كل مشاهد معقول يرى الشريط القصير يسأل نفسه كم حدثا كهذا يجري في المكان الذي لا يكون فيه توثيق، وكيف يرد الجيش الاسرائيلي عندما لا يكون هناك برهان قاطع وعلني بهذا القدر على عنف ليس له أي مبرر. حالة واحدة كهذه تدحض الادعاء بأن الجيش يحافظ على المعايير حتى في الوضع المعقد الذي يوجد فيه في المناطق. لقد علمت قيادة الجيش الاسرائيلي لأول مرة عن الاعتداء الذي قام به نائب قائد لواء الغور ضد المواطن الدانماركي في الساعة السابعة والنصف مساء حين نشر الشريط القصير الذي يوثق الحدث في الانترنت. في الحادية عشرة ليلا وصف رئيس الاركان الحالة بأنها "حدث خطير، يتعارض وقيم الجيش الاسرائيلي". وبين هذا وذاك أجرى قائد الفرقة، أغاي يحزقيل، تحقيقا واستنتاجاته أقرها قائد المنطقة الوسطى. هذه السرعة تدل على ان الجيش الاسرائيلي يفهم الضرر الكامن في الحالة، والذي يوجد أساسا في الاشتباه الذي لا يكون منطلقا من فراغ. مراقبة الاضرار في هذه الحالة صعبة على نحو خاص. فكل مشاهد معقول يرى الشريط القصير يسأل نفسه كم حدثا كهذا يجري في المكان الذي لا يكون فيه توثيق، وكيف يرد الجيش الاسرائيلي عندما لا يكون هناك برهان قاطع وعلني بهذا القدر على عنف ليس له أي مبرر. حالة واحدة كهذه تدحض الادعاء بأن الجيش يحافظ على المعايير حتى في الوضع المعقد الذي يوجد فيه في المناطق. نائب قائد لواء واحد، مع بندقية في اليد، يلحق ضررا إذهب الآن وأصلحه. الحقيقة هي أننا لا نعرف. من يعرف قادة الجيش الاسرائيلي في المناطق يعرف ان هذه عصبة من الضباط المستقيمين الذين يحاولون احترام المسموح والممنوع في وضع يُفسد كل الجيش. ولكنه يعرف ايضا بأن امكانية السيطرة شبه متعذرة: في كل حاجز، في كل عمل محلي، يحتك لابسو البزات مع مواطنين لديهم جدول اعمال خاص بهم، ومسموح لهم كل ما هو محظور على ضباط الجيش. وبالذات انطلاقا من الايمان بأن المقدم شالوم آيزنر لا يمثل ظاهرة سائدة بل العكس تماما في ان الغالبية الساحقة من الضباط والمقاتلين في الجيش الاسرائيلي في الضفة يحاولون بكل قوتهم الحفاظ على عسكرية وصورة المقاتل، وبالذات انطلاقا من كل هذا ينبغي العودة الى القول: منذ 45 سنة والجيش الاسرائيلي يؤدي في المناطق دورا مناهضا للعسكرية، يضع قادته كل يوم في وضعيات مختلفة تماما عن تلك التي فكروا فيها حين تجندوا للدفاع عن وطنهم. من يتجاهل ذلك، تحت شعار "الجيش الاخلاقي الأكثر في العالم"، يخطيء ليس فقط في حق الحقيقة بل أولا وقبل كل شيء في حق الضباط أنفسهم. آيزنر سيعاقب، إذ ليس لفعلته مبرر. والعقاب سيجدد المعايير التي على أي حال يحاول الضباط غرسها وتحقيقها كل يوم. ولكنه لن يحل الوضع الفاسد الذي يكون فيه العسكريون يسيطرون على حياة المدنيين، على حرية الحركة والتظاهر لهم، حيث يمكنهم ان يقيموا بيتا وأن يسافروا. وسيُدار الجدار بين اولئك الذين سيبررون الفعلة إذ في نظرهم نشطاء اليسار من البلاد ومن الخارج هم مقتلعو اسرائيل وجديرون بالضرب، وبين اولئك الذين سيرون فيها دليلا على تعسف ووحشية الجنود. هؤلاء مثل اولئك يدّعون، وهؤلاء مثل اولئك – ومثل معظم الجمهور في اسرائيل – يتجاهلون المشكلة الحقيقية، التي هي واضحة لدرجة أنه يمكن ان نقولها في شبه كليشيه: 45 سنة وحكومات اسرائيل غير قادرة على ان تقرر ماذا تفعل بالمناطق. وطالما انها لا تقرر، فان الجيش الاسرائيلي هو جيش احتلال في ارض نزاع، كل العالم ينظر اليها. والاحتلال، مثلما لا نتعب في ان نقول، مُفسد.