القدس المحتلة / سما / نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية اليوم الاربعاء تقريراً من مراسلتها في القدس هارييت شيروود تقول فيه ان الوزير الاسرائيلي السابق يوسي بيلين ورئيس الوزراء الفلسطيني السابق احمد قريع يطعنان الآن في جدوى خطة الدولتين التي وضعاها ويقولان انه ينبغي التطلع الى ما بعد اتفاقات اوسلو. وهنا نص التقرير: "غيّر اثنان من مهندسي إعلان اوسلو، الذي كان الهدف منه أن يكون اساسا لحل الدولتين في الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي قبل ما يقارب 20 عاما، موقفيهما بشكل جذري في أعقاب الجمود طويل الامد بين الجانبين. وطالب يوسي بيلين، وهو وزير اسرائيلي سابق عمل في السر على الاتفاقية قبل الاحتفال بالتوقيع التاريخي في البيت الأبيض في ايلول (سبتمبر) 1993، الفلسطينيين بتفكيك السلطة الفلسطينية، التي أقيمت بموجب إعلان اوسلو، قائلا "إنها ورقة توت ومهزلة". وقال أحمد قريع، وهو رئيس وزراء فلسطيني سابق كان واحدا من المفاوضن الرئسيين في عملية اوسلو، إن حل الدولتين أصبح ميتا، وأن خيار الدولة الواحدة الديموقراطية لكل من الفلسطينيين والاسرائيليين يجب التفكير فيه حاليا. ويعكس كلا الرجلين وجهة نظر يتبناها كثير من المراقبين لعملية السلام المتوقفة، مع إنغلاق نافذة الفرصة لإقامة الدولة الفلسطينية، أو قرب إنغلاقها. والبدائل لحل الدولتين، كما قالا، هي استمرار وتعميق الوضع الراهن، أو حل الدولة لواحدة الذي يرفض منح المساواة لاقلية يتزايد عدد أفرادها بسرعة، أو حل دولة ثنائية القومية، رعاياها متساوون قد لا تظل لفترة طويلة يهودية الطابع. بيلين، الذي شغل مقعدا في البرلمان الاسرائيلي ممثلا لحزب العمل وحركة "ميريتس" اليسارية، كتب رسالة مفتوحة للرئيس الفلسطيني محمود عباس هذا الشهر، ألح فيها عليه أن يحل السلطة الفلسطينية. وقال إن إعلان اوسلو أصبح "وسيلة اتاحت للطرفين إحباط حل الدولتين"، مؤكدا ان "الاتفاقية التي كانت نصرا عظيما لمعسكري السلام في الجانبين"، تم إحباطها من جانب أعدائها الذين لا يريدون تعزيز حل دولتين لشعبين". وأضاف بيلين: "أشعر بنوع من المسؤولية. فقد ضغطتُ من أجل شيء ما عام 1992. لكن أوسلو كان المقصود بها أن تكون عملية انتقالية، أو ممرا لاتفاقية دائمة. والمتطرفون في الجانبين كانوا معادين جدا لها إلى ان أدركوا أن هذه الفكرة لن تكون ممرا في بيت بل غرفة معيشة - وأفضل غرفة معيشة ملائمة في العالم - لمواصلة بناء المستوطنات وعدم تقسيم الأرض. أنا اشعر بالمسؤولية عن تكريس وجود هذا الممر". واستطرد بيلين: "لم يفكر أحد أن السلطة الفلسطينية ستظل موجودة لمدة 20 عاما. كان يجب أن تنتهي. ولذلك وجدت نفسي في وضع غريب كنت أطلب فيه فعليا وضع نهاية لها. لكن الأمر المهم هو أنه، للمفارقة، فإن كل من لعنوا اتفاقية اوسلو يقدسونها الآن". وعلى الرغم من الضغط الذي مارسه باراك اوباما، فقد أدرج عباس تهديدا مبطنا بحل السلطة الفلسطينية في النسخة الأخيرة من الرسالة التي سلمت الأسبوع الماضي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو. وإذا لم يحدث اختراق في مفاوضات السلام، وفقا للرسالة، فإن الفلسطينيين "سيسعون إلى تنفيذ كامل للقانون الدولي لانه يتضمن