باعتباري من أنصار مبدأ سلطة القانون، فأنا سعيد وأبارك جو الخوف والرعب الذي أصاب في السنين الاخيرة كل سياسي أو متولي منصب عام في كل ما يتعلق بتضارب المصالح وتقديم المقربين في العمل وتلقي الرشاوى والألطاف. الخوف من تقديم لائحة اتهام وانهاء الحياة السياسية بل السجن الفعلي عوامل مركزية في منع الفساد ونقاء الجهاز السياسي والحفاظ على طهارة المعايير. ويجب حفظ استقلال النيابة العامة وحرية عملها وان تبقى مفصولة عن كل عامل ضغط سياسي واعلامي. ومع ذلك فان القوة الكثيرة التي أوكلت وبحق الى النيابة العامة توجب على ناسها ان يسلكوا في حذر شديد حينما يتجهون الى تقديم لائحة اتهام على شخص منتخب عام للسبب البسيط الذي يوجب على من ينتخبه الجمهور ان يستقيل من منصبه مع تقديم لائحة الاتهام الى المحكمة. ان سلوك النيابة العامة في قضايا اهود اولمرت بعامة وفي قضية موشيه تالنسكي بخاصة ليس فيه ما يقوي منزلة سلطة القانون بل بالعكس، ان سلوك النيابة العامة أضر ضررا شديدا بالثقة بالجهاز وبقدرته في المستقبل على تقديم لوائح اتهام صادقة على منتخبين للجمهور فسدوا. وفي الختام فان العار في قضية اولمرت قد التصق بمن أوكل اليهم حفظ القانون وهم الذين سيصعب عليهم منذ الآن الاستمرار في الحظوة بثقة الجمهور. يصعب ألا نسأل كيف أسست النيابة العامة اعتمادا على شهادة متقطعة لانسان مريب مثل تالنسكي، لائحة اتهام كاذبة وحملة دعائية عامة عنيفة فتاكة على رئيس وزراء يتولى عمله، بل سلكت في هذه الواقعة سلوكا شاذا حينما طلبت الى المحكمة ان تبدأ اجراء شهادة مبكرة وهي شهادة حطمت بمرة واحدة مكانة اولمرت العامة من غير ان يتمكن الدفاع من القيام بتحقيق مضاد في الوقت. وكان يجب ان يثير قرب تالنسكي من جهات يمينية الشك أكثر في انه يقف وراء الشكوى جهات سياسية تحاول بها ان تبدل السلطة في اسرائيل وتوقف المسيرة السياسية التي حاول اولمرت ان يدفع بها الى الأمام في تلك الفترة. وأصعب من ذلك ان نفهم لماذا اختارت النيابة العامة "ان تزين" لائحة الاتهام بمادة اخرى مُسفة وغريبة تتعلق بقيمة مجموعة أقلام اهود اولمرت وهي مادة بُريء اولمرت من كل تهمة فيها. ان زيادة قضية الاقلام قوت الشعور بأن الاجراء القضائي على رئيس الوزراء السابق يحركه باعث زائد صرف ناس النيابة العامة الى اتجاهات غير منطقية. وان التعلق بتأثيم اولمرت الجزئي غير كاف ومن الواضح للجميع انه بغير قضية مغلفات المال وبغير قضية ريشون تورز لم تكن النيابة العامة لتقدم لائحة اتهام كاملة في سلوك اولمرت في كل ما يتعلق بقضية "مركز الاستثمارات". أعلم عن معرفتي بالجهاز القضائي من زوايا اخرى كم تتردد النيابة العامة عن ان تقدم لوائح اتهام في اعمال فساد في الظاهر في كل ما يتصل بسلوك رؤساء مجلس في المناطق بشأن البناء غير القانوني الذي تم بصورة واضحة معلومة للجميع. وأنا على يقين من انه لو جرى حكم تالنسكي على هذه القضايا ايضا لقضى كثير من قادة المستوطنين السنين الاخيرة على مقاعد الاتهام في المحاكم. لكن حين تبلغ الشبهة الى رأس الهرم ربما تكون شهوة ناس النيابة العامة لتقديم لائحة اتهام وتغيير ترتيب الامور قد تغلبت على العقل الرشيد وعلى الحاجة الى السلوك في اتزان وتقدير للامور زمن اتخاذ القرار على تقديم لائحة اتهام لرئيس حكومة يتولى عمله. لا أومن بنظريات المؤامرة ولا أعتقد ان النيابة العامة عملت عن بواعث اجنبية، لكن لا يمكن تجاهل رائحة الاهمال والصلف وعدم المسؤولية التي تنبعث عن سلوك النيابة العامة في قضية اولمرت. ويجب على ناس النيابة العامة ان يبينوا كيف اضطروا رئيس وزراء الى الاستقالة اعتمادا على شهادة مشكوك فيها، ولماذا جر باعثهم الزائد في هذه الحال الجهاز كله الى يوم تم فيه اضرار شديد بثقة المواطن بمهنية جهاز النيابة العامة في اسرائيل وتقديمها للامور. وينبغي التحقق مع ذلك من ان هزيمة النيابة العامة للمحكمة لن تترجم الى خوف من التنفيذ في بحث قضايا في المستقبل وان يهرب بسبب الحكم في قضية اولمرت ساسة وناس حياة عامة آخرون توجد أدلة كافية صلبة لتقديم لائحة اتهام لهم، ان يهربوا من لوائح اتهام. الامين العام لمنظمة "سلام الآن"