بيروت / وكالات / أكدت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان ’شاهد’ أن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين والحالة العامة داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان تزداد سوءا. وأشارت المؤسسة في تقريرها السنوي الذي وزع في بيروت اليوم الثلاثاء، إلى أن أوضاع الإنسان الفلسطيني في لبنان تتضاعف سوءا على مختلف الصعد الصحية والتعليمية والسكنية والأمنية والسياسية عاما بعد عام. ولفت التقرير إلى أن حقوق الإنسان الفلسطيني في لبنان تتراجع نوعا وكما يوما بعد يوم، حيث بات لا يمر يوم على اللاجئين من دون تراجع في مستوى حقوق الإنسان. وجاء في التقرير أن الأوضاع السكنية للمخيمات لم تعالج، وليس في الأفق مبادرة دولية أو لبنانية لمعالجتها، لذا سيُسلّط التقرير السنوي لعام 2011، الضوء على المخيمات التي أصبحت عبارة عن كتل إسمنتية عشوائية، يعيش فيها عدد كبير جدا من السكان، وهي بهذا الوصف ’أرض خصبة لانتشار الأمراض أو الانهيارات المنزلية’، وهي أيضا ’بؤرة مركّزة للمشاكل الاجتماعية’. ولا يمكن الحديث عن الأزمة السكنية من دون الحديث عن أزمة مخيم نهر البارد، التي أصبح عمرها الآن خمس سنوات عجاف، حيث أن قطار إعمار المخيم يسير ببطء شديد، وهناك عقبات هائلة تحول دون المضي قدما فيه. كما تناول أيضا الأوضاع الصحية التي تزداد سوءا، وهي نتاج جملة من العوامل تطرق إليها التقرير، ولكن مجمل الظروف الصحية هي تراكمية، تظهر بوضوح عند أي حالة مرضية طارئة. ورغم أن ثمة تحسنا طفيفا في تقديمات الأونروا في هذا الخصوص إلا أن المشاكل الصحية التي يواجهها اللاجئون ما زالت كبيرة جدا. أما الظروف التعليمية فهي تتراكم منذ أكثر من عشرين عاما تقريبا، وهي تتراجع بشكل دراماتيكي، رغم بعض الجوانب الإيجابية في الأمر، وخصوصا في المرحلة الثانوية. وأن غياب المرجعية السياسية حتى الآن جعل المخيمات بلا سلطة ولا شرطة إلا من بعض المبادرات المجتمعية هنا وهناك، التي تحاول جاهدة الحفاظ على النسيج الاجتماعي للمخيمات، غياب هذه المرجعية السياسية ذات السلطة الحقيقية، فضلا عن الظروف الاقتصادية والقانونية، ترك المخيمات عائمة على مشاكل اجتماعية خطيرة، كما هو الحال في مخيم عين الحلوة مثلا. وورد في التقرير: في 15 أيار 2011 شهدت المنطقة الحدودية بين الجمهورية اللبنانية والأراضي الفلسطينية المحتلة عند نقطة مارون الراس اعتداء إسرائيليا خطيرا ضد المدنيين الفلسطينيين الذين تظاهروا في ذكرى النكبة بشكل سلمي للتعبير عن تمسكهم بحقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها عام 1948. وسقط 6 شهداء وعشرات الجرحى من المدنيين الفلسطينيين في ذلك اليوم. وقد أصدرت مؤسسة ’شاهد’ تقريرا مفصلا حول الموضوع، كما أرسلت بمذكرة إلى الأمم المتحدة. ومع أن الأمم المتحدة قد أصدرت في وقت لاحق تقريرا حول الموضوع أدانت فيه عملية قتل المدنيين الفلسطينيين، إلا أنه، وكما يقول التقرير، لم يتخذ أي إجراء قانوني ضد سلطات الاحتلال، كما لم يتم تعويض أسر الضحايا. ولم يكن تحرك الحكومة اللبنانية في المحافل الدولية حول هذه القضية بالمستوى المطلوب. وجاء في التقرير، أنه لم يسجل في عام 2011 أي مبادرة حكومية لبنانية باتجاه تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين. أي لم يُتّخذ قرار حاسم لجهة توسيع مساحة المخيمات، ولم يُعدَّل قانون التملك رقم 296/2001 للسماح للفلسطيني بالتملك، ولم يُتخَذ قرار بتسهيل حرية الحركة والتنقل بنحو طبيعي لسكان المخيمات، وخصوصا في محافظة الجنوب أسوة بالمواطنين اللبنانيين. ولم يتم تسوية أوضاع فاقدي الأوراق الثبوتية، وبقيت معاناتهم كما هي، ولا يزال التعاطي الأمني مع الإنسان الفلسطيني ومع المخيمات الفلسطينية عموما هو الوسيلة الأكثر استخداما، والتعاطي مع أزمة مخيم نهر البارد المتواصلة هو أبرز مثال. وبالنسبة للتطورات التي حصلت على صعيد التشريعات اللبنانية في آب 2010، فيما يتعلق بحق العمل للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، فإنها لا تزال، وفق التقرير، قاصرة عن إعطائهم حقوقهم بشكل تام. ففي حين أعفت التعديلات الأخيرة العامل الفلسطيني اللاجئ من رسم إجازة العمل، إلا أنها أبقت على شرط حصوله على إجازة العمل باعتباره أجنبيا في نظر القانون اللبناني. كما أن إلغاء شرط المعاملة بالمثل في قانون الضمان الإجتماعي تناول فرع تعويض نهاية الخدمة ولم يتناول فرعي المرض والأمومة والتقديمات العائلية. وقال التقرير: كذلك لم تتطرق هذه التعديلات إلى المهن الحرة التي لا تخضع للقانونين المذكورين، الأمر الذي يُبقي اللاجئين الفلسطينيين ممنوعين من ممارسة المهن الحرة في لبنان. ولم يتم إصدار مراسيم تطبيقية للقانونين 128/2010 و129/2010 المتعلقين بالحق بالعمل والضمان الإجتماعي وتوسيع حق استفادة الفلسطينيين من تقديمات جميع فروع الضمان الإجتماعي، أو على أقل تقدير إعفاؤهم وأرباب العمل من دفع مساهماتهم في الصناديق التي لا يستفيدون من تقديماتها. وتضمن التقرير السنوي لمؤسسة ’شاهد’ توصيات طالبت الحكومة اللبنانية بتنفيذ التزاماتها الدولية لجهة احترام الإنسان الفلسطيني، وتعديل كافة القوانين والقرارات التي تتعارض مع نصوص الشرعية الدولية لحقوق الإنسان وأحكامها والسماح للفلسطيني بالتملك وتعديل نص القانون 296/2001 بما يتيح للإنسان الفلسطيني التملك. وتعديل القوانين التي تنظم المهن الحرة، ولا سيما مهنة الطب والهندسة والصيدلة والمحاماة وغيرها، كي يُسمح للإنسان الفلسطيني بممارسة هذه المهن بنحو قانوني. بالإضافة إلى تعديل قانون الضمان الاجتماعي بما يُتيح للعامل أو الموظف الفلسطيني الاستفادة الكاملة من تقديمات صندوق الضمان الاجتماعي أسوة بالمواطن اللبناني. واتخاذ قرار بزيادة مساحة المخيمات بما يُناسب الزيادة السكانية لها، والتنسيق مع وكالة الأونروا في هذا الصدد. والعمل الجدي على تسوية أوضاع فاقدي الأوراق الثبوتية بما يحقق لهم الشخصية القانونية. كما طالبت ’شاهد’ لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني باستغلال الموارد المالية الواردة للجنة الحوار، بما يفيد الواقع الفلسطيني، وخصوصا مخيم نهر البارد، ومكننة الأوراق الثبوتية للاجئين الفلسطينيين وضرورة إضافة أشخاص فلسطينيين إلى هذه اللجنة من ذوي الخبرة بالواقع الفلسطيني ومتابعة القضايا الملحّة. وضرورة انفتاح لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني على مؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني لمعرفة الاحتياجات الحقيقية للاجئين الفلسطينيين، وضرورة إعطاء لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني اهتماما ودعما من الحكومة اللبنانية الحالية وتقديم الدعم القانوني لقضايا اللاجئين من قبل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لدى الدولة اللبنانية، وذلك في مجال الحقوق المدنية والاقتصادية والإنسانية في شتى مجالاتها. وأوصى التقرير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ’الأونروا’ بضرورة زيادة الخدمات للاجئين الفلسطينيين وتحسينها في جميع القطاعات وتحديد أولويات احتياجات اللاجئين والعمل على تغطيتها، والإسراع في إيجاد فرص عمل للاجئين الفلسطينيين في لبنان وضرورة ترشيد الإنفاق بطريقة تسمح باستغلال الموارد المتاحة بأقصى درجة ممكنة. وإنهاء ملف مخيم نهر البارد، من حيث إنجاز جميع الرزم وتوفير جميع احتياجات أهالي المخيم. وناشدت المؤسسة الحقوقية ’شاهد’ منظمة التحرير الفلسطينية متابعة جميع ملفات اللاجئين مع الجانب اللبناني وتوفير موارد مالية كافية لدعم مؤسسات الهلال الأحمر الفلسطيني وتطويرها. ودعم صندوق الطالب الفلسطيني ماليا وسياسيا، ليستمر في تقديم خدماته للطلاب الفلسطينيين في لبنان ووضع آلية واضحة لمؤسسة الضمان الصحي الفلسطينية، من حيث تغطية جزء من نفقة العلاج للاجئين الفلسطينيين في لبنان. والاهتمام بملف مخيم نهر البارد مع الدول المانحة لاستكمال مراحل إعادة بنائه وعودة سكانه إليه.