القدس المحتلة / سما / وصف رفيق الحسيني ممثل ورثة المرحوم المفتي الحاج أمين الحسيني، والذي هدم الاحتلال الإسرائيلي منزله لأهداف استيطانية توسعية، ما جرى بقوله ’من لا يملك أعطى لمن لا يستحق’. وأوضح الحسيني لـ ’وفا’، اليوم الأحد، أن الورثة سيلجؤون للقانون الدولي إذا حكمت محكمة الاحتلال لصالح الشركة الأميركية (سي اند إم بروبيرتز) التي تعود ملكيتها إلى أرفين مسكوفيتش الداعم الرئيس للمستوطنات في شرقي القدس ومحيطها. وأكد أن إجراءات الاحتلال في المنزل غير قانونية، وغير شرعية، لأن أصحاب الملك لم يبيعوا ولم يتنازلوا عن ملكهم، وبالتالي فإن الجهة التي تعتقد أنها اشترت لا تملك أية أوراق قانونية تثبت ملكيتها. وتوقع الحسيني أن تبت المحكمة غدا في القضية، مشيرا إلى أن قانون مصادرة أملاك الغائبين الفلسطينيين قانون باطل، ومن هنا جاءت الدعوى ضد حكومة إسرائيل، لكنه لم يتوقع الكثير من المحكمة، لأن ما يجري بالقدس هو محاولات لسن قوانين تشرع مصادرة الأرض والاستيلاء عليها من أصحابها الأصليين. وتعقد المحكمة الإسرائيلية العليا يوم غد الإثنين، جلسة استماع خاصة بالدعوى القضائية المرفوعة ضد الحكومة الإسرائيلية بشأن الاستيلاء على منزل المفتي الحاج الحسيني وفندق ’شبرد’ في حي الشيخ جراح بالقدس، كما قال ممثل الورثة الموكل بالقضية رفيق الحسيني. وحسب الحسيني ستبحث المحكمة العليا في التماسين اثنين تقدم بهما ورثة المفتي، وهما عدم شرعية تطبيق قانون حارس أملاك الغائبين على الفلسطينيين القاطنين في شرقي القدس، إضافة إلى الطعن في الإجراءات غير القانونية التي أدت إلى نقل ملكية بيت المفتي من حارس أملاك الغائبين إلى الشركة الأميركية المملوكة لـ ’أرفين مسكوفيتش’. ويمثل منزل مفتي فلسطين في مدينة القدس المحتلة رمزية عالية ليس عند الفلسطينيين فقط، بل عند عموم العرب والمسلمين، فالمفتي الحسيني، لم يكن مفتياً لفلسطين فقط قبل النكبة، بل كان مفتياً لديار الشام قاطبة، كما كان رمزاً إسلامياً وعربياً وفلسطينياً قاد نضال الشعب الفلسطيني قبل النكبة، ولمع اسمه حتى بات مصدر قلق لسلطات الانتداب والحركة الصهيونية، كما بات في حينها رجل فلسطين الأول الذي تغنت به جموع الفلسطينيين وأطلقت عليه لقب (سيف الدين الحاج أمين). وتمثل عملية استهداف منزله الذي تحول إلى فندق (شبيرد) استهدافاً للذاكرة الوطنية الفلسطينية، كما يمثل استهدافاً لقيم المقاومة التي كان يحملها شخص المفتي في فلسطين، فضلاً عن كونها إزالة لقيمة رمزية وتاريخية في مدينة القدس. وقال الحسيني، إن مساحة المنزل والأرض المستهدفة يبلغ 10 دونمات، و’إننا لم ولن نسمح بمصادرتها، وسنستمر في المواجهة لإرجاعها إلى أصحابها. ويكمن الخطر الإضافي الأكبر من هدم بيت المفتى والمشاريع المنوي إقامتها مكانه وعزل البلدة القديمة، في كون ذلك كله مقدمة للاستيلاء على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، وخاصة المسجد الأقصى،
لقد هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي منزل المفتي تمهيدا لبناء حي استيطاني مكانه، وذلك بعد (25) عاماً على مصادرته من يد أصحابه الحقيقيين. وكان المفتي شيد منزله (نزل شيبرد) في ثلاثينيات القرن الماضي ليشكّل منزلاً لعائلته ولزواره خارج أسوار البلدة القديمة، وعندما نُفي الحاج الحسيني من قبل سلطات الانتداب البريطاني في العام 1937، سيطرت سلطات الانتداب على مبنى (المنزل/الفندق) وتم استخدامه موقعاً عسكرياً، وقد استعاد وكلاء المفتي من أبنائه وذريته ملكيتهم للمبنى أثناء فترة الحكم الأردني للضفة الغربية والقدس الشرقية من عام 1948 إلى عام 1967، وقاموا بتأجيره فندقاً وهكذا أصبح المبنى يعرف باسم «فندق شيبرد». إلا أن سلطات الاحتلال، صادرت المبنى وحولته إلى «حارس أملاك الغائبين»، الذي بدوره حوّله إلى ما يسمى بـ «سلطة التطوير الإسرائيلية»، ومن ثم نُقلت ملكيته إلى الشركة المختصة بتنفيذ أعمال الاستيطان في الأرض الفلسطينية المحتلة والتي يقودها الممول الأميركي اليهودي وصاحب أندية القمار في نيويورك وواشنطن (ايرفينغ موسكوفيتش) في الخامس من تشرين الثاني 1985، الذي ما لبث أن طرح مشروعاً لهدم (المنزل/الفندق) لبناء موقع استيطاني مكانه، بحيث يضم في المرحلة الأولى منه (30) وحدة استيطانية والمرافق الملحقة بها، وفي المرحلة الثانية (90) وحدة. ويأتي هدم بيت المفتي أيضاً جزءاً من مخطط استيطاني تهويدي للاستيلاء على منطقة وحي الشيخ جراح برمته في القدس المحتلة، وهو مقدمة لتهويد الغلاف الشمالي للبلدة القديمة في القدس، والإسراع بعزل القدس وتغيير الوقائع الديمغرافية فيها بشكل لا يتيح الفرصة لنجاح أية مفاوضات مستقبلية بشأنها. وأشار الحسيني لـ ’وفا’، إلى أن ما يقع الآن بالنسبة لحي الشيخ جراح، يقع أيضاً في باقي الأحياء العربية الإسلامية والمسيحية في المدينة، كما هو الحال في أحياء: سلوان، وجبل الزيتون، ورأس العامود، والعيسوية والأحياء الأخرى في القدس الشرقية، في سياق الجهود الإسرائيلية لخلق طوق من المستعمرات يفصل البلدة القديمة في المدينة المقدسة عن باقي أحياء القدس الشرقية المحتلة وعن الضفة الغربية.