مرت اسابيع معدودة فقط منذ أُنشيء الائتلاف الضخم بين الليكود وكديما وليبرمان والحريديين. واحتار أفضل المحللين في تحليله وتقدير احتمالات ان يعمل ويفضي الى تغييرات. وشك كثيرون في قدرة هذا الجسم غير المهندم وغير المتجانس على تأدية عمله والافضاء الى تدابير. ويتبين أننا كنا مخطئين، فالائتلاف يؤدي عمله وهو لا يوحي بالشلل بل بزيادة النشاط خاصة، فمن الحقائق أنه غير في اسابيع معدودة وجه دولة اسرائيل حتى انه لم يعد يُعرف. ان دولة يتم تصيد فيها لاجئون من جنوب السودان بعملية منهجية ويُساقون الى الطرد هي دولة جديدة لم نعرفها. ان دولة يُعبر فيها مفتش من وحدة عوز المسؤولة عن "تنفيذ القانون" عن حساسية للكشف عن أم وطفلة تختبئان خائفتين وراء جدار، هي دولة لم نعرفها. وان دولة يهتف فيها السابلة في ابتهاج لحملة صيد ناجحة اخرى للسودانيين هي دولة لم نشأ ان نعرفها. للدولة الجديدة لغة جديدة. فالطرد ليس طردا بل اعادة الأبناء الى البيوت. وهكذا يتم تحويل الشعارات المعروفة في سخرية لم يسبق لها مثيل وتمتليء قلوبنا بالفخر. قولوا منذ الآن ان مراقبي وحدة عوز هم في الحقيقة ناس من الصاعقة شجعان أُرسلوا الى وراء خطوط العدو للتعرف على اماكن الأسرى واعادتهم الى البيوت. أما السودانيون الخائفون فهم في الحقيقة من أشباه جلعاد شليط المتنكرين الذين لا يرغبون إلا في الهرب من الأسر والعودة الى وطنهم حيث يحظون بكرامة لا تنتهي بعد نهاية أسرهم الطويل. فاخرجوا وانظروا، ان رئيس حكومتنا لم يُعِد جلعاد شليط فقط الى بيته بل يُعيد مئات وآلافا. تشتمل اللغة الجديدة على كلمات بهيجة اخرى. فمنشأة سجن الاجانب في قلب الصحراء تُسمى "محابس". وتبتهج أعيننا إذ نسمع الكلمة ونتخيل قمرا بدرا شاعريا أو مائدة مع الكرواسو. ان صورة الطرد "انسانية ويهودية" كما قال نتنياهو ليدلك على ان الاجانب يتم تمييزهم هنا الى أفضل. هناك صلة خفية لم يُكشف عنها الى الآن بين انضمام كديما الى الائتلاف وبين الدولة واللغة الجديدتين اللتين نشأتا أمام أعيننا المتطلعة. وكاد يُقضى على المعارضة البرلمانية في ليلة سريعة واحدة. ان رئيس لجنة رقابة الدولة من قبل المعارضة هو اوري اريئيل من اليمين المتطرف. وفي عدم وجود معارضة يعمل الائتلاف الذي فيه 94 نائبا بصورة ساحقة لا كوابح لها. وقد جعلت الحيلة الليلية العفنة في الثامن من أيار 2012 اسرائيل كيانا على حد الدكتاتورية. وأفرطت مطاردة الآخر والمختلف ولم تعد محصورة في طرد السودانيين. تطارد الشرطة في المدة الاخيرة على الدوام نشطاء الاحتجاج الاجتماعي، وتلقى بعضهم دعوة الى التحقيق لا عن مخالفات جنائية ارتكبوها بل مخالفات افتراضية ربما ينوون ارتكابها. وأُجريت في بيوتهم اعمال تفتيش بغير أمر تفتيش، ويتم التحقيق معهم في خططهم باجراء يُشك في ان يكون قانونيا وكأنهم رؤساء منظمات جريمة. ان كديما الذي ادعى انه سيقود احتجاج الصيف وافق بانضمامه الى الائتلاف على قمع عنيف لهذا الاحتجاج. هناك اسم للوقود الذي يحرك ائتلاف نتنياهو وموفاز يسمونه الكراهية. ان كراهية الغير موجهة على الافارقة والفلسطينيين واليساريين ونشطاء الاحتجاج الاجتماعي والمثليين (الذين ينتحرون في سن الاربعين كما قالت انستاسيا ميخائيلي). والكراهية أداة تحكم ناجعة لا مثيل لها. وتُحسن الحكومة استغلالها بحيث لا توجه عليها وعلى المسؤولين الحقيقيين عن أزماتنا. فالاجنبي والمختلف مذنب في كل شيء وهو كبش الفداء، والسياسة هي طرد الأشباح. وتبين لنتنياهو فجأة الذي كان يصعب عليه ان يحكم وان يعمل، مقولة: الكراهية هي كل ما تحتاج اليه.