خبر : طريقة اولمرت والحرب العالمية الثانية/بقلم: أمير أورن/ هآرتس 15/7/2012

الأحد 15 يوليو 2012 01:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
طريقة اولمرت والحرب العالمية الثانية/بقلم: أمير أورن/ هآرتس 15/7/2012



 كشفت وكالة الاستخبارات الامريكية في الاسبوع الماضي عن كراسة سرية أُصدرت في الحرب العالمية الثانية مع أوامر سلوك للسكان في اوروبا المحتلة تُبين كيف ينبغي التشويش على جهد النازيين الحربي وأنصارهم من غير اثارة شك. لم يكن ذلك بعمليات قوات الصاعقة والمرتزقة، أو بقصف واغتيال بل بـ "تخريب بسيط" يومي تحت غطاء حوادث طرق وأعطال وإفساد وبالعامل البشري ايضا. يستطيع كل مواطن غافل في ظاهر الامر وفي واقع الامر ايضا على الأكثر ان يصبح مخربا في طرفة عين. فلا حاجة الى معدات أو اعداد. "الملح والمسامير وخيط؛ ان سلاحك موجود على رف مطبخك وفي كومة القمامة". وهكذا تُشل المحركات وتُقطع الاطارات وتُثقب الأنابيب. وهذه هي اعمال التخريب المحسوسة، لكن هناك نوع آخر هو اعمال مخطئة وقرارات فاشلة. وقع الجنرال وليام دونوفان رئيس الـ أو.اس.اس وهو مكتب الخدمات الاستراتيجية الذي ولدت منه وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية، وقع في كانون الثاني 1944 على كراسة ارشاد لأذكياء يتنكرون بمظهر الأغبياء. وقد كُتبت الكراسة بجدية مطلقة، لكن يمكن ان نغفر للقاريء الذي يسأل أليس ذلك سخرية وهجاء لامع للمجتمع الغربي وحكوماته ومنظماته أو لجان العمال فيه. اليكم مثلا نصائح للعمال قرب المخرطة أو على طول شريط الانتاج تقول: إعملوا ببطء، وضاعفوا عدد الحركات التي يحتاج اليها كل عمل واستعملوا مطرقة خفيفة بدل مطرقة ثقيلة. وفي القطار، أصدروا بطاقتين لكل مقعد مُرقم من اجل اثارة الشجار بين جنود العدو. وفي مركزية الهاتف، إقطعوا المكالمات فجأة أو إنسوا قطع الخط بعد انتهاء المكالمة. وفي مركز البرقيات، زوروا كلمات السر تزويرا طفيفا. فحينما يكتب المُرسل كلمة استبدل حرفا بحرف بحيث يصبح معنى الكلمة المعنى العكسي. وفي مادة "اللجان والجلسات" يوصى "بتحويل كل شأن لنقاش وتوضيح اضافيين في لجان تأليفها كبير وغير منظم. وبدل تنفيذ عمل حيوي ينبغي عقد جلسة". واقتُرح على المديرين اصابة الهيئة الادارية بالكآبة بغمر الضعفاء بالحب والترفيع بلا تسويغ الى جانب ايقاع الظلم على العمال الناجعين (وتفسير ذلك سيأتي بعد انتهاء الحرب). واعترف دونوفان بأن المشكلة هي ان التخريب البسيط يناقض الطبيعة البشرية – فالنشيط يصعب عليه ان يصبح كسلان ويجب على صاحب الدقة ان يجهد نفسه ليصبح غير منظم. ويوجد لذلك ايضا حل، فيمكن طلب انتاج كامل في كل شيء باستدعاء معقد وتأخير الارسالية الى ان تُحرز نتيجة ممتازة لكنها متأخرة. وفي نهاية كراسة الارشاد من اجل خفض الروح المعنوية وبذر الحيرة، ترد القواعد التالية: "تصرف في غباء. وأخطيء فهم المعايير. واندُب وابكِ بهستيريا في كل فرصة ولا سيما في مشاجرة موظفي السلطة". منذ ان هُزمت المانيا في الحرب العالمية بفضل هذه الحيل وبمساعدة ما ايضا من الجيوش الغازية، نُسي تراث "تصرف بغباء"، الى ان كُشف عنه مرة اخرى في القدس في الوقت الذي تذكرته وكالة الاستخبارات المركزية بالضبط. فقد وجد في نهاية الامر جمهور مستهدف ضئيل لكنه مختار لتسويغات قسرية يتضح صدقها لكل ناظر، لكن دحضها "لا يبلغ مقدار اليقين المطلوب في المحاكمة الجنائية". لو أن الطالب اهود في طفولته في بنيامين تحدث الى المعلم يوخفاد أو الى المعلم اسحق عن ان الكلب أكل دفاتره أو أنه لم يحضر الامتحان بسبب هبوط كائنات غريبة في موقع قريب، لما كان الشك في روايته ليكون في مصلحته. وذلك قبل عشرات الاسئلة الاخرى اعتاد ان يسألها واحد من اصدقاء اولمرت ("أين المال؟")، ومنها ما ينتصب بنفسه – أية وقاحة كبيرة في الغياب عن العمل الحكومي ذي المسؤولية والمتعدد الملفات بسبب رحلات الى الخارج منتدبا لمنظمات مدلِّلة، أولا يوجد في ذلك خيانة لثقة الجمهور الذي انتخبه كي يخدمه. ان المحكمة اللوائية اعتمدت على طريقة اولمرت. فقد تصرف بغباء وهذا غير لطيف لكنه غير جنائي (بصورة جزئية). والمشكلة هي انه لا يتضح من هو الغبي هنا.