الحقوق والمسؤوليات المنوطة باسرائيل، باعتبارها قوة احتلال لجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة". وبكلمات أخرى، ووفقا لبيلين، فهم قد "ينهون المهزلة"، ويحرمون نتنياهو من "ورقة التوت" التي تغطي الاحتلال. وقال بيلين: "إنه تهديد غير مباشر، لكنه واضح جدا". وعلى الرغم من خيبة أمل بيلين بخصوص النتائج البعيدة المدى لأوسلو، فقد أصر على أن حل الدولتين "يعاني المتاعب، لكنه ليس ميتا". والوصول لحل الدولة الواحدة "ليس خيارا لأنه يعني أقلية يهودية تسيطر على غالبية فلسطينية بعد سنوات قليلة، وهذا ليس شيئا يقبله الاسرائيليون والفلسطينيون على حد سواء. وإلا فهل من الممكن إقامة دولة واحدة يكون رئيسها أو رئيس وزرائها فلسطينيا؟ كلا، الاسرائيليون لن يقبلوا ذلك". في المقابل، فقد قال قريع إن حل الدولتين قتلته سياسة الاستيطان الاسرائيلية الذي يتوسع في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأنه يجب التفكير في حلول أحدها هو حل الدولة الواحدة، على الرغم من المشاكل التي لا نهاية لها والكامنة فيه". وفي مقال نشرته وسائل الإعلام الفلسطينية كتب قريع: "علينا ان نفكر جديا في إغلاق صفحات كتاب حل الدولتين وأن نفتح صفحة جديدة". فحل الدولة الواحدة يسمح للفلسطينيين بتوسيع هامش المناورة، ومواصلة حملتهم الدبلوماسية لاستعادة حقوقهم الأساسية في الحرية والاستقلال والكرامة الإنسانية التي حرموا منها". وقد تبنى فلسطينيون بارزون آخرون فكرة حل الدولة الواحدة. ويطالب سري نسيبة، رئيس جامعة القدس المناصر السابق لحل الدولتين، الآن باتحاد فيدرالي فلسطيني - اسرائيلي بين نهر الاردن والبحر المتوسط، وليس الانفصال الكامل. وهناك تأييد، وإن يكن محدوداً، لفكرة الدولة الواحدة في اوساط كل من الفلسطينيين والاسرائيليين، ومن اليمين واليسار. ويحبذ بعض الاسرائيليين اليمينيين المؤيدين للاستيطان ضم الضفة الغربية وارغام الفلسطينيين الذين يبقون هناك على العيش تحت الحكم الاسرائيلي. ويرى بعض اليساريين دولة تكون فيها غالبية فلسطينية في النهاية متمتعة بحقوق متساوية على اساس ان ذلك هو الفرصة الوحيدة لتقرير المصير حتى لو كان ذلك على حساب وطن يهودي. ويقول يوسي بيلين ان هناك سيناريو اخر محتملا تنسحب بموجبه حكومة يمينية اسرائيلية من الضفة الغربية الى الجدار الفاصل في خطوة يمكن مقارنتها بالانسحاب من غزة في 2005. ويوضح: "ليست هذه فكرة غير واقعية بالمرة، لكنها لن تحدث غدا. الفلسطينيون لن يقبلوا بها كخطة سلام ولكنهم سيقبلون اي شيء يعطى لهم. اذا قالت اسرائيل هذا لكم، فماذا سيقولون؟". ويمكن ان يؤذن بحدوث ذلك بلوغ النقطة التي يتفوق فيها السكان الفلسطينيون في اسرائيل وفي الاراضي الفلسطينية عدديا على السكان اليهود. ويقول بيلين: "سيقول العالم كله ان هناك اقلية من اليهود يتحكمون بغالبية من الفلسطينيين، وسيبرز مثال جنوب افريقيا مرة اخرى. وتحت مثل هذا الضغط الدولي قد يتخذ شخص مثل نتنياهو هذا القرار. ومثل ما حدث في حالة الانسحاب من غزة، لن يحب العالم القرار لكنهم سيقولون انه افضل من الوضع السابق. وهذا ما سيكون عليه رد فعل شخص مثلي. لن احب الوضع، ولكني سأقول ان اسرائيل خرجت على الاقل من 92 في المئة الضفة الغربية".