في امتحان النتيجة المباشرة لم يحدث شيء في اللقاءات الثلاثة الاخيرة في التفاوض بين الدول الخمس بزيادة المانيا مع ايران في الشأن الذري والتي تمت في الاشهر الاخيرة في اسطنبول وبغداد وموسكو. ويبدو ان ايران تتابع بنجاح حيل التسويف المعروفة جيدا منذ نحو من عقد في حين يتابع المجتمع الدولي التمسك بنهج ساذج الى درجة اظهار العجز في مواجهة احراز ايران المستمر للقدرة الذرية. ومع كل ذلك حدثت عدة امور مهمة في الاشهر الاخيرة، وقد تكون لها قيمة كامنة لاحراز انجازات حقيقية في التفاوض المستمر. فأولا ان الحراك الظاهر اليوم هو نوع من تكاسر الأيدي، أي انه وضع فيه خصمان كل واحد منهما مصمم على موقفه يواجه الواحد الآخر ويحاول كل منهما ان يثني يد الآخر، وهذه صورة جديدة تختلف عما كان في الماضي حينما كان تصميم المجتمع الدولي مشكوكا فيه. وقد تمتعت ايران آنذاك بتفوق واضح على الغرب بسبب موقفها الموحد والمصمم؛ ولم تُظهر الدول التي قامت مقابلها موقفا مكتلا موحدا ولم تكن مستعدة لاتخاذ عقوبات اقتصادية شديدة وذلك بسبب تأثيراتها السلبية في اقتصادها. حدث تحول منذ مستهل 2012. فالقرارات على فرض حظر تجاري على النفط الايراني وتبني عقوبات "مُشلة" على البنك المركزي في ايران شديدة الأهمية وأصبحت تُحدث معاناة ملحوظة في ايران بل اضرارا بالنظام. وقد اتُخذت القرارات على العقوبات خارج اطار مجلس الامن لكن نشأت في المحادثات بين الاعضاء الخمس الدائمات في مجلس الامن، والمانيا جبهة موحدة، فقد رفضت الدول الغربية الحاح الايرانيين على تخفيف العقوبات. وطلبت الدول المذكورة من ايران خطوات محددة في الشأن الذري، وبرغم انه ما يزال من الصعب الحديث عن اجماع حقيقي بين الاعضاء الخمس الدائمات والمانيا، حدث تحسن في هذا الشأن فلم يُبلغ عن وجود اختلاف بين الست في خلال المباحثات – وتعلمون ان الاختلافات أضعفت في الماضي مجموعة الدول في التفاوض مع تعزيز موقف ايران المساوم. ونقول بالمناسبة ان ميل كثيرين في اسرائيل الى ان يعزوا التصميم الجديد في مواجهة ايران الى الضغط الاسرائيلي والرغبة في منع هجوم اسرائيلي مبالغ فيه شيئا ما. فللتصميم الدولي حراك ذاتي ويمكن ان نلاحظ في منظار تاريخي في السنين الاخيرة ان التصميم الامريكي زاد كلما تابعت ايران طريقها ورفضت ان تفاوض بجدية. كان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تشرين الثاني 2011 شديدا جلب ارتفاعا فوريا تقريبا لشدة العقوبات الامريكية والاوروبية دونما صلة بتهديدات اسرائيل. يضاف الى ذلك انه برغم الاشتغال الوسواسي بسؤال "هل تهاجم اسرائيل أم لا؟" – يحسن ان ننتبه ايضا الى مستوى التحادث والتنسيق بين اسرائيل والولايات المتحدة، وفي ذلك رسالة الى ايران تقول ان اسرائيل والولايات المتحدة قريبتان جدا في مواقفهما. وقد لا يكون في هذا تجديد بالنسبة لايران التي تقرن اسرائيل الى الولايات المتحدة على كل حال، لكن حينما يتسع التنسيق ليشمل روسيا ايضا يصبح ذلك مفهوما من تلقاء نفسه بقدر أقل، ومن المؤكد انه يصبح أقل راحة بالنسبة لايران. من المؤكد ان زيارة رئيس روسيا فلاديمير بوتين لاسرائيل تثير اسئلة اخرى صائبة في ايران. يجب ألا نُبلبل – فايران لم تغير بعد اتجاهها في السياق الذري لكن سيكون من الخطأ ان نقول جازمين ان العقوبات لا تنجح لأنه لم يأت بعد التغيير المأمول. ان تشديد العقوبات قاد ايران الى مائدة التفاوض بصورة تختلف عما كان في الماضي. ويحاول الطرفان في الحراك الذي نشأ التمسك بموقف الى ان ينكسر الآخر أو يتخلى. وينبغي الاستمرار في الضغط بل زيادته ولا يجوز ان يضعف المجتمع الدولي أولا. رئيسة مشروع الرقابة على السلاح في معهد ابحاث الامن القومي