خبر : المواطن المخلص هو المواطن المهدَّد بقلم: تسفي برئيل هآرتس 20/6/2012

الأربعاء 20 يونيو 2012 04:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
المواطن المخلص هو المواطن المهدَّد  بقلم: تسفي برئيل  هآرتس  20/6/2012



الصورة أشد سوادا من السواد. فهناك صواريخ غراد على العربة وعلى متسبيه رمون. وتتمزق سيناء من السلاح والذخيرة الموجهين الى اسرائيل. وخلايا القاعدة وحماس والجهاد الاسلامي وغيرها كثير تتجول حرة على طول الحدود مع اسرائيل، واتفاق السلام مع مصر على شفا الهاوية ولا عنوان في القاهرة. وفضلا عن أنه لا يوجد عنوان فان الاخوان المسلمين الذين هم رعب الغرب يحكمون أكبر دولة عربية في الشرق الاوسط.             ان تآلف هذه التهديدات التي اعتيد ان يُضم اليها ايضا حزب الله في الشمال وسوريا المنتقضة في الشمال الشرقي وكرسي ملك الاردن غير المستقر، متوج كما ينبغي بتقارير تجعل شعر الرأس يقف عن عشرات الصواريخ الموجهة على قلب اسرائيل. وكل ذلك من غير ان نُهين بالطبع التهديد الرئيس وهو ايران. لو كان الناس طبيعيين لهربوا من الدولة بادي الرأي. وكانت الادارة لو أنها كانت ذات مسؤولية ستنشر تحذيرا للمواطنين تدعوهم الى المغادرة فورا كما يُحذرون من السفر الى سيناء بالضبط.             ولا يحدث هذا لأن الحياة تحت التهديد هي روح دولة اسرائيل التي تبنت شعار "دولة صغيرة محاطة بالأعداء" على أنه عنصر ضروري في امتحان الانتماء اليها. والمواطن الحق المخلص هو المواطن المهدَّد وإن لم يكن على ثقة دائما بأن تنجح الدولة في تخليصه من التهديد، وحتى حينما تُبسط اخفاقات قادته الكبار أمام عينيه بكامل عورتها، فهو يعلم على الأقل ان لا أحد يستطيع ان يأخذ منه الرباط الذي يربطه بأخيه. فالجميع مهدَّدون مرة من عدو في الخارج ومرة من حكومتهم.             ليس القصد لا سمح الله الى ان نشير انه لا توجد تهديدات حقيقية. لكن ليست هناك أية ضرورة للربط بينها جميعا في رزمة محكمة واحدة من اجل تعظيمها فقط مثل "تهديد" الاخوان المسلمين الذي يُقرن بما يجري في سيناء في حين تقوم ايران فوقهما.             كانت سيناء ارضا غير متحكم بها حتى في مدة ولاية حسني مبارك. فالعمليات في طابا وفي شرم الشيخ، وانتقال السلاح الى قطاع غزة ورسوخ قواعد خلايا القاعدة في جبل هلال – كل ذلك تم حينما كان يوجد "عنوان" في القاهرة. وكان الاخوان المسلمون خاصة هم الذين أدركوا ان سيناء هي مركز تهديد لا لاسرائيل وحدها بل لهم ايضا، فسارع ممثلوهم الى زيارة القبائل البدوية قبل انتخابات مجلس الشعب والرئاسة ليعدوها بحياة أفضل من تلك التي منحتهم إياها سلطة مبارك. وكانت النتيجة ان حصل محمد مرسي، مرشح الاخوان للرئاسة، في شمال سيناء على أصوات أكثر من خصمه احمد شفيق. ولا يوجد في الحقيقة أي يقين من ان ينجح الاخوان حيث فشلت سلطة مبارك، لكن ستكون حماقة ان نفترض سلفا ان للاخوان مصلحة في تسخين جبهة سيناء.             ليست ايران التي ضُمت الى رزمة التهديد الاسلامي حليفة للاخوان المسلمين، فحسبُنا ان نسمع ما قاله قادتهم عن الشيعة والانتقاد الشديد لتأييد ايران لنظام بشار الاسد الذي ذبح عشرات الآلاف من الاخوان المسلمين في مدينة حماة في سنة 1982، والاختلاف المعلن بين الاخوان في سوريا وفي مصر وبين حزب الله كي نعرف العداوة بين هذين المركزين. "ان من يطلب الحرية والمقاومة يقف الآن الى جانب الطاغية"، بهذا اتهم رياض الشقفة، زعيم الاخوان المسلمين في سوريا، حسن نصر الله. وسارعت قيادة الاخوان في مصر الى دحض كلام القيادة الايرانية بشدة والتي زعمت ان الثورة في مصر هي ثورة دينية كالنموذج الايراني.             كل ذلك لا يجعل الاخوان المسلمين اعضاءا في الاتحاد الصهيوني العالمي، فقد كانوا وسيبقون عدوا سياسيا وعقائديا. لكن هناك فرق ضخم بين العداوة والتهديد العنيف، هذا الى انه لا يمكن ان نجد منذ بدأت الثورة تصريحات معلنة لكبار الحركة تتحدث عن حرب على اسرائيل أو تحلل من اتفاقات السلام بل بالعكس.             تشهد نتائج جولتي انتخابات الرئاسة على ان مصر مقسمة بين مؤيدي الاخوان ومعارضيهم. وقوتهم الحقيقية باعتبارهم حركة عقائدية أصغر كما يبدو مما تُبين النتائج لأن فريقا من الناخبين صوتوا لهم احتجاجا على شفيق الذي كان يُرى ممثلا للنظام القديم. وما تزال قيادة الجيش لم تقل كلمتها الأخيرة، لكن ماذا يهمنا ان نسبق ونُخوف، ونتبنى تهديدا؟.