في آب 1973 جئت الى اسرائيل مع عائلتي لأمكث ستة اشهر. كان والداي استاذي جامعة في سنة عطلة واشتاقا الى تجريب الحياة في اسرائيل. استأجرنا شقة في كريات موشيه في القدس وغرقنا سريعا جدا في حياة عادية عائلية في هذا المكان. لكن تغير كل شيء في يوم الغفران. ففي ذلك اليوم المقدس مزق الصفير الهدوء وأُلقيت اسرائيل في خضم حرب عن وجودها. فاستقر رأي والداي على البقاء والاسهام قدر استطاعتهما متطوعين في مخبز ومزرعة يحلان محل العمال الثابتين الذين جُندوا للخدمة الاحتياطية. ولُذنا بالملاجيء واطفأنا اضواء الشقة وحاولنا ان نفهم ما يحدث حولنا. كان شيء واحد واضحا حتى لولد صغير مثلي هو ان جميع الرجال الشباب في حيينا قد اختفوا. ذهبوا الى الجبهة. وكانت كل عائلة اسرائيلية عرفناها قلقة على الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن. فقد اتصلت حرب يوم الغفران بكل عائلة في اسرائيل. وقُتل في تلك الحرب أكثر من 2.500 جندي اسرائيلي وهم يحاربون عن انقاذ وطنهم، وكل موت كهذا حطم عائلة. في خلال سني وجود اسرائيل الـ 64 شارك آلاف الاسرائيليين الآخرين في الحروب وبذلوا مهجاتهم لحماية الدولة. وسقط كثيرون آخرون ضحايا هجمات الارهاب – قتلى في معركة عن الجبهة الداخلية في وقت الوفاء بمهامهم في محاولة اقامة صورة حياة عادية. تعرف امريكا ألم اسرائيل. فقد حارب أجيال من الامريكيين ايضا وبذلوا مهجاتهم في الحرب لحماية بلدنا ومحاولة وقف انتشار الطغيان. وفي السنين الاخيرة واجه الامريكيون الواقع المر الذي يجربه الاسرائيليون منذ نشأت دولة اسرائيل، فقد قتل آلاف من المدنيين والأبرياء الذين خرجوا للعمل في الهجوم الارهابي في الحادي عشر من ايلول في سنة 2001 على يد عدو كان يطمح الى تدمير الولايات المتحدة وصورة حياتنا؛ وفي حرب نشبت في افغانستان إثر الحادثة لمحاولة اجتثاث اولئك الذين هاجمونا فقُتل أكثر من 1900 امريكي؛ وفي الفترة نفسها فقدنا أكثر من 4.400 جندي في العراق. وفي حين أخذت مقابرنا العسكرية تزداد امتلاءا أصبحت عائلات تزداد من الامريكيين تشعر بألم فقدان الأعزاء عليها، من الناس المحبوبين الذين ضحوا أعظم تضحية من اجل بلدنا. وقد صار لمراسم يوم ذكرانا معنى جديد مؤلم. ان الشعور بالفقدان والألم مشترك بين الولايات المتحدة واسرائيل، وكذلك ايضا الالتزام بقيم الحرية والديمقراطية. وحماية هذه القيم وحماية مواطنينا يجبيان ثمنا فظيعا، لكن الواقع يقتضيه. وهو يعني بالنسبة لاسرائيل الحرب عن مجرد وجودها. والألم لاذع بصورة خاصة لأن الذين يدفعون الثمن على نحو عام هم الشباب. والرجال والنساء الذين كان ينتظرهم مستقبل زاهر وكانوا يستطيعون انشاء عائلات واظهار انجازات فأصبحوا الآن يرقدون في هدوء. نتشارك ايضا في الشعور بالرضى في العلم المر – الحلو بأنه برغم ألم الفقدان نجحت أمتانا والقيم التي تؤيدانها في البقاء وبأن العلاقات بيننا أخذت تقوى، وقد انشأنا على مر السنين شراكة قوية بين جيشينا، فالجنود الامريكيون والاسرائيليون يتدربون معا ويتعلم بعضهم من بعض أنجع التكتيكات، ويطور قادة جيشنا استراتيجيات مشتركة للرد بأحسن صورة على التحديات الامنية الصعبة المتغيرة. ونحن نعمل معا لنستعمل في ميدان القتال أكثر التقنيات تقدما ومنها المدرعات والسيارات الحربية ومنظومات الدفاع المضادة للصواريخ. وكل ذلك كي نُمكّن جنودنا الشجعان من حماية الدولتين والحفاظ على مواطنينا مع مضاءلة خطر ان يضطروا الى دفع حياتهم ثمنا عن ذلك. ومع ذلك نعلم ان الفقدان سيكون، فهذا هو ثمن الحرية. يُعلمنا "التلمود" ان قيمة النفس الواحدة تساوي قيمة العالم كله. وتشعر كل عائلة فقدت عزيزا عليها وكأنها فقدت العالم كله. ان احدى المهام الأهم هي فريضة يوم الذكرى كما في كل ايام السنة، وهي تعزية ذوي الحداد. ان الحلفاء يعاضد بعضهم بعضا في النوائب واحتفالات النصر وفي ايام الحداد. واسرائيل اليوم تُجل وتتذكر ضحاياها الأبطال وضحايا الارهاب، وامريكا تذكرهم.