خبر : من ليس عقلانيا / بقلم: عوفر شيلح / معاريف 29/4/2012

الأحد 29 أبريل 2012 11:49 ص / بتوقيت القدس +2GMT
من ليس عقلانيا / بقلم: عوفر شيلح / معاريف  29/4/2012



  قبل الغوص في الغابة الشخصية يجدر القول بضع كلمات عن مضمون أقوال يوفال ديسكين لانه هام. بقوة عقلية عديدة السنوات، وبموجبها لا يوجد أي رد على تهديد العدو باستثناء استخدام القوة العسكرية لدينا، فان الكثير من الاسرائيليين مقتنعون بأن المعادلة هي إما عملية من جانبنا أو تسليم بوجود قنبلة ايرانية. من يدعي بان عملية عسكرية تضر فقط بالجهود لمنع القنبلة، متهم في أنه عمليا بات يوافق على أن يكون للايرانيين قنبلة في اليد. وعندما يقول ايهود باراك ان الايرانيين يقتربون من حافة الحصانة، المرحلة التي لا يعود فيها بوسع اسرائيل ان تهاجم منشآتهم النووية – مع أن الموقع المحصن في قُم سيصل حتى في حجمه الاقصى الى حجم ليس فيه ما يكفي لانتاج قنبلة – فانه يضع قدرتنا على العمل في رأس سلم الاولويات. باراك ينطلق من ذات الفرضية، في أنه ما نضربه بالقوة – سيكف عن الوجود. هذه فرضية يشكك فيها الرئيس اوباما، القيادة الامنية للولايات المتحدة والقيادة العملياتية لاسرائيل. هذا ما يقصده ديسكين عندما يتحدث عن "المسيحانية".             وانطلاقا من ذات العقلية يعنون عندنا فقط بالقدرات، وذلك لان الفرضية هي أن نية العدو هي دوما شمولية: إبادتنا بكل ثمن. مرة كل حين يقدر محفل استخباري كم هم قريبون الايرانيون من شفا القدرة، بعدها يحتاجون فقط الى أن يقرروا وعندها سينتجون قنبلة في غضون أشهر أو سنة. ولما كان ليس ثمة أي ثقة بنجاعة الضغط الاقتصادي والسياسي، ولما كانت الفرضية العقلية، والتي ليس لها أي تأكيد استخباري، هي أن خمينئي ومرؤوسيه قرروا منذ الان الوصول الى القنبلة، تنشأ معادلة في نظر قادة الاذرع – مئير دغان، ديسكين، اشكنازي (الذي لم يتحدث علنا، ولكن مقربيه يلمحون ويلمحون) – هي معادلة غير عقلانية. تلك النظرة الى العالم، وإن كان بالطبع في صيغة اخرى تماما استخدمت مقابلات العيد مع رئيس الاركان الحالي بيني غانتس، الذي وصف سلوك زعماء ايران بالعقلاني.             لقد عرض دغان قبل أكثر من سنة نظرية مختلفة تماما، بموجبها في هذه المرحلة – ولم يغير أي شيء حصل منذئذ رأيه – فان هجوما اسرائيليا لن يؤدي الا الى تقريب الايرانيين من القنبلة وليس العكس. هو، والان ديسكين ايضا، لا يقولان انه يمكن التعايش مع قنبلة ذرية في ايادي آيات الله؛ هما يفكران أن عملية مسبقة وسريعة من جانبنا ستكلفنا كامل الضرر، ولن تفعل شيئا سوى التأكيد النهائي للقرار الايراني في الوصول الى قدرة نووية عملياتية.             أقوال ديسكين ودغان تتناول أمورا حصلت في غرف المداولات في خريف 2010. القليل المعروف عن هذه المداولات لا يمكن تفصيلها، غير أنه ليس هما فقط، بل وشخصيات سياسية ايضا، خرجوا من الجولة اياها من المداولات عن ايران قلقين جدا. وبتصريحاتهما العلنية يسعيان الى الايضاح كم هو مقلق ما رأته عيونهما بالنسبة للقرارات المستقبلية، وليس أقل من ذلك رسم خط أخلاقي – مهني لخليفتيهما. في هذا الموضوع يجب القول ان ليس لرئيس المخابرات في الموضوع الايراني مسؤولية عملياتية او قدرة تقدير مستقلة ذات مغزى؛ لقد كان لديسكين حول الطاولة مكانة شخصية، اكتسبها بحكم سنوات ولايته الناجحة جدا في رئاسة الجهاز. من أنصت له في حينه باهتمام شديد، وبتقدير يمكنه الان أن يلطخه بالاوساخ، ولكن مشكوك فيه أن يعلق به شيء.             وهذا يجلبنا الى الجانب الشخصي. ديسكين خطط بوضوح لاقواله وعرف بانها ستنشر. تصويرها لم يكن سريا، واعداد الاقتباس لم يكن بالصدفة بالطبع. هو فقط عرف لماذا، باستثناء الحقيقة التي تناولها الكثير منا في الجولة السابقة من الجدالات عن ايران في الخريف الماضي: مع تحسن الطقس، الموضوع يعود الى العناوين الرئيسة. كثيرون ممن حاولوا في حينه أن يشرحوا سلوك باراك ونتنياهو اعتقدوا انهما فقط يعدان الارضية للجولة التالية، التي ستبدأ في نيسان. انظروا الى الرزنامة، نيسان حل.             ينبغي القول ان موقف "أمسكوني" الذي تتخذه اسرائيل حقق حتى الان غير القليل. وثمة أرجل للادعاء بان بدونه ما كانت الولايات المتحدة لتشدد العقوبات وما كانت لتصل الى شفا التهديد العلني بعملية عسكرية من جانبها. غير أن من جلس الى جانب نتنياهو وباراك في لحظات معينة ليسا مستعدين لان يقسما بانهما لم يجتازا حافة "أمسكوني" نحو دفع حقيقي الى العملية التي في نظر اولئك الاشخاص، اليوم ايضا، ستحقق القليل وتدمر الكثير، بما في ذلك الطريق الاكثر نجاعة لايقاف الايرانيين.             الاقوال في محيط نتنياهو عن "احباط ديسكين من أنه لم يعين رئيسا للموساد" شريرة على نحو خاص. ديسكين اراد الذهاب الى البيت في ختام ولايته. فكرة أن يكون رئيس الموساد كانت فكرة نتنياهو نفسه. ديسكين رفض في البداية وبعد ذلك بالتأكيد فكر في الموضوع بجدية، فقط كي يكتشف بان نتنياهو لم يقصد حقا، على طريقته ايضا في تعيينات اخرى. من تحدث مع ديسكن في ختام ولايته في المخابرات التقى شخصا شعر بانه أكمل مهمته في خدمة الدولة، وليس لديه أي مرارة أو إرادات لم تتحقق.             وبالنسبة لقضية جلعاد شليط: المخابرات وديسكين على رأسها تكبدا بالفعل فشلا ذريعا، الامر الذي ما هو معروف اليوم عن شروط حبس شليط يفاقمه فقط. ولكن من عمل خلافا لكل معتقداته ولاعتبارات التزلف للجمهور كان نتنياهو، وليس ديسكين. ذات الاشخاص يقولون ايضا ان دغان يتحدث كما يفعل في الموضوع الايراني لانه هو والموساد برئاسته تلقيا المسؤولية عن ايقاف النووي الايراني وفشلا. هذه الاقوال هي الاخرى مدحوضة ولهذا فانها لا تعلق.             وعليه فقد بقينا مع قيادة سياسية – امنية كل كبار المسؤولين الذين كانوا مرؤوسين لها يعربون عن عدم الثقة بها، مما دفعهم الى الخروج عن حجومهم والمخابرة بفقدان العطف الجماهيري الهائل الذي حصلوا عليه. وبقينا مع جدال في موضوع هام لا مثيل له، ليست القيادة وحدها بل والكثيرين بين الجمهور يتعاطون معه بموقف غير عقلاني. ما يقوله لنا ديسكين هو أن عدم العقلانية هذه مقلقة، ليس أقل من دوران أجهزة الطرد المركزي في نتناز.