خبر : انه يخاف / بقلم: امنون ابراموفيتش / يديعوت 4/7/2012

الأربعاء 04 يوليو 2012 02:25 م / بتوقيت القدس +2GMT
انه يخاف / بقلم: امنون ابراموفيتش / يديعوت  4/7/2012



ان الخطاب العام عن التساوي في العبء يخلط ويمزج مساواة واحدة بعدة أعباء. فتجنيد الحريديين شيء وضمهم الى دائرة العمل شيء آخر، والخدمة الوطنية هي خدمة من نوع ما والخدمة المدنية هي نوع ثان. ويوجد حريديون ويوجد عرب، وتوجد حريديات وتوجد بنات الصهيونية المتدينة، ويوجد ايضا طلاب المعاهد التحضيرية الذين يخدمون خدمة عسكرية قصيرة ويتحملون العبء لكن لا بصورة مساوية.             ان مُخربي لجنة بلاسنر وهادميها منها جاؤوا وجاؤوا بأكثر من معنى واحد، وقد انشأت السياسة اللجنة والسياسة هدمتها. عرف ممثل اسرائيل بيتنا ان اللجنة لا يفترض ان تتناول العرب بل الحريديين، وكذلك ايضا ممثل البيت اليهودي. وعرف ممثل الحريديين ان اللجنة ترمي الى زيادة عدد مندوبيهم في الجيش وفي سوق العمل لا في المعاهد الدينية، ورأى ممثل الليكود نفسه مسؤولا عن الحفاظ على الشركاء الطبيعيين لنتنياهو لا عن تحسين المزاج العام في خيمة المغفلين.             يُخيل إلي ان المُلح أكثر إدماج كل الحريديين في العمل سريعا وأن يُدمج فريق منهم في الجيش بالتدريج فقط. وقد أحسن صوغ ذلك وزير المالية شتاينيتس الذي قال ان الجيش الاسرائيلي يستطيع ان يُسوي أموره بغير الحريديين عشر سنين اخرى، لكن اقتصاد اسرائيل لا يستطيع الاستمرار في النفقة عليهم سنين طويلة، فالاقتصاد سينهار اذا لم يُضموا الى دائرة العمل.             ان بنيامين نتنياهو هو العنوان الواحد الوحيد للدعاوى والردود. سيكون بعد قليل في الثالثة والستين من عمره، لكنه لم يقرر بعد ماذا يريد ان يكون حينما يكبر، أسياسيا يتناول السياسة الخارجية أم سياسيا يتناول السياسة الداخلية. وهل يريد ان يكون مقاولا أو يريد ان يكون زعيما.             دُفن اسحق شمير أول أمس. وقد كان ذا شعور وطني وملتزما بأرض اسرائيل وكانت حياته وقفا على الأمة ونهضتها كما تصور مصلحتهما. لكن عدد الكلمات التي قيلت وكُتبت فيه كان أكبر من كل كلماته وأفعاله في كل ايام حياته.             أسس شمير النظرية التي سُميت بعد ذلك "نظرية الأترُجة". وقرر انه يجوز الكذب من اجل ارض اسرائيل. وقد كان الكذب الوحيد الذي يُباح للقادة حتى فترته متعلقا باقلال قيمة العملة. لكن شمير طور فئة التصنيف هذه ووسعها. وحظي السلام والتسويات السياسية بهذه الحصانة ايضا بعد شمير وارض اسرائيل.             كان من حسن حظ شمير ان كان رئيس وزراء في ثمانينيات القرن الماضي لا في الألفية الثالثة. ومن السهل ان نُخمن ماذا كانوا يكتبون ويذيعون اليوم منددين به – ويستأنفون عليه الى المحكمة العليا – بسبب الدعم المطلق الذي منحه لميخائيل ديكل الراحل بعد ان تم تأثيمه بجمع تبرعات غير قانونية، فقد جمع ديكل بعلم شمير ومباركته تبرعات لليكود من تجار ومقاولين مقربين حصل كثيرون منهم على رخص للبناء في المستوطنات. ورفض ان يُقيل ايضا وزيري شاس، درعي وبنحاسي، اللذين أُدينا بأحكام جنائية وحوكما بعد ذلك وتم تجريمهما.             كان شمير ضئيل القامة متين الجسم وكان بُعد رأسه عن قدميه وبُعد قدميه عن الارض قصيرا جدا. وفي تلك السنين كان هناك من جاء بالاعاجيب في كرة القدم وكانت صورته تشبه صورة شمير وتشبه بنيته الجسمية بنيته وكان اسمه مارادونا. وقيل في شمير ومارادونا انه لا يمكن اسقاطهما لكونهما ذوي مركز ثقل منخفض.             استل نتنياهو وتبنى هذا الاسبوع ثلاثة عناصر من نظرية شمير: عن البحر والعرب اللذين لم يتغيرا ولن يتغيرا، أي أنه لا يوجد من يُتحدث معه؛ أي كفوا عن بلبلة عقولنا بالتفاوض السياسي؛ وعن عمل عسكري يخالف موقف الادارة الامريكية، أي مهاجمة ايران؛ وعن أنه لو طالت حرب الخليج لهاجم شمير العراق.             يُخيل إلي ان نتنياهو يشوه في هذه القضية تراث شمير الذي كان رجلا عمليا بريئا من الأوهام. فقد رفض ان يهاجم العراق لا لأنه كان محبا للسلام وأيد اعطاء الخد الثاني بل لأنه عرف حدود الجيش الاسرائيلي وضعفه وفضل ان يظل نمرا مع علامة سؤال على ان يبدو نمرا ورقيا مع علامة تعجب. ونقول بلغة هذه الايام انه ليس السؤال القصف أو القنبلة الذرية بل القصف الضعيف الرمزي الذي يستحق ويستدعي تطوير قنبلة ذرية محققة.             ان مجالي الخارجية والامن لا يُتيحان لنتنياهو العظمة والبقاء. ومجالات الداخلية مفتوحة أمامه للثورات والاصلاحات، فعنده ائتلاف ضخم متحكم فيه وهو يعرف المادة وهو يعرف بالضبط ما الذي يريده المجتمع والاقتصاد، لكنه يخاف. وهو لم يستوعب بعد انه حان الوقت للعمل من اجل الدولة لا من اجل البقاء فقط، وأنه ليس هناك ما يخافه سوى الخوف نفسه.