هناك اختلاف في القيادة الاسرائيلية بشأن نظرة اسرائيل الى المذبحة التي ينفذها رئيس سوريا بشار الاسد في أبناء شعبه. فوزير الخارجية ليبرمان والعاملون في مكتبه يعتقدون انه يجب على اسرائيل ان تندد بأوضح صورة بالمذبحة وان تتبنى سياسة معلنة هي دعوة الاسد الى الاستقالة. ويعارض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ذلك ويعتقد انه يجب على اسرائيل ان تحافظ على غموض فيما يتعلق بموقفها من الاسد. ذكر مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية ان المستوى المختص في وزارة الخارجية قد صاغ في الاسابيع الاخيرة توصية بسياسة جديدة لاسرائيل تتعلق بالوضع في سوريا. واعتقد الدبلوماسيون الاسرائيليون ان من الواجب على اسرائيل من جهة اخلاقية ان تندد بالمذبحة في سوريا وان تدعو الى خلع الاسد من اجل وقفها. واعتقدوا في وزارة الخارجية ايضا انه في الوقت الذي تقود فيه الجامعة العربية والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي نهجا متشددا جدا على نظام الاسد وتفرض عليه عقوبات وتدعو الى استقالته، لا تستطيع اسرائيل ان تُظهر سياسة غير واضحة وان تكون الاخيرة في الغرب التي لا تتخذ موقفا. وهذا السلوك كما قالوا في وزارة الخارجية قد يغذي نظريات المؤامرة ولا سيما في العالم العربي التي تقول ان اسرائيل تفضل الحفاظ على سلطة الاسد برغم المذبحة. تبنى وزير الخارجية افيغدور ليبرمان توصية العاملين في مكتبه وأثارها في أحاديث مع رئيس الحكومة وفي حلقات حكومية رفيعة المستوى. وتحفظ نتنياهو مع وزير الدفاع باراك ووزراء آخرين من الاقتراح، فنتنياهو يعتقد ان التصريحات المعلنة الشديدة اللهجة خاصة من قبل اسرائيل في هذا الشأن هي التي ستغذي نظريات مؤامرة اخرى وتُمكّن الاسد من ان يزعم ان اسرائيل تقف من وراء التمرد عليه. كان أهم تصريح لنتنياهو عما يجري في سوريا قبل نصف سنة في مقابلة صحفية مع شبكة "العربية" في تموز 2011. وأكد نتنياهو آنذاك ان كل شيء سيقال في هذه القضية "سيُستعمل للاعتراض على مسار اصلاح حقيقي يريد الناس رؤيته في سوريا. لهذا لا نتدخل في سوريا، لكن هذا لا يعني أننا غير قلقين". منذ ذلك الحين حدث تصعيد شديد للاضطرابات في سوريا لكن نتنياهو امتنع عن الدعوة الى استقالة الاسد حتى بعد الشهادات على المذبحة الجماعية في حمص. وقد تناول نتنياهو في جلسة الحكومة قبل اسبوع ونصف الامر بايجاز فقط. وكانت صيغة كلامه غامضة ولم يُذكر اسم الاسد. "تلقينا في الايام الاخيرة تذكيرا بالبيئة التي نعيش فيها"، قال نتنياهو. "... رأينا الجيش السوري يذبح شعبه، ورأينا أحداثا دموية اخرى في منطقتنا. ان زعماء مختلفين لا يصدهم أي وازع اخلاقي عن قتل جيرانهم وأبناء شعبهم على السواء". "الوضع في سوريا حساس"، قال موظف اسرائيلي رفيع المستوى شارك في نقاشات في هذا الشأن ويؤيد موقف نتنياهو. "لا نريد ان نظهر بمظهر من يؤيد أحد الطرفين. ان الاستنتاج الذي توصلنا اليه هو ان الصمت أفضل. ان سوريا تحاول أصلا التحرش بواسطة حزب الله في لبنان وعن طريق جهات اخرى لجرنا الى الداخل، ويجب ألا نستجيب لذلك". وقال موظف اسرائيلي آخر يتناول الامر ان موقف نتنياهو الآن هو انه ينبغي الحفاظ على نهج حذر، لكن ليس من الممتنع ان يتغير هذا في المستقبل. وذكر الموظف الرفيع المستوى انه في قنوات دبلوماسية صامتة تعبر اسرائيل عن موقف أشد. "حينما يسألنا الامريكيون أو الفرنسيون أو جهات اخرى عن رأينا فاننا نقول ان ذهاب الاسد أفضل، لكن لا يجب ان تقوم اسرائيل لذلك بحملة دعائية معلنة"، قال الموظف الرفيع. دعا ليبرمان من قبل الى تنحي الاسد في تموز 2011، لكنه ليّن منذ ذلك الحين تصريحاته في هذا الشأن ولا سيما بسبب موقف نتنياهو. وقد استقر رأي وزير الخارجية في الاثناء على توجيه سفير اسرائيل في الامم المتحدة، رون بروشاور، الى ان يخطب خطبة شديدة اللغة في النقاش الذي سيُجرى في الجمعية العامة في يوم الثلاثاء، المتعلق بالمذبحة في سوريا. دعا بروشاور اعضاء الامم المتحدة ألا يقفوا جانبا بازاء المذبحة، وقال: "ليس للاسد حق اخلاقي في ان يقود شعبه. ولم يعد من الممكن التنحي جانبا والنظر بعدم اكتراث الى المذبحة الوحشية التي ينفذها هو ونظامه كل يوم في سوريا، ويجب على المجتمع الدولي ان يعمل فورا على وقف القتل المنهجي لاولاد ومواطنين أبرياء. ان كل من يدير ظهره للشعب السوري في هذا الوقت الحرج يساعد على استمرار سفك الدماء".