خبر : حلف الزعران/بقلم: نداف ايال/معاريف 12/4/2012

الخميس 12 أبريل 2012 02:24 م / بتوقيت القدس +2GMT
حلف الزعران/بقلم: نداف ايال/معاريف 12/4/2012



ما يسمى "العالم الغربي" أضطر لان ينشغل هذا الاسبوع بالشد على الاسنان، في ثلاثة أنظمة منعزلة وغريبة عنه جدا. مذهل أن نتابع كمية الطاقة والجهود، السرية والعلنية، المستثمرة في التصدي لثلاث دول بعيدة سنوات ضوء عن قدرات الدول المتقدمة والمتطورة. ومع ذلك، بالنسبة للولايات المتحدة واوروبا، وفي واقع الامر ايضا بالنسبة لاسيا وجنوب أمريكا، فان هذه الانظمة هي ثقوب سوداء من انعدام الاستقرار، التشويه الدولي المستمر. الترويكا التي هي أنباء سيئة للجميع، في واقع الأمر، ليس الجميع: بينهم وبين أنفسهم، هذه الانظمة هم حلفاء حقيقيون. فهم يتبادلون بينهم المعلومات الاستخبارية، المعلومات التكنولوجية، الصواريخ الباليستية وعند الحاجة اليورانيوم أيضا. وسائل الاعلام عندهم تمتدح حكمة القيادة المجاورة وتتمسك بمعطيات التصدير الى الدولة المنبوذة الثالثة. هذا حلف حميم بين المرفوضين. حلف الزعران. * * * ما الذي شغل اهتمام العالم هذا الاسبوع؟ في كوريا الشمالية انتهت الاستعدادات لاطلاق صاروخ باليستي يهدد بخلق اشتعال متجدد في شبه الجزيرة الكورية (ربما حتى موعد قراءة هذه الكلمات يكون قد اطلق). بالتوازي، نشرت أنباء عن استعدادات لتجربة نووية ثالثة في بيونغ يانغ. في نهاية الاسبوع القريب القادم ستبدأ في اسطنبول مفاوضات مع ايران، المنعزلة أكثر من أي وقت مضى، على برنامجها النووي العسكري. الاصوات التي تصدر عن طهران ترفض منذ الان امكانية وقف تخصيب اليورانيوم أو الموافقة على اغلاق منشأة التخصيب المحصنة في بوردو، قرب مدينة قُم. بالتوازي، الاسرة الدولية تحطم الرأس كيف ستتصدى للحرب الاهلية السورية الناشئة بعد أن تبين أن وقف النار قد مات أغلب الظن حتى قبل أن يدخل حيز التنفيذ. نظام الاسد حل كل لجام في الاسبوعين الاخيرين، يرش المظاهرات من الجو بالمروحيات، يقصف أحياء سكنية دون صلة بنشاط الثوار، يرتكب مذبحة مستمرة على مدار الساعة.  كان هذا، الى هذا الحد أو ذاك، الجدول الزمني للاسرة الدولية هذا الاسبوع: محاولة وقف المذبحة في سوريا، منع حرب اخرى من مدرسة مجنون كوريا الشمالية واحباط المحاولة العنيدة لطهران نيل السلاح النووي، مرغوب فيه من خلال المفاوضات وعقوبات. واذا كان يوجد هنا شيء مسلٍ ولكن مريض، فهو الفكرة في أن في واقع الامر، الاسد، احمدي نجاد وكيم يونغ أون هم حلفاء قريبون يبدو أنهم يتحدثون حتى الواحد مع الاخر مباشرة. يمكن لنا أن نتخيل هذه الاحاديث التي من المؤكد تبدو وكأنها مأخوذة من سيناريو "الدكتاتور الاعظم" لشابلين أو "د. سترينجلاف". الاسد يتلقى نصائح مفيدة من أحمدي نجاد عن قمع المظاهرات وتعذيب نشطاء المعارضة وكيم يونغ أون الشاب يتصل بالرجلين ليعرض صاروخا باليستيا آخر أو يورانيوم مقابل القمح. ولكن هذا الحلف ليس صدفة. بل هو ضرورة الواقع. الدكتاتورية الكورية الشمالية لا تختلف كثيرا عن الشمولية الدينية للثورة الاسلامية، والحكم التعسفي للطائفة العلوية وعائلة الاسد لا يشبه ايديولوجيا الدولتين الاوليين . كوريا الشمالية تشكل تهديدا نوويا على جيرانها وهي معزولة تماما عن العالم. بالمقابل، ايران تدير نظاما أكثر انفتاحا وهناك من سيقول ان الفارق بينها وبين كوريا هو أن طهران تريد أن تكون تهديدا نوويا. أما سوريا، مقابل الاثنتين، فلا تحمل عمليا ايديولوجيا سياسية شمولية، وعلى أي حال توجد منذ الان في المعركة الاكثر جذرية على مجرد بقاء الحكم. قبل ذلك كانت تعتبر تهديدا اقليميا محدودا جدا. ولكن الدول الثلاثة، مع كل الفوارق بينها، تعرض تحديا مشابها للعالم الديمقراطي. هذا ليس تحديا أوليا أو أصيل، بل هو أشغل الغرب على مدى معظم القرن العشرين المحمل بالمصائر. تحدي الدكتاتورية المهددة. * * * من ألمانيا النازية وحتى عراق صدام حسين، النماذج واضحة. ملايين الكلمات كتبت على طرق التصدي لهذه الانظمة ولا سيما عندما تنزلق الى المنزلق الدائم في الصدام مع الغرب. ولكن الاسرة الدولية تحذر جدا بل وأكثر من ذلك، في الا تربط بين المشاكل الثلاثة الكبرى في هذه اللحظة، ايران، سوريا وكوريا الشمالية. ندبات خطاب "محور الشر" لبوش لا تزال بارزة في الخطاب السياسي العالمي. خلق مثل هذه الصلة، علنا، كفيل بان يدفع الانظمة الثلاثة الى تحالفات اكثر رسمية ويدفع سلوكها الى مزيد من التطرف. بالتوازي، يمكنها أن تبرر أعمالا واسعة وحربية غربية ضد بيونغ يانغ، طهران ودمشق. هذه فكرة خطيرة، الشروع بالنظر اليها بصفتها ما هي. المرة تلو الاخرى تتحدث التقارير الصحفية في العالم عن أن النظام السوري بدأ، بيأسه، "بقتل ابناء شعبه" او "توجيه البنادق الى مواطنيه". الفجوة المعرفية هنا بين الغرب والواقع على الارض مكشوفة وصارخة. النظام السوري لم يغير شيئا في سلوكه أو في طريقة تفكيره. فقد تصرف تجاه الثوار في حمص أو في حلب أو في إدلب بالضبط بنفس الطريقة التي كان يتصرف فيها قبل عشر سنوات. تصرف تجاهه، بقدر واسع، مثلما تصرف تجاه نشطاء المعارضة القليلين على مدى كل سنوات حكمه. الوحشية لم تندلع فجأة، وهي لا تعبر عن اليأس. نظام الاسد ينفذ وظيفته الاساس، في مواصلة الحكم، ولهذا الغرض فانه يفعل ما يعرف كيف يفعله: القمع. والان، قيض له أن يقتل الالاف في سنة، وليس بضع عشرات أو مئات. التغيير الوحيد هو في الكمية. هذا ما تفعله الدكتاتورية.  في الوعي الليبرالي يوجد هذر متواصل عن السبيل الذي غيرت فيه العولمة وثورة المعلومات والفيس بوك العالم. السبيل الذي أصبحت فيه الديمقراطية هي الخيار الوحيد. الحقيقة هي أن للعولمة توجد جوانب مظلمة، والانترنت غيرت الكثير من حياتنا، ولكنها لم تغير الدكتاتورية. وكالفيروس، تبدي مناعة مفاجئة وقدرة لا نهاية لها على التحول في أشكال ناجعة. حقيقة أن أسماء الاسد يمكنها أن تجري مشتريات على الانترنت تفرق قليلا جدا بالنسبة للرضع الذين تعفنوا دون كهرباء في مستشفيات حمص وكشف البريد الالكتروني لعائلة الحكم – أثرت بقدر قليل جدا في هز النظام السوري. المفاجأة الكبرى حقا هي الطريقة التي يتلوى فيها العالم ويتردد في تصديه لحالات الشر المطلق؛ هذه بالتأكيد مفاجأة إذا نظرنا الى التاريخ. رد فعل الغرب هو محاولات فاشلة للشجب في مجلس الامن أو وقف نار وهمي، أحد لا يؤمن به، يعلن باحتفالية من قتلة الجماهير. زخم الديمقراطية، من جنوب امريكا عبر افريقيا والشرق الاوسط وحتى آسيا، عرض الدكتاتوريين في حصار؛ هذا وضع خطير. ليس لهم فقط.