هاكم قصة اخرى عن ضربة بندقية، ولكنها انتهت بشكل مختلف. دون كاميرا مستقلة توثق، دون ضاربين وشهود عيان اوروبيين. هنا ما كانت حاجة لقائد القيادة الوسطى الذي يشعر بالصدمة وبرئيس الاركان الذي يقرر تنحية الضابط. كان يكفي الشرطة العسكرية والنائب العسكري العام ليقررا بانه "استخدمت قوة متوازنة". القوة المتوازنة تسببت للمضروب في رأسه بضرر عقلي لا صلاح له. ولكن هيا لا نستبق الاحداث. المكان: حاجز حوارة، حين كان لا يزال مأهولا بالجنود كل الوقت. عنق الزجاجة في نابلس، والذي يبطىء ويقيد الخروج منها. الزمن: يوم الثلاثاء 20 كانون الثاني 2009. هجوم الرصاص المصبوب كان انتهى لتوه. الوحدة العسكرية: غير معروفة. الجندي الضارب: اسمه اسحق على ما يبدو. طويل (على ما يبدو 1.80)، أبيض البشرة. رئيس الاركان: غابي اشكنازي. قائد المنطقة الوسطى: غادي شماني. ضابط الشرطة العسكرية في الفترة اياها: مئير اوحنا. نائبان عامان عسكريان في تلك الفترة: آفيحاي مندلبليت وداني عفرون. الساعة: حوالي الثانية بعد الظهر، عندما يبدأ بالحاجز بالاكتظاظ والحشر على نحو خاص. سبب وجود الحاجز: زيارة لدى الاخوان اللواتي يسكن في القرية جنوبي الحاجز. العائلة: عواد من كفر سالم، شرقي نابلس. الاخوة: نعيم (36)، محمود (29)، فوزي (25)، أنور (22). أنور: "كل واحد منا جاء من مكان آخر. قررنا اللقاء في الحاجز. محمود وأنا كنا في منتصف الحاجز ورأينا أخونا نعيم مكبل في الايدي من خلف الظهر، مصوم العينين وأربعة جنود يضربونه". نعيم، كما استعاد الحدث على مسمعنا في 2 أيار 2010: "أنا كنت سائق سيارة عمومية، في الجانب الجنوبي من الحاجز. أخي فوزي بالضبط مر والجنود ادعوا بان هويته زائفة. الناس الذين جاءوا من الحاجز رووا لي بانه اعتقل ويوجد في الجورة (حفرة يلقي الجنود فيها بمن قرروا توقيفه)". التتمة: نعيم ذهب لرؤيته، جلب له ماء وسيجارة. وبينما كان ينتظر باقي اخوته علق نعيم في شقاق مع سائق سيارة عمومية اخرى وضربه. "الجندي تدخل واعتقله، روى. القى به في الجورة مع أخيه فوزي. بعد ذلك نقل نعيم الى زنزانة من الاسمنت (معدة لدرجة أخطر من الموقوفين). "الجندي سأل لماذا انفك عالٍ فأجبت بان هكذا خلقني الله. طلب أن أركع على ركبتي. رفضت وطلبت أن اتكلم مع الضابط. قال انه هو الضابط. قلت ليس صحيحا أنا أعرف الجميع. غادر وعاد مع اثنين آخرين طلبا أن أركع واخفض الرأس". نعيم هو نموذج من الناس لهم رأيه وهو عنيد، بلا ريب. بل ونزق. روى بان الجنود، ثلاثة في عددهم، قيدوه بقيد بلاستيكي (من خلف الظهر)، اخرجوه امام كل الناس في الحاجز وطلبوا أن يخفض رأيه ودفعوه. "الحاجز كان مكتظا. الكثير من الناس. بدأوا يضحكون على الجنود الذين لا يمكنهم ان يوقعوا شخصا مكبلا". تذكير: الجنود مسلحون. أما المارة في الحاجز – فلا. التتمة: الجنود أدخلوا نعيم مرة اخرى الى الزنزانة الاسمنتية. وبعدها أخرجوه مرة اخرى. أنور: "توجهنا الى الضابط الذي وقف هنا مع اربعة – خمسة جنود آخرين وسألنا لماذا اوقفوا نعيم. قال لنا إن إنصرفوا. حاولوا أن نشرح له بانه أخونا، ولكن عندها توجه جندي الى محمود من خلف الظهر، أمسك ببندقية أم 16 خاصته من البسطانة وضرب محمود على الرأس بكعب البندقية وكأنها عصا. محمود قام بنصف التفافة ووقع فاقدا للوعي. طلبنا من الجنود استدعاء سيارة اسعاف ولكنهم لم يفعلوا شيئا وتراجعوا الى الوراء خطوتين. أخي فوزي جاء اليّ (من الجورة) وأخذنا محمود في سيارة عمومية". نعيم: "فوزي تحرر في هذه الاثناء من الجورة بعد أن جاءوا وفحصوا واكتشفوا بان الهوية غير زائفة. وعندما وقع محمود فاقدا للوعي، نازفا، بدأ الناس يصرخون ويحتجون ويكتظون في محاولة للوصول اليه. الجنود هربوا. خافوا أن يكون مات". أنور: "كل هذا الوقت كان محمود ينزف بشكل شديد في السيارة العمومية. في نفس الوقت لم نعرف ما حصل مع نعيم". نعيم: "الناس أزالوا العصبة عن عيني. وأحد ما أخذني في السيارة كي ألحق باخوتي. بقيت مع القيد على يدي. فقط في شارع القدس قص لي سائق فورد ترانزيت القيد عن يدي". الناطق العسكري يقول لـ "هآرتس"، 5 أيار 2010: "نتائج التحقيق نقلت الى عناية النائب العسكري العام، والذي سيأخذ في أقرب وقت ممكن قرارا قانونيا في هذا الشأن". الرائدة دوريت توفيل، نائبة النائب العسكري للشؤون العملياتية قالت لـ "يوجد قانون" في 31 تموز 2011: "بعد فحص مادة التحقيق في تسعة ملفات التحقيق (التي طلبت المنظمة الاستيضاح لماذا اغلقت، ع. هـ) اتخذنا قرارا باغلاقها، في ظل غياب أدلة تبرر اتخاذ اجراءات قانونية". الناطق العسكري يقول لـ "هآرتس"، 17 نيسان 2012: "في أثناء الحدث موضع الحديث رشق المشتكي وأبناء عائلته الحجارة على قوة من الجيش الاسرائيلي وتقدموا نحوها بشكل جعل جنود الجيش الاسرائيلي يستخدمون القوة ضدهم. فحص نتائج التحقيق لدى الشرطة العسكرية والذي جرى في الموضوع أظهر بانه في ضوء الظروف، استخدمت قوة متوازنة، وفي ضوء ذلك اغلق هذا الملف". نتيجة فورية: محمود بقي في المستشفى على مدى بضعة ايام فاقدا للوعي، وعندما استيقظ تبين بانه نسي كيف يكتب ويتكلم (وقد أنهى التوجيهي). انور: هو مشلول في جانبه الايمن، اليد مشلولة، ليس لديه احساس في الجانب اليميني من وجهه، يتلعثم بشدة وينسى بين الحين والاخر الكلمات. قبل الاصابة كان يتحدث العبرية بطلاقة (عمل عشر سنوات في اسرائيل)، أما الان فهو لا يتذكر من العبرية غير بضع كلمات". الام ابتسام: "من كل الابناء كان هو الأكثر لطفا. والان هو عصبي كل الوقت. يضربنا. كل لمسة تؤلمه. وهو يحتاج الى العناية به كل الوقت". محمود: يقضم أظفاره. ينظر. يصمت. "هآرتس" استوضحت لدى الناطق العسكري اذا كان في 20 كانون الثاني 2009 قد بلّغ عن فلسطينيين رشقوا حجارة من مسافرة قصيرة على جنود في حاجز حوارة. التجربة تفيد بان الناطق العسكري لا يعرف كل يوم عن كل حادثة في الضفة. ولكنه بلّغ بالفعل في ذاك اليوم عن حجارة رشقها الفلسطينيون نحو سيارة في منطقة بيت لحم. مثير للاهتمام. بالذات الحدث الخطير فات عن علم الناطق العسكري.