في نيسان 2011 بدأت فرنسا تطبق "قانون البرقع" الذي يحظر على نساء مسلمات ان يغطين وجوههن في الفضاء العام. وقال الرئيس ساركوزي الذي وقف من وراء القانون ان "فرنسا دولة لا مكان فيها للبرقع ولا مكان فيها لاستعباد النساء". وكانت النقاشات في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ عاصفة وتناولت ماهية الديمقراطية الليبرالية بعامة والجمهورية بخاصة. يبدو بعد ذلك بسنة ان هذا الموضوع تضعف قوته. في نيسان القريب سيتوجه الفرنسيون الى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس، وينحصر الجدل العام في الازمة الاقتصادية وفي مستقبل المجتمع. وكل من ينظر الى الساحة السياسية يفاجئه ان يرى ان معركة الانتخابات الحالية تتجاوز النقاش في مسألة الهوية الفرنسية ومسألة "التهديد الاسلامي". وقد اختفت الايام التي تجادلوا فيها هناك في مزايا التعدد الثقافي. وتنشأ اليوم موافقة واسعة على الحاجة الى الحفاظ على التكتل الجمهوري وعلى الديمقراطية. يبرز بصورة خاصة موقف الزعيم الاشتراكي فرانسوا هولاند، المتقدم في استطلاعات الرأي والذي أعلن مؤخرا أنه لن يهادن في "مبدأ تفوق الدولة على الدين ومبدأ طبيعة فرنسا الديمقراطية". والتزم ايضا ان يقوي أسس العلمانية الدستورية التي تقضي بأن فرنسا هي "جمهورية متحدة وعلمانية وديمقراطية واشتراكية". منذ التسعينيات تعمل الحكومات في باريس بصورة منهجية لاحراز سيطرة من جديد على الفضاء العام مع فرض الحظر على الاختلافات الدينية والخمار في المدارس وعلى البراقع في المدة الاخيرة. والمخالفون للقانون يُغرمون احيانا بمبالغ باهظة، بل تمت اعتقالات في حالات ما. ويحظى النضال عن الفضاء العام في الديمقراطية العلمانية بتأييد عظيم. لكن حظر تغطية الوجه بالبرقع أثار معضلات دستورية تثير الاهتمام، فـ "حرية التفكير" مبدأ أعلى والى جانبه ايضا مبدأ "حرية الضمير" و"حرية الاعتقاد". وهذه المبادىء تتآلف بالطبع مع "تكتل الدولة" "الجمهورية". زعم معارضو قانون البرقع انه يُخل بمبدأ "حرية الضمير"، لكن المُشرع قضى بأن البرقع "خطر على النظام الاجتماعي"، وان النساء اللاتي يتبرقعن لا يفعلن هذا بارادتهن وأنهن في واقع الامر ممنوعات من "حرية التفكير" التي تسبق "حرية الضمير". وبعبارة اخرى لا يقبل الفرنسيون ان المرأة المتبرقعة تعبر بذلك عن حريتها وحتى لو كان هذا اختيارها فانه اختيار حرية متوهمة غير مقبولة، وأكثر من ذلك منطقا انه تعبير عن استعباد وإجبار. ما هي الدروس بالنسبة لاسرائيل؟ لا يوجد في هذه البلاد بالطبع فصل بين الدين والدولة، وأخذ البحث عن جوهر تشريعي يصبح أصعب سياسيا وسكانيا، لكن لا يجوز لنا ان نفقد الأمل. ان الامر الأعلى للسياسة الاسرائيلية مع المحاكم، هو ان تجد جوهرا يُمكّن من وجود مناسب لمبدأ "دولة يهودية وديمقراطية". يجب ان يكون القاسم المشترك مؤسسا على مبادىء ديمقراطية لا يمكن الاعتراض عليها. وليس الحل بالمراوغة القضائية على هيئة قرار المحكمة العليا الذي أجاز وجود "خطوط النقل للمتدينين بصورة طوعية" – وهو قرار أيد استمرار ابعاد النساء تحت قناع التنور الليبرالي. ان المطلوب من الجهاز السياسي هو انشاء ائتلاف مركزي قوي يحدد بصورة حازمة الخطوط الهيكلية للتأليف الصحيح بين التراث اليهودي والدولة الديمقراطية في العقود التالية. ان الأكثرية الاسرائيلية – العلمانية والمحافظة والمتدينة القومية بل الحريدية المعتدلة – تتمنى رسم هذه الخطوط الهيكلية التي ستدافع عن طابع الدولة مع احترام الهوية وحاجات كل المجموعات من الجمهور.