يُدرك القائد العام للشرطة يوحنان دنينو جيدا انه لم يكن يجوز ان ينتهي اعتقال زعيمة الاحتجاج الاجتماعي دافني ليف الى كسر يدها. كان يمكن تحقيق اعتقالها بحذر أشد أو استدعاؤها الى مركز الشرطة القريب. لكنه على يقين من ان جوهر الاختلاف ليس في هذه الواقعة. استقر رأي المتظاهرين على الفحص عن حدود عمل الشرطة بتصريحات سبقت بأنهم لن يطلبوا هذه السنة تصريحا للتجمع والخطب، وان ذوي الملابس الزرقاء على يقين من أنه ينبغي اعادتهم الى حدود سلطة القانون، وبخاصة ان الشرطة كشفت في العام الماضي عن ضبط نفس وكف جماح ملحوظ في مواجهة مظاهرات الجماهير. ان وضع رئيس بلدية تل ابيب رون حولدائي مشابه، فهو لا يسمح للمتظاهرين بأن يوجدوا مرة اخرى في جادة روتشيلد. وليس سكان المنطقة هم الذين يجب عليهم وحدهم تحمل العبء. وقد عرض حقل أعشاب واسعا مقابل محطة قطار المركز. ويُفضل ان يتوصلوا الى اتفاق قُبيل شهري الصيف الحارين اللذين اقتربا، لكن اذا كان الحديث عن حسم طرف واحد يفرض ارادته على الثاني فيُفضل ان تكون يد حولدائي هي العليا. فهو انتخب ويتحمل لذلك المسؤولية عن الحياة اليومية السوية في فترة المظاهرات ايضا. تحدث دنينو أمس عن تحرش من قبل المحتجين الذين يريدون تنبيه الجمهور من غفوته، وكذلك فعل حولدائي. وقد واجه أول أمس معضلة لأنه علم ان المتظاهرين ينوون تفجير جلسة مجلس بلدية تل ابيب. فاذا منعهم من دخول القاعة فسيتم اتهامه بأنه "مستبد" وبأنه "مُخرب للديمقراطية". فسمح بدخولهم بالفعل ووقعوا في شركهم هم أنفسهم. ولهذا فان مظاهرة الغضب الغريبة شيئا ما عليه التي بدأت قرب مبنى المجلس البلدي في الساعة 17:00 كانت قليلة المشاركين. وفي الساعة 19:05 بقي منها لافتة من الورق المقوى مهجورة وضعت عند قدمي الحارس. أهلا وسهلا بالمتظاهرين، لكن من يهاجم شرطيا أو يطرح القمامة في الشارع ويحطم احيانا زجاج المصالح والبنوك يجب ان يُقابل بقبضة قوية لسلطة القانون. وترمي محاولة الصراخ بأن الشرطة عنيفة – وهذا احيانا زعم صحيح لكنه ليس آليا – الى تحذيرها من أداء عملها في الجولة التالية. سيُحسن الوزير اسحق اهارونوفيتش ودنينو الصنع اذا أرشدا رجال الشرطة الى التصرف في اتزان وضبط للنفس، لكن ينبغي أن يؤكدا ان أكبر فشل من الناحية العامة هو سيطرة الهرج والمرج على الميدان. سيبدأ موسم الاحتجاج بعد بضعة ايام مع انتهاء السنة الدراسية. وقد مرت سنة وحان وقت محاسبة النفس. ولّد احتجاج 2011 اللجنة التي يرأسها البروفيسور عمانوئيل تريختنبرغ وعجلّت قانون مضاءلة التركيزية في الاقتصاد، وجعلت الجمهور يعي مظالم قانون طال الذي يُفحص عنه الآن تمهيدا لتغيير اجراءات تجنيد الحريديين، وحسّنت رفاهة الجمهور في مجال التربية المجانية للاطفال وتعزيز الدراسة العليا وتشجيع البناء العام الرخيص. اذا كان الجمهور يشعر بأن الامور تجري في الاتجاه الصحيح وبقدر معقول فلا سبب يدعوه لأن يقضي الصيف في خيام حارة تُنصب حيث نُصبت في تل ابيب؛ واذا لم يكن الامر كذلك فان الجماهير في محطة القطار في شارع اورلوزوروف يؤثرون في الحكومة والبلدية بقدر لا يقل عن تأثيرهم في مركز المدينة في ميدان "هبيمه".