السؤال ما الذي تسبب بوفاة مؤسس فتح زعيم الشعب الفلسطيني ياسر عرفات سيشغل بال الشرق الاوسط لسنوات عديدة اخرى. ما كشف النقاب عنه أمس لم يفعل غير تعظيم المخفي. فلا يدور الحديث عن اتهامات اخرى تلقائي على لسان ناطقين فلسطينيين، يوجهون التهمة تلقائيا الى اسرائيل للمسؤولية عن كل موت يقع في اوساطهم، غير أن فحوصات علمية موثقة في معاهد ذات سمعة واسعة في سويسرا. قلة فقط يعرفون الجواب الحقيقي. محافل فلسطينية من محيط سلام فياض تعنى في السنتين الاخيرتين في جمع مادة أخرى وستنشرها قريبا. كما أن استنتاجات هذه المادة ستقرر اذا كان ياسر عرفات قتله محترفون أملوا بالعمل في الخفاء، بمعنى عدم ترك أي اثر والاقناع بان عرفات مات لاسباب طبيعية. سطحيا يوجد غير قليل من الاسباب للاعتقاد بانه كانت هذه ظروف طبيعية. ناطقون اسرائيليون تكبدوا عناء النفي بكل حزم أن تكون اسرائيل مشاركة في القضية. وكان هذا نفيا قاطعا، لا لبس فيه، ليس في جانبه، مثلما في حالة وفاة غير مفسرة اخرى في الشرق الاوسط (عماد مغنية، محمود المبحوح) - غمزة ايضا. "نحن لا ضلع لنا"، قال لي بوجه مكفهر في مقابلات لغرض النشر مسؤولون كبار في اسرة الاستخبارات الاسرائيلية وفي القيادة السياسية في عصر ما بعد وفاته. عملية اغتيال عرفات، لو كانت تمت، لكان يفترض أن تضم غير قليل من المشاركين. في اسرائيل، هكذا يعتقد كثيرون، في النهاية كل شيء يتسرب. وفضلا عن ذلك – من التقرير النهائي لمرض عرفات الصادر عن المستشفى في باريس يصدر اشتباه شديد بان عرفات عانى من الايدز وأن هذا المرض قتله. هذا التقرير ينضم الى جملة تقارير سابقة عن ميول الزعيم الجنسية. يون ميخا باتشبا، رئيس الاستخبارات الرومانية الشيوعية الذي فر الى الولايات المتحدة، يدعي بان رجاله صوروا غرفة عرفات عندما كان ضيف الحاكم تشاوشسكو، في هذه الصور وثق عرفات يمارس الجنس مع حراسه. وروى ارئيل شارون لعدد من مقربيه بان اسرائيل حصلت على هذا الشريط بل وفكرت في امكانية نشره على الانترنت لاحراج عرفات. من جهة اخرى، فان وفاة عرفات دون شك وقعت في توقيت غريب للغاية. شارون كان هو الذي قرر مع تسلمه مهام منصبه في مكتب رئيس الوزراء تغيير النهج وأن السلطة الفلسطينية هي جزء من المشكلة، وليس من الحل، وان عرفات هو عدو. اذا كان أمر شارون بالفعل بتصفيته، فان الامر تم في كتمان سري شديد، في محافل ضيقة للغاية من أي تصفية اخرى. والحساسية كانت ستكون مزدوجة – تجاه الفلسطينيين، وربما أهم من ذلك تجاه الامريكيين أيضا. السنوات وحدها، ازالة قيود الرقابة وربما السلام الذي سيأتي الى الشرق الاوسط سيجلبان معهما جوابا على هذا السؤال المثير للفضول.