خبر : العيش مع جارة ذرية/بقلم: عكيفا الدار/هآرتس 16/7/2012

الإثنين 16 يوليو 2012 12:54 م / بتوقيت القدس +2GMT
العيش مع جارة ذرية/بقلم: عكيفا الدار/هآرتس 16/7/2012



 يبدو النص معروفا. "في هذه اللحظة يوجهون علينا 22 ألف صاروخ"، قال البروفيسور إين نان – سيك، "ان ضربة صاروخية واحدة من الشمال على سيئول ستوقع نحوا من نصف مليون ضحية". ان الباحث الرفيع المستوى من الاكاديمية الوطنية للدبلوماسية، مثل أكثر الخبراء والساسة في سيئول، يعتقد ان السلاح الذري الذي يملكه النظام في بيونغ يانغ هو مشكلة استراتيجية خطيرة. لكن الأكثرية المطلقة منهم يتفقون على ان هجوما عسكريا على المنشآت الذرية لكوريا الشمالية ليس هو الحل. وقد اقترح كل من تحدثت معهم في سيئول ولم يشذ منهم أحد ان تسقط اسرائيل الخيار العسكري في مواجهة ايران عن مائدتها وعن برنامج العمل الدولي ايضا. ان حالة كوريا الشمالية اذا شئتم هي مثال على اخفاقات سياسة الغرب الذرية. ان محمود احمدي نجاد في نظر الكوريين الجنوبيين وليس في نظرهم فقط هو انسان متزن وعقلاني اذا ما قيس بـ كيم جونغ أون. وقد أضل النظام المتطرف في أكثر الدول انغلاقا في العالم المجتمع الدولي واستغل سنين طويلة من دبلوماسية عقيمة كي يصبح قوة من القوى الذرية. وقد منح السلاح الذري كوريا الشمالية تفوقا استراتيجيا على الجارة الجنوبية وهو يفرض عليها العيش في ظل تهديد دائم وعدم توازن في مواجهة العدو. ان حالة شبه الجزيرة الآسيوي اذا شئتم هي مثال على نمو اقتصادي يثير الحسد في ظل تهديد. فقد أصبحت كوريا الجنوبية قوة من القوى العظمى الصناعية من غير توازن رعب على هيئة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، ومن غير ردع ذري على هيئة المواجهة العسكرية بين اسرائيل وجاراتها (بحسب مصادر اجنبية). وتستمد سيئول أمنها من افتراض انه حتى النظام نصف العقلاني لن يسارع الى التورط مع دولة تتمتع بحماية أقوى قوة في العالم. ان أكثر من 20 ألف جندي امريكي منتشرين في داخلها هم مجموعة الضغط اليهودية و"اصدقاء اسرائيل في مجلس النواب الامريكي" في كوريا الجنوبية. برغم ان ايران في مركز الاستهداف للراعية الامريكية، لا تسارع كوريا الجنوبية الى التخلي عن علاقاتها الوثيقة بنظام آيات الله، فهي تشتري من ايران أكثر من 9 في المائة من استهلاكها للنفط (وتغضب على دول اوروبا التي تحظر على شركات التأمين تأمين ناقلات النفط) وتبيع سلعا وتنشيء بنى تحتية في ايران تبلغ كلفتها عشرات مليارات الدولارات كل سنة، وان مصدر عيش مئات الشركات وعشرات الآلاف من العمال معلق بهذه العلاقات. وقد رأيت في منطقة الفنادق والحوانيت الفخمة في سيئول لافتة عليها "شارع طهران". وقد عُين المدير العام لقسم افريقيا والشرق الاوسط في وزارة الخارجية في سيئول، وهذا واحد من أهم المناصب في وزارة الخارجية، عُين في المدة الاخيرة سفيرا لبلاده في ايران. لا يُخفي الدكتور يون سونغ – هون امتعاضه من السياسة الذرية اللينة جدا في رأيه في معاملة كوريا الشمالية. وله حساب مع رئيسه السابق رو تاه – هو الذي أعلن في حينه تجريد بلاده من السلاح الذري، ومع الرئيس بوش الأب الذي استقر رأيه في 1991 على ابعاد السلاح التكتيكي عن كوريا الجنوبية. فهو يريد ان يعيده الامريكيون الى مكانه. وقد عاد يون سونغ – هون منذ زمن قريب من مؤتمر تناول الذرة الايرانية والكورية الشمالية عقد في واشنطن. وكان من الصعب ألا نلاحظ خيبة الأمل في صوت الباحث الكبير في المعهد القومي للوحدة حينما تحدث عن أنه لم يعرض أحد من حضور المؤتمر أدلة على تعاون ذري بين بيونغ يانغ الذرية وايران التي تسعى الى الانضمام الى النادي الذري. ان المسدس ذا الدخان كان سيجعل سياسة الامريكيين نحو كوريا الشمالية أكثر صرامة. ونجاح العلاج الدولي للذرة الايرانية سيشجع علاجا مشابها لذرة كوريا الشمالية. لا يؤمن الدكتور يون سونغ – هون بأن كوريا الشمالية ستتخلى عن السلاح الذري. وهو يقترح بازاء التجربة المرة في الميدان المحلي ألا نعلق آمالا على الحوار وعلى تشديد العقوبات باعتبارها وسيلة لاقناع ايران بالتخلي عن برنامجها الذري. "من المفهوم من تلقاء ذاته ان كل دولة ذات حق في حماية نفسها"، لخص الباحث الكبير وأضاف فورا قائلا: "لكن اذا سألتني فانني أقترح ان تفعلوا كل شيء لمنع هجوم عسكري على ايران". وبعبارة اخرى ان القنبلة الذرية أفضل من القصف.