وصلنا الى المؤتمر الصحفي إياه، والذي وضع فيه دامبسي اسرائيل في الزاوية بينما يجلس وزير الدفاع بانيتا الى جانبه ويهز الرأس. كلاهما كانا على علم جيد بالضرر الذي يلحقانه بقوة ردع اسرائيل، التي حاولت دوما الابقاء على غموض بشأن قدراتها، والآن انكشفت بعُريّها. أنتم تحتاجوننا، حسب الرسالة التي نقلها دامبسي، أنتم لا تستطيعون وحدكم. أنتم تحتاجون الى القنابل الكاسحة للخنادق التي لا يمكن ان تحملها إلا طائراتنا، أنتم تحتاجون الى قدراتنا كي تعودوا الى الهجوم. في واقع الامر أنتم تتحدثون عن عملية أكبر منكم بعدة مقاييس، اذا من الأفضل الآن ان تسكتوا – إذ ان الاضرار التي تلحقونها سيتعين علينا نحن ان نصلحها.