خبر : ينتظرون هاتفا من الجاسوس في طهران/بقلم: أمير أورن/هآرتس 19/2/2012

الأحد 19 فبراير 2012 01:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
ينتظرون هاتفا من الجاسوس في طهران/بقلم: أمير أورن/هآرتس 19/2/2012



لنفترض ان لاسرائيل جاسوسا في القيادة في طهران هو صهر الزعيم الأعلى علي خامنئي أو سلفه الخميني. ولنفترض ان المادة الفاخرة التي ينقلها الجاسوس الى "الموساد" تُحقن في أوردة أعلى المستويات التي تنتظر ما يخرج من فمه في أهم سؤال ألا وهو هل استقر رأي ايران على اجتياز الخط الفاصل بين تطوير بنية تحتية ذرية وبين انتاج سلاح ذري. ان الجواب بـ نعم ينهي الاختلاف داخل اسرائيل وبينها وبين آخر صديقاتها في الغرب في حسم سؤال هل يمكن الانتظار بعد قبل عملية عسكرية على المشروع الذري الايراني. يمكن ان يتبين ان هذا الجاسوس ذخر يحافظ عليه مالكه لغير مصلحته. ان العميل الفارسي هو مثال فقط وتقليد مُتخيل لاشرف مروان صهر جمال عبد الناصر الذي نقل الى اسرائيل أسرار أنور السادات. تجدد في الاسبوع الماضي، في دورة اخرى الجدل القديم بين الموساد و"أمان" في شخصية مروان – أكان عميلا صادقا أنقذ اسرائيل بالتحذير في آخر لحظة أم ضلل ونوّم. في الجولات السابقة واجه رئيس الموساد السابق تسفي زمير ايلي زعيرا رئيس "أمان" في السنة التي سبقت حرب يوم الغفران. وهذه المرة هاجم وارث زعيرا في "أمان" شلومو غازيت طريقة استعمال زمير لمروان. في مقالة في مجلة للعاملين في المجموعة الاستخبارية ينفي غازيت المكانة العليا التي منحت لمروان باعتباره المصدر الاول الذي "تطوع وجند نفسه". انه يعتبر "أغلى من الذهب" وكلف أكثر من "الذهب" بكثير، يقول غازيت بلغة لاذعة. "أسهم في هذا الوضع الذي لا نظير له ايضا رئيس الموساد الذي خطا خطوة شاذة تعارض تماما مبادىء عمل الاستخبارات"، يتهم غازيت. ان زمير "استقر رأيه على نشر التقارير الأصلية التي تم الحصول عليها من مروان بين مجموعة ضيقة في المستوى الامني – السياسي الأعلى" – غولدا مئير وموشيه ديان واسرائيل غليلي ورئيس هيئة الاركان دافيد (دادو) اليعيزر وقلة قليلة من ألوية الجيش – بدل ان يغربلها أولا بغربال "أمان" البحثي وهو المسؤول عن مقاطعتها مع مواد اخرى واعادة تقويمها. هكذا "نشأ واقع جديد عجيب، حينما احتاج ناس القيادة الى الاختيار بين وثائق التقدير المكتوب الجاف المصوغ بالاسلوب الاستخباري الحذر وبين التقارير اللذيذة المنقولة عن مروان"، وقد أدمنوه الى درجة التعلق به. منذ منتصف ايلول 1973 "بدأت تجتمع أنباء مقلقة، في الجبهة السورية أولا وبعد ذلك في الجبهة المصرية ايضا، كانت توجب على اسرائيل في الوضع العادي ان تتناولها بقلق وجدية وان تعلن حالة استعداد في الجيش الاسرائيلي بل ربما ان تعلن تجنيد الاحتياط"، لكن "ما لم يتم الحصول على أخبار من مروان ولم توضع تقاريره في كفة الميزان، تم تأخير علاج المعلومات المقلقة والرد عليها". يرى غازيت ان الامكان الأخطر هو ان يكون مروان عمل في سذاجة لا باعتباره عميلا مزدوجا، "فقد سقطنا آنذاك في بئر سكرنا الذاتي، والمكانة السامية التي منحه إياها مُستعملوه ومُقدروا معلوماته واشخاص القيادة خاصة الذين قرأوا في شوق تقاريره الآسرة". ان المصدر النادر الذي جاءت تقاريره الى أعلى كما هي هو حالة خاصة (والقادة يتلقون مباشرة معلومات من نظرائهم كما تلقت غولدا من الملك حسين). ان المشكلة العامة هي ان متخذي القرارات الكبار ذوي الخلفية الامنية قد يعتقدون ان خبرتهم وقدرتهم تعفيانهم من الاجراء المنهجي لتقدير المعلومات الاستخبارية وبخاصة اذا كان موقفهم قد حُدد سلفا. هل يجب على اهود باراك الذي كان رئيس "أمان" حينما كان أفيف كوخافي ضابط صف في التاسعة عشرة من عمره ان يعتمد على عمل نمل لرتب عسكرية متخصصة؟ ليست الطريقة هي التي تشوش على من يشتهي قصف ايران بالطبع بل النتيجة. فلو ان "أمان" والموساد كذبا على أنفسهما – ويمكن ان نسمي هذا تلاعب "أمان" – وزودا بمعطيات تؤيد ضرورة العملية العاجلة لاستعان باراك وبنيامين نتنياهو بهما لتسويغ حماستهما. يجب على الدولة قبل ان تخرج للحرب ان تتفحص مصادرها جيدا وان تتفحص نفسها أكثر من ذلك. ان 1973 هي المثال الواضح وليس هو الوحيد ولا الأخير، على الاستخفاف القاتل، وقد يحدث هذا مرة اخرى.