العالم أبطأ خطواته عندما بدأت نشرات الاخبار بنبأ مذهل: ضابط من الجيش الاسرائيلي فقد صبره فضرب نشيطا يساريا من منظمة ISM. لم تُقدم أي معلومات عن المنظمة، بل فقط عن الوحشية من جانب الجيش الاسرائيلي. ونزعا للشك: فعل خطير هو ضرب متظاهر، حتى وإن كان استفزازيا، ولا سيما بالنسبة لضابط من الجيش الاسرائيلي يؤمن بطهارة السلاح والقدوة الشخصية. يجب فحص ومعالجة الموضوع بحذر. ومع ذلك، بعض شخصيات في وسائل الاعلام شخصوا هنا شماتة على نمط "ألم نقل لكم". ISM شكلها في بداية سنوات الألفين أدام شبيرو، يهودي من بروكلين. هدفها المعلن هو "المقاومة غير العنيفة للاحتلال الاسرائيلي" من خلال ما تسميه "عمل مباشر" (مرات عديدة يتدهور الى عنف "رقيق" من جانب الفلسطينيين)، ولكن قادة المنظمة واعضاؤها أعربوا عن تفهمهم للكفاح المسلح ضد اسرائيل. في 2002 كتب شبيرو وزوجته الفلسطينية عفاف هويدي: "المقاومة الفلسطينية يجب ان تتم بأشكال متنوعة، سواء غير عنيفة أم عنيفة... نعم، بعض الناس سيقتلون ويُجرحون"، ولكن هذا الموت "ليس أقل نُبلا من تنفيذ عملية انتحارية. ونحن واثقون بأنه اذا قتل هؤلاء الناس في اعمال كهذه، فانهم سيعتبرون شهداء في سبيل الله". ISM كانت من منظمي اسطول مرمرة، مؤيدة لحركة المقاطعة (BDS) لاسرائيل وناشرة للدعاية المعادية الدائمة لاسرائيل. أحد تكتيكاتها هو احداث استفزازات لايقاع جنود الجيش الاسرائيلي في الفخ، وبعدها نشر الصور في أرجاء العالم لتأكيد نظرية الوحش الصهيوني. وكما رأينا، في هذه المرة نجحوا في مهمتهم. نضيف الى هذا الهستيريا الاعلامية الدائمة طالما استبقت قوات الامن الضربة بالوقاية ومنعت وصول نشطاء اليسار تحت غطاء انساني هدفه نزع الشرعية عن اسرائيل. "جلبة كبيرة على لا شيء"، تذاكى البعض. معقول الافتراض ما الذي كان عليه رد فعلهم لو أن شيئا ما خرج عن نطاق السيطرة وتطور ليصبح حدثا خطيرا. لقد قررت اسرائيل منع وصول نشطاء اليسار سواء من خلال القوائم أم من خلال انتشار أفراد الشرطة بلباس مدني في المطار. ما المشكلة؟ فها هي في محطة البث العسكرية قررت تالي ليبكين شاحك ايجاد نقاط نور لدى هؤلاء النشطاء الأبرياء، وكادت توبخ نائب الوزير داني ايلون على اعمال الدولة الوقائية. واقترحت ان ننظم للمتظاهرين حلقة بحث تشرح فيها اسرائيل موقفها. ما الذي ستشرحه اسرائيل – حقها في الوجود كدولة الشعب اليهودي في قسم ما من المعمورة؟ أهذا ما يقف خلف الغطاء الانساني لعصبة الكراهية هذه؟ هاكم الاختبار لمثل هؤلاء النشطاء: هل هم يعترفون بحق اسرائيل في الوجود كدولة يهودية في حدود 1967؟ الاغلبية الساحقة لا تعترف بنا في أي حدود كانت. "أهلا بكم في فلسطين" ليست مجرد يافطة – هكذا هم يرون كل المجال الذي بين البحر والنهر. اذا من يخلق الهستيريا، قوات الامن أم وسائل الاعلام؟.