خبر : سيناريو حصار "ياسر عرفات" هل يتكرر مع الرئيس محمود عباس؟

الثلاثاء 14 أغسطس 2012 02:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
سيناريو حصار



رام الله / سما / خلف شوارع السياسة في مدينة رام الله المكتظة بالمتجولين في صيف رمضان القائظ، يتوارى مشهد سياسي قاتم، فالجمود يكتنف الحياة السياسة للمدينة الصاخبة ليلا، وهو جمود يشكل مصدر قلق وارق لمن هم في المطبخ السياسي في ضوء شلل المفاوضات واستمرار الانقسام الداخلي، وحالة الترقب التي تعيشها المقاطعة ازاء الخطوة القادمة لمواجهة التهديدات والضغوطات الأمريكية، والتصريحات المثيرة للقلق لمرشحي الرئاسة الأمريكية التي تتجاهل الحقوق المصيرية للفلسطينيين.  وقد تكون الاتهامات الإسرائيلية للرئيس عباس بتقويض فرص عملية السلام، سببا لنزوله (الرئيس عباس) الى الشارع لمصافحة شعبه في ساحات وشوارع المدينة القريبة من مطبخه السياسي في اشارة بالتلميح لا بالتصريح بأن الخيارات التي يتبناها هي خيارات الشعب ولا يمكن أن يتنازل عنها. وفي المقابل فقد اثارت اللقاءات التي جمعت رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض بمرشح الرئاسة الأمريكية "رومني" في ضوء ما يبدو بمقاطعة غير معلنة للرئيس عباس، مخاوف السياسيين من تكرار سيناريو الرئيس الراحل ياسر عرفات مع خلفه، وسببا لهم في عزل الرئيس"كما يرى المحلل السياسي خليل شاهين. إلا أن القيادي في فتح نبيل عمرو سفير السلطة في جمهورية مصر سابقا، قلل من شأن هذه اللقاءات، واشار الى أن "المزعج في الأمر هو السياسة الأمريكية، والوعود المقلقة التي يطلقها المرشحون في السباق الانتخابي الأمريكي، وهذا ما يجب الانتباه اليه، لا يزعج أبو مازن ان التقى رومني بفياض، ما يزعجنا كفلسطينيين جميعا، هو الخط الأمريكي الذي يؤدي إلى تأجيج الصراع وتعقيده في الشرق الأوسط، وليس لائقا أن أوباما يوقع اتفاقية لدعم إسرائيل ماليا، "ورومني" يعتبر القدس عاصمة إسرائيل، كل هذا من اجل الانتخابات الأمريكية، هذه السياسة تزعجنا". وحسب شاهين، فان هناك بعض المؤشرات الإسرائيلية الأمريكية لتبلور سياسة شبيهه لما حصل مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وهي بدأت بحرب غير معلنة ولكنها فعالة ضد السلطة الفلسطينية، من بينها استهداف عباس شخصيا، وهذا يتضح من خلال دور أمريكي في قيادة الضغوط والابتزاز المالي بالتلويح لقطع التحويلات المالية للسلطة، وكذلك الضغوط على الدول العربية، لعدم الوفاء بالتزاماتها بتقديم المساعدات المالية والاقتصادية للشعب الفلسطيني، وهذا الأمر يخلق ارتباطا بين مصالح فئات فلسطينية وإسرائيلية وأمريكية في هذه المرحلة، ويؤدي إلى صراع على القوة والنفوذ في إطار السلطة الفلسطينية، وأحد عناوينه الدكتور سلام فياض، وإلى الوقوع في شرك المصالح الأمريكية الإسرائيلية التي ترى في عباس عقبة أمام السلام". ويضيف شاهين "بعيدا عن سوء النيات ما قام به فياض من لقاءات وآخرها مع المرشح الرئاسة الأمريكية "رومني" إنما يخدم السياسة الأمريكية التي تسعى لإضعاف الرئيس ، في هذا يعني إضعاف الموقف الفلسطيني الرافض للعودة للمفاوضات والدولة المجزئة". ويقول عمرو "الرئيس يستطيع التحدث أو يجتمع مع الرئيس اوباما او وزيرة الخارجية في أي وقت يشاء لذلك لا داعي للقول أن هناك إزعاجات من هذه اللقاءات". ويوضح أن"الجمود السياسي مرشح لأن يطول كثيرا فلا يوجد إمكانية حاليا لتحريك الوضع الراكد سواء على صعيد العلاقات الداخلية الفلسطينية كالمصالحة أو العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية كالمفاوضات، وبالتالي هذا السيناريو سيطول أمده بحكم تطورات الوضع العربي المخيف، ما يحتم علينا التوجه لمعالجة الوضع الداخلي الفلسطيني لنكون جاهزين لمواجهة كافة الاحتمالات". ويتفق شاهين مع عمرو بأن استمرار الجمود السياسي سيد الموقف في المرحلة المقبلة، ويرى ان "السيناريو المرجح هو القائم حاليا، سيناريو الانتظار، أي إتباع سياسة ذات طابع انتظاري، حتى اتضاح طبيعة عدد من المتغيرات، واهمها الانتخابات الرئاسية الأمريكية وكذلك اتضاح الموقف العربي في ظل الثورات العربية، وهذا السيناريو الانتظاري عالي الكلفة، أي عدم إجراء أي تغيرات في الاستراتجيات الفلسطينية". ويقول :"المخرج لذلك هو الإسراع في عقد منظمة التحرير، والتوافق على إستراتجية وطنية مشتركة تضم كل القوى الفلسطينية، عمادها تصعيد المقاومة الشعبية، وتوحيد الصف الداخلي الفلسطيني، وتغير جذري للسياسية الاقتصادية لوقف الوضع الاقتصادي المتدهور والضرائب المتصاعدة وتركز على صمود الناس ودعمهم ". وبعد تأكيد الرئيس عباس على رغبته بالتوجه إلى الجمعية العمومية لطلب الحصول على دولة غير كاملة العضوية، إعتبر عمرو "التوجه إلى الأمم المتحدة عمل سياسي وليس مخرجا من الأزمات" مؤكدا أنه "عمل سياسي مشروع وضروري، وهذا المنبر الدولي مكان تاريخي يجب أن يستغل" وأضاف عمرو :"ليس علينا أن نتصور بان مجرد الذهاب إلى الأمم المتحدة يعني الحل والخروج من المأزق الفلسطيني، والوضع السياسي والاقتصادي، هذا مبالغ في تقديري، أهمية هذا العمل يجب أن نذهب ولكن لا يجب أن نعتبره حل لمشكلاتنا". وقال بهذا الشأن "التوجه إلى الأمم المتحدة، هي خطوة ايجابية ولا يجب المبالغه فيها ولا التقليل من شأنها، وهو أحد أشكال المقاومة السياسية، وليس بديلاً للمقاومة الشعبية الواسعة". ورجحت وثيقة أعدتها دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، قيام الولايات المتحدة وإسرائيل بفرض عقوبات ضد الفلسطينيين، في حال تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة.  واعتبر شاهين هذا التوجه بمثابة "خطوة تكتيكية تستخدم لتحسن شروط العودة للمفاوضات"، مشيرا الى أن "هذه الخطوة مؤجله من العام الماضي، وهذا يعني عدم وجود استعداد جدي نحو الأمم المتحدة من خلال تعزيز الصمود الفلسطيني، فلم يتم تحصين البيت الداخلي لمواجهات العقوبات المالية، وكذلك إمكانية الاستفادة من التغيرات العربية لبناء موقف عربي داعم"  ويضيف "التوجه الفلسطيني لن يكون فعالا ما لم يعرف الفلسطينيين ماذا سيفعلوا في اليوم الثاني بعد الحصول على عضوية المراقب، ويبقى الاهم اننا ما زلنا نفتقر لسياسة إستراتيجية واضحة للاستفادة من مؤسسات الأمم المتحدة". وقلل نبيل عمر من شأن قدرة الإسلام السياسي على الصعود في الساحة الفلسطينية، في ظل قدرة إسرائيل على التدخل في أي وقت لمصلحة مخططاتها وبرامجها.  وقال:"استطاع الإسلام السياسي أن يستأثر في غزة، لكن هذا أدى إلى انقسام اضر بالقضية الفلسطينية بمجملها، ونحن نأمل من هذا الإسلام السياسي أن يدعم قضايانا بعيدا عن الاستقطاب الديني والمذهبي". واضاف :"أنا لا أخاف من الوضع العربي المحيط بنا ولكن أخاف من الانقسام الفلسطيني ، وعدم وجود قوة جاهزة لإنهاء هذا الانقسام"، موضحا ان المرحلة التي يمر بها العالم العربي والصراع العربي الإسرائيلي تحديدا والفلسطيني الإسرائيلي، "تتوقف على قدرة الفلسطينيين على ترتيب بيتهم، وان جعلوه نظيفاً من الانقسام والفساد والخلل السياسي، والاقتصادي، اعتقد أنهم يستطيعوا أن يحصلوا على شيء مهم في المرحلة القادمة، بعد أن تهدأ العواصف سيكون هناك شرق أوسط جديد، وان لم يكن الفلسطينيون بوضع قوي لن يكون لهم به نصيب". وأشار عمرو الى أن "الإسلام السياسي الفلسطيني، نجح بسبب إخفاقات فتح، وليس بسبب قواه الذاتية، وهذه المسألة يجب ان تكون مؤشراً على كيفية التعاون المستقبلي، فتح أهملت نفسها أهملت كوادرها ومؤسساتها، واستغرقت بصورة مرضية بالسلطة، مع أعبائها وإغراءاتها وسلبياتها، وبالتالي وجدت نفسها أمام سقوط في الانتخابات في مشروع هي أسسته، وبالتالي هذا مؤشر لتعيد فتح النظر بذلك، أن تعيد الفعالية لمؤسساتها، وأن تطرح سياسة عملية واقعية تضيف لرصيد الفلسطيني ولا تأخذ منه، على فتح أن تعمل الكثير الكثير لتأخذ دورها الريادي في المسألة الوطنية" . ويعول الكثيرون على صعود الحراك المدني، وخصوصا الحركات الشبابية التي أصبحت تطفو على المشهد الفلسطيني كقوة مؤثرة لها دورا في المستقبل، إلا أن التشتت الذي رافق هذه الحركات يحد من أثرها كما يوضح شاهين معتبرا أن عملية التغير بدأت في المجتمع الفلسطيني مع بدء هذا الحراك ولكنه بطيء، لكنه سيشهد تدحرجا كبيرا خصوصا مع تراجع منظمة التحرير، ومجمل الحركات الوطنية. وقد نشهد انتفاضة على غرار الانتفاضة الأولى في حال استمرار الجمود والتدهور في الوضع الفلسطيني ". نقلا عن صحيفة القدس