بيروت (رويترز) - قال المرصد السوري لحقوق الانسان يوم الجمعة إن المعارضين المسلحين اعتقلوا العشرات من الضباط والجنود ورجال الميليشيا الموالين للحكومة هذا الاسبوع في محافظة ادلب ومدينة حلب التي يتوقع أن تشهد معركة كبيرة. وأظهر فيديو نشر على موقع يوتيوب الالكتروني معارضين مسلحين ببنادق كلاشنيكوف ينتمون لما تدعى بكتيبة التوحيد يحرسون المعتقلين الذين تجمعوا في أربع مجموعات في فناء مدرسة. وظهر صوت يقول إنهم اعتقلوا في حلب. وبدت على وجوه بعض المعتقلين كدمات وتورم حول الأعين وارتجفت أصواتهم عندما تحدثوا. وقال أحدهم إنه عقيد وقال آخر إنه رائد في حين عرف العديد منهم أنفسهم بأنهم من الشبيحة وهو مصطلع تطلقه المعارضة على أفراد الميليشيا الموالية للرئيس بشار الأسد وتقاتل إلى جانب قواته. وفي نهاية الفيديو قال أحد المعارضين إن الجيش السوري الحر سيقضي على كل الشبيحة. وقال معارض من الجيش السوري الحر لرويترز إن المعتقلين في أمان ونقلوا إلى موقع لم يتم الكشف عنه في ريف حلب معقل المعارضة المسلحة. وقال "بعضهم اعتقلوا في مركز شرطة الشعار واستسلم آخرون." وأضاف "ما زالوا أحياء وسيبقون معنا إلى أن يسقط النظام وسيقدمون للمحاكمة .. وسيلقى كل منهم جزاءه." وفي محافظة ادلب اشتبك المعارضون المسلحون مع قوات الأمن الحكومية لما لا يقل عن ثماني ساعات اعتقل بعدها المسلحون 50 جنديا واستولوا على مبنى أمني رئيسي في بلدة معرة النعمان. وأظهر فيديو نشر على يوتيوب عشرات المعارضين المسلحين بالبنادق داخل مبنى تاريخي كان يستخدم قاعدة أمنية بعدما سيطروا عليه من قوات الأسد. وكانت جثة أحد الجنود ملقاة على الأرض وسمع صوت يقول في الفيديو إنه رفض الانشقاق. وكتب على أحد الجدران "رجال الموت" وكانت النوافذ مسدودة بأكياس من الرمل. ودمرت مبان قريبة وكان الطريق مغطى بالركام في مؤشر على وقوع معركة شرسة بالمنطقة. من جهتها قصفت المدفعية التابعة للرئيس السوري بشار الاسد مناطق يسيطر عليها المعارضون حول حلب يوم الجمعة تمهيدا لشن هجوم على المدينة وقالت الولايات المتحدة انها تخشى من "مذبحة" وشيكة. وقالت مصادر بالمعارضة ان القصف المدفعي اعقب قصفا جويا مكثفا للمدينة نفسها وانه محاولة لمنع المقاتلين من امداد وحدات المعارضة داخل حلب. وقال قائد للمعارضين خارج حلب يدعى انور "يقومون بقصف عشوائي لبث حالة من الخوف." وينظر للمعركة للسيطرة على حلب وهي مركز قوة رئيسي في البلاد ويبلغ عدد سكانها 2.5 مليون نسمة على انها نقطة تحول محتملة في الانتفاضة المستمرة منذ أكثر من 16 شهرا ضد الاسد. وقد تمنح هذه المعركة افضلية لطرف على الاخر في الصراع الدائر بين الحكومة وقوات المعارضة. وقال قائد للمعارضين ان المقاتلين هاجموا قافلة لدبابات تابعة للجيش السوري كانت تتجه نحو المدينة في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة جلب قوات من مناطق اخرى في البلاد لتعزيز قواتها هناك. ومصير سوريا التي يعيش فيها 22 مليون نسمة سيحدد على الارجح مستقبل المنطقة الاوسع نطاقا لسنوات قادمة وسط مخاوف من انتقال التوتر الطائفي بداخلها الى الخارج. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن هناك تقارير جديرة بالثقة عن وجود ارتال من الدبابات تتجه صوب حلب وهجمات جوية بطائرات هليكوبتر وطائرات مقاتلة تمثل تصعيدا خطيرا في جهود الحكومة لسحق المعارضة المسلحة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الامريكية فيكتوريا نولاند "هذا هو مبعث القلق: ان نشهد مذبحة في حلب وهذا ما يحضر له النظام فيما يبدو." وشجعت تركيا التي تحولت إلى واحدة من اشد منتقدي الأسد المعارضة المسلحة في حلب. وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في تصريحات بثتها قنوات تلفزيون تركية "في حلب نفسها يعد النظام لهجوم بالدبابات وطائرات الهليكوبتر ... آمل ان يحصلوا على الرد الضروري من ابناء سوريا الحقيقيين." وبينما يستعد السكان الباقون في حلب انفسهم لمزيد من الدماء قال الجنرال روبرت مود الرئيس السابق لبعثة المراقبة الدولية في سوريا لرويترز انه يعتقد ان الأسد سيسقط ان عاجلا او آجلا. وقال الجنرال النرويجي الذي غادر دمشق في 19 يوليو تموز "سقوط نظام يستخدم مثل هذه القوة العسكرية المفرطة والعنف غير المتناسب ضد السكان المدنيين ليس إلا مسألة وقت في رأيي." وقالت نافي بيلاي مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ان نمطا ظهر على الارض يتمثل في عودة قوات الاسد لاستخدام القصف ونيران الدبابات وعمليات التفتيش من منزل الى منزل. واضافت في بيان "كل هذا إلى جانب تقارير حشد القوات في حلب وحولها نذير شر لأبناء تلك المدينة." وقال نشطاء بالمعارضة في المدينة إن قوات حكومية متمركزة على مشارف حلب أطلقت وابلا من قذائف المورتر الثقيلة على أحياء في غرب حلب وقصفت طائرات هليكوبتر روسية الصنع من طراز ام.اي-25 مناطق في الشرق. ويأتي القتال العنيف بعد تفجير أسفر عن مقتل أربعة من كبار القادة المقربين من الأسد في دمشق يوم 18 يوليو تموز وهو الهجوم الذي دفع بعض المحللين إلى التكهن بأن زمام الأمور بدأ يفلت من يدي الحكومة. وفي أول إبلاغ عن قتلى يوم الجمعة قتل رجل يبلغ من العمر نحو 60 عاما يرتدي جلبابا ابيض تقليديا بالقرب من متنزه في حلب بينما انتشر القتال في عدة احياء بالمدينة. واسفر قصف عند الفجر عن مقتل خمسة اشخاص كانوا يختبئون من القذائف في سوق للخضروات. واظهر تصوير بالفيديو نشره نشطاء معارضون الناس وهم يجمعون اشلاء الضحايا في اكياس بلاستيكية. ووفقا لما ذكره نشطاء من المعارضة فقد قتل 34 شخصا داخل حلب وفي محيطها يوم الخميس. وقال ناشط يدعى أبو محمد الحلبي عبر الهاتف من حلب "المعارضون ماهرون حتى الان والمدنيون يمثلون أغلب ضحايا القصف. وقال ماجد النور وهو ناشط آخر إن المعارضين هاجموا موقعا أمنيا في حي بستان الجوز القريب من وسط حلب أمس. وأضاف "المعارضون موجودون في شرق المدينة وغربها ولهم موطئ قدم في مناطق بالوسط. تسيطر قوات النظام على مداخل حلب وعلى الشوارع الرئيسية والتجارية وتقصف الاحياء السكنية التي يسيطر عليها المعارضون." وذكر النور أن عشرات الالاف من الناس فروا من حلب إلى مناطق ريفية شمالية مجاورة قريبة من تركيا. وفي العاصمة دمشق قالت إحدى السكان ان اربع طائرات هليكوبتر حلقت يوم الجمعة فوق مناطق جنوبية بالمدينة واطلقت نيران رشاشاتها على حيي الحجر الاسود والتضامن ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. واضافت عبر الهاتف "يمكنني رؤية اثنتين (طائرتين هليكوبتر) فوق مني الآن وتتجهان نحو (حي) الحجر الاسود." وكان يمكن سماع صوت اطلاق النيران في الخلفية. وكانت طائرات الهليكوبتر تحلق على ارتفاع منخفض وكانت تستهدف مباني محددة على ما يبدو. وبعد استخدام روسيا والصين حق النقض ضد قرار في مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على سوريا للمرة الثالثة الأسبوع الماضي قالت الولايات المتحدة إنها ستعزز مساعدة المعارضة السورية المنقسمة لكنها ستظل تقتصر على الامدادات غير الفتاكة مثل أجهزة الاتصال والمعدات الطبية. وعلمت رويترز أن البيت الأبيض أصدر توجيها رئاسيا يجيز تقديم مساعدة سرية أكبر للمعارضين لكنه لا يسمح بتسليحهم. ولم يتضح ما إذا كان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد وقع الوثيقة التي تعد تصريحا شديد السرية بنشاط خفي. وقالت نائبة سورية عن محافظة حلب اليوم إنها انشقت وتوجهت إلى تركيا لتصبح أول نائبة منشقة في البرلمان المنتخب في مايو أيار والذي يسيطر عليه حزب البعث بقيادة الأسد. وقال النائبة إخلاص بدوي لقناة سكاي نيوز عربية "أنا الآن عبرت الحدود التركية وانشققت عن هذا النظام الغاشم." وقدم العميد مناف طلاس وهو أحد كبار المنشقين في الدائرة المقربة من الأسد نفسه يوم الخميس في صورة من يمكنه المساعدة على توحيد المعارضة في الداخل والخارج حول خطة لانتقال السلطة. وزار طلاس السعودية قبل ان يتوجه الى تركيا حيث التقى مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو. وكانت تركيا حليفة سابقة للأسد وهي الان من أشد منتقديه وتلعب دورا استراتيجيا في صياغة أي شكل للقيادة فيما بعد الأسد في سوريا. وفي هذه الاثناء قال مصدر قريب من جهود الوساطة في سوريا لرويترز اليوم الجمعة ان الوسيط الدولي كوفي عنان مازال يسعى للوصول إلى حل سياسي للأزمة رغم تحويله الى كبش فداء لفشل جانبي الصراع في سوريا في الاتفاق.