الآن فقط، بعد ان أكمل جولة المناكفات، وتلقى كل الجلدات، بعد ان أكل كل الاهانات، وتذبذب بين كل المواقف وأهان نفسه بكل الاشكال، الآن فقط يصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الرجل الذي أسمته المجلة الامريكية الاعتبارية "ملك اسرائيل"، الى ذروة الفزع المرتقب، الدائم، الذي يصل اليه في نهاية كل جولة كهذه. فها هي هذا الصباح، جلسة كتلة عاجلة، متصببة العرق، فزعة لكتلة الليكود، وها هو فجأة ينشأ فريق عاجل ومتسرع بقدر لا يقل يضم بوغي، بيلد وعميدرور، وها هو بيبي يبدأ باحصاء الأيدي كي يرى كيف يمكنه مع ذلك ان يجيز تقرير بلاسنر دون ايفات، دون شاس، وبالأساس دون هواء. في كل هذه الاشهر التي انقضت منذ دخلت الساحة الى "سنة طال"، لم يفكر هذا الزعيم بأن يمسك زمام الزعامة. ان يفعل فعلا. ان يتخذ قرارا. ان يفعل ما هو جيد وصحيح للدولة. فهو بسيط للغاية، صحيح للغاية، مطلوب للغاية. تماما لا ينبغي ان يكون المرء عبقريا كي يُشخص ذلك. ولكن هذا ببساطة لا يوجد في قائمة التشغيل لنتنياهو. وزراؤه، تقريبا دون استثناء، درجوا على القول انه يتخذ دوما ذات المسار: يتنازع مع كل المشترين، يتورط مع البائعين، يُصر على المساومة، يدفع السعر الأعلى، يُطرد من السوبرماركت ليكتشف في النهاية بأنه اشترى بضاعة فاسد. هذا بالضبط ما يحصل الآن ايضا. ينبغي الصلاة بكل القوة بأن يخطط للهجوم على ايران بشكل آخر. في ميدان المتحف في تل ابيب اجتمعت أمس اسرائيل القديمة. لم يكن هناك الغضب الذي غمر الشوارع في الصيف السابق. لم تكن الشعلة. كان تعب، كان احباط، فقدان ثقة. رئيس المخابرات السابق، يوفال ديسكن، في لحظة صريحة روى بأنه احيانا يفقد الأمل، يكف عن الايمان بأنه يمكن تغيير هذا المكان. ديسكن تحدث عن زعامة عفنة، وصدقوني، هو يعرف بالضبط عما يتحدث. كلمته أمس كانت مقنعة، حقيقية، شجاعة. تردد قبل ان يقرر الحديث، ولكن عندما التقى بوعز نول وعيدان ميلر فهم بأنه يجب القفز الى الماء، وقفز. لقد مثل ديسكن الفارق المركزي بينه وبين رفيقه، رئيس الاركان السابق غابي اشكنازي، الذي تردد وتلبث الى ان رفض المشاركة. اشكنازي هو متخوف، متردد، قلق على صورته، على مكانته. في صالحه يُقال انه فهم خطأه ونجح، تماما في اللحظة الاخيرة، في الصعود أمس هو ايضا الى المنصة لأداء التحية للحدث، الذي كان جديرا بالتحية. كان هذا اشكنازي هو اول من فكر بالصيغة التي بموجبها لا تعود خدمة الزامية، بل الزام خدمة. ان يصل كل شاب ابن 18 في اسرائيل الى مركز تجنيد افتراضي يختار الجيش الاسرائيلي منهم من هو ملائم وكل من يتبقى يخدم بطرق اخرى. يحتمل ان نحظى في زمن ما بتجسد هذه الصيغة. اذا كان هذا بالفعل سيحصل بسرعة في ايامنا، فان لمظاهرة أمس دور مركزي في ذلك. ولمن نسي: الازمة الحالية بدأت بتصريح نتنياهو بأنه سيعمل على تمديد قانون طال بخمس سنوات. نعم، أُقسم لكم. قبل بضعة اشهر، في بداية جلسة الحكومة، هذا ما قاله. استغرقته بضعة ايام كي يفهم حجم الخطأ، وعندها بدأ بالتذبذب بانفلات، توقف عند كل المواقف، أيد كل الخطط، كل واحدة بدورها، الى ان وقف في هذا التذبذب الاخير أمام بوعز نول، نظر له في بياض العينين (في جلسة كتلة الليكود) وأعلن بأنه هو وليس آخر، بيبي نتنياهو، سيجند الاصوليين ويأتي بقانون جديد وعادل بدلا من قانون طال. في نفس الوقت، كالمعتاد، غمز بيبي للاصوليين ايضا، وعندها ضم كديما الى الحكومة، وعندها شكل بضجيج عال لجنة بلاسنر، والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الذي مر على رأسه حين حلها فوق رأس موفاز، وغمز مرة اخرى للاصوليين. هذا لم يحصل قبل ثلاثة اشهر. هذا حصل الاسبوع الماضي. من يهمس في أذن هذا الرجل، من يجعله يفقد عقله، من يوجهه. الحقيقة يجب ان تُقال: الزعامة في اسرائيل 2012 هي زعامة الغمز. بدلا من السير مباشرة الى المكان السليم، يتذبذبون كل الوقت من هنا الى هناك، يغمزون في الاتجاه المعاكس، يتشوشون حسب اتجاه الريح، الائتلاف والاصوليون الشرقيون أو الاشكناز، أو من يهدد أكثر. الى ميدان المتحف جاء أمس عشرات آلاف ملوا هذا الغمز. ملوا تمويله وصيانته. عندها نتنياهو، ردا على ذلك، يعقد الكتلة ويشكل لجنة. نجلس الآن كلنا وننتظر الابداع التالي من نتان ايشل. الحقيقة؟ هذا بالضبط ما نستحقه.