الاعتقال الاداري هو أداة اللابديل، أحد النماذج الابرز على صعوبة تربيع الدائرة: اقامة وضع احتلال في المناطق وفي نفس الوقت محاولة ادارته انطلاقا من مقاييس دولة مع جهاز قضائي سليم. مثل هذه الاوضاع هي في أحيان كثيرة موضوعا قانونيا صرفا، واستخدامها يتأثر جدا بالوضع العام. بكلمات بسيطة، كلما كان الوضع الامني اخطر، فان الاعتقال الاداري سيستخدم بتواتر اكبر ويعتبر أكثر شرعية. من جهة اخرى، اذا مات خضر عدنان، فان كل المؤسسة ستصاب بصدمة من النوع الذي اجتازتها الاحباطات المركزة بعد قضية شحادة. الاعتقال الاداري يستخدم في الحالات التي لا يمكن فيها عرض مصدر معلومات الادانة في المحكمة، بشكل عام لان الحديث يدور عن مصدر انساني للمخابرات يوجد خطر على حياته اذا انكشف. وفي ظل غياب شهادات لا يمكن الشروع في محاكمة جنائية، وبسبب الخطر تخشى المنظومة من ارسال الرجل الى البيت. الفترة القصوى التي يحق لها طلبها هي نصف سنة. بعد ذلك يمكن طلب تمديد اضافي، وعندها يجب عرض معلومات اخرى. المحكمة تطلع على المادة، اما محامي المتهم فلا. في الغالب المنظومة تحصل على مطلبها، أحيانا ليس كل الفترة الزمنية. كل هذا يبدو قانونيا جدا، ولكنه عمليا متعلق بالاجواء العامة. مثل قرارات المحكمة العليا في موضوع الجدار، حقوق الانسان للفلسطينيين هي معامل الاحساس بالخطر من الارهاب في اسرائيل. فترة الذروة للاعتقالات الادارية كانت بالذات الانتفاضة الاولى، حين استخدمت هذه الاداة باعداد وصلت الى الالاف. في السنوات الاخيرة تبلغ الاعداد بضع مئات. صحيح حتى الان يوجد نحو 320 فلسطيني في مثل هذا الاعتقال. رجال القانون يقولون انه لن يكون ابدا قرار محكمة يعتقد بان هذه الوسيلة ليست قانونية، مثلما قضت المحكمة العليا بالنسبة لـ "نظام الجار"، مثلا. وجود منظومة قانونية منفصلة في المناطق – في فصل ليس فقط اقليميا، إذ ليس حكم طفل يهودي يرشق حجرا على سيارة مسافرة كحكم فتى فلسطيني يفعل ذلك – يعلل في أحيان قريبة من قبل رجال قانون اسرائيليين ذوي شهرة في أنه افضل من عدم تطبيق القانون على الاطلاق، ويحمي أيضا اسم اسرائيل في العالم. ولكن من يستخدم هذا الدرع ينبغي أن يعرف بان له جانبين: حالة متطرفة، تطرح الاعتقالات الادارية على جدول الاعمال العالمي وتسفر عن انتقاد شديد على اسرائيل كفيلة بان تدفع أيضا الجهاز القضائي في اسرائيل الى التصرف بشكل مختلف. هكذا حصل في مواضيع هدم المنازل، التي تحولت من وسيلة متطرفة الى شيء شرعيته موضع شك. وتحت كل هذا تختبىء حقيقة واحدة، نسعى نحن الى كبتها: لا توجد أي دولة غربية في العالم تقيم حالة احتلال في مناطق لم تضم الى اراضيها ولم يطبق عليها قانونها بكامله. ومع كل يوم يمر، مع كل حقيقة على الارض، فان السبيل الى الامساك بهذه العصا من طرفيها يصبح أكثر تعقيدا. كل واحد يحكم على الامور وفقا لرأيه في ماذا يفعل هذا لحياتنا نحن كاسرائيليين. لا يمكن ان نتجاهل أن العالم، القانوني وغيره، قرر منذ زمن بعيد بانه نفد صبره من الطريقة التي نشد فيها الاضلاع الى زوايا حادة ونصر على أننا نمسك في أيدينا بدائرة.