رغم وقوع قتيل واحد (في حاجز ايرز في قطاع غزة) وعشرات الجرحى في الصدامات مع الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية، مر يوم الارض في المناطق وفي الحدود وفقا لما هو متوقع: مظاهرات عديدة المشاركين، مواجهات عفوية واحتكاك قوته لا تقترب على الاطلاق من حجوم المذبحة اليومية الجارية في سوريا. واذا كان المنظمون أملوا في صرف الانتباه الدولي ليعود الى النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني، يبدو أنهم باءوا فشل ذريع. ومع ذلك، فان هذه الجهود ستتواصل في الاشهر القريبة القادمة. في قسم كبير من ساحات التظاهر بدا بالذات جهد السلطات العربية لكبح جماح حجم المواجهات. في غزة، مثلا، ضرب أفراد شرطة حماس المتظاهرين لابعادهم عن الجدار. ومنعت السلطة الفلسطينية بعض المظاهرات من الانتقال من مراكز المدن في الضفة نحو حواجز الجيش الاسرائيلي. في جنوب لبنان اختار حزب الله، على ما يبدو بالتنسيق مع الحكومة في بيروت، لعقد المظاهرة المركزية في قلعة البوفور بدلا من اجرائها بمحاذاة الجدار مع اسرائيل. وحتى نظام الرئيس السوري بشار الاسد، لم يشجع هذه المرة المظاهرات على مقربة من الجدار الحدود في هضبة الجولان، مثلما حصل في أحداث النكبة والنكسة في شهري أيار وحزيران من العام الماضي. للاسد، الذي أعلن حكمه أمس بشكل غريب عن النصر في الصراع ضد منظمات المعارضة، توجد على ما يبدو شؤون اخرى للاهتمام بها الان، مثل قتل عشرات المدنيين في المعارك في نهاية الاسبوع. في الاردن فقط برزت المظاهرة، على مسافة غير بعيدة من جسر اللنبي، بحجومها: نحو 14 ألف شخص حسب تقارير الاعلام العربي، وإن كان هنا أيضا يدور الحديث عن أعداد تطابقت الى هذا الحد او ذاك مع التقديرات المسبقة للاستخبارات في اسرائيل. الانطباع المتراكم هو أن العالم العربي، بل حتى والجمهور الفلسطيني، لا يوجه الان طاقة كبيرة للصراع ضد اسرائيل. وهذا يرتبط على ما يبدو بجدول أعمال آخر، تقف على رأسه الثورات والحروب الاهلية في الدول المجاورة. يخيل ان الفلسطينيين أيضا، الذين امتنعوا عن المواجهة مع اسرائيل حتى حول التوجه الى الامم المتحدة في أيلول الماضي، لا يبحثون الان عن احتكاك. جزءا من العنف في المظاهرة في معبر قلنديا في شمالي القدس أول أمس كان داخليا اجمالا: مشادة كثيرة المشاركين بين نشطاء فتح والجبهة الشعبية مع رجال مصطفى البرغوثي، الذين ضربوا ضربا مبرحا بعد أن أطلقت قوات الجيش الاسرائيلي وسائل لتفريق المظاهرات. ولا يزال، الاحتجاج الشعبي – في هذه المرحلة أكثر مما هو الارهاب – من المتوقع أن يحتل مكانا أهم في الاشهر القادمة. ومنذ هذا الشهر، في 17 أيلول، سيتم احياء يوم السجين الفلسطيني. الاجواء في السجون في اسرائيل تسخن، بعد اضراب السجينة هناء شلبي عن الطعام وعلى خلفية خطة اضراب جماعي عن الطعام للسجناء الامنيين. وحين يكون في الافق أيضا يوم النكبة في منتصف أيار، يخيل أن بانتظارنا في غضون وقت قليل أياما متوترة أخرى. على الاقل استنادا الى نهاية الاسبوع، يخيل أن قوات الامن الاسرائيلية استعدت جيدا للسيناريوهات المختلفة. ولكن، جاهزيتهم ستطرح مرة اخرى على الاختبار على ايدي الفلسطينيين في الزمن القريب القادم